التزمت الدولة منذ عقود سياسة دعم المواد الأساسية بدءاً من الخبز وصولاً للكهرباء والمشتقات النفطية، وشكّل الدعم الحكومي بأشكاله المختلفة جزءاً أساسياً من سياسة الدولة، وقد تضمنت اعتمادات الموازنة العامة للعام 2022 البالغة 13325 مليار ليرة سورية نحو 5529 مليارليرة للدعم الاجتماعي توزعت على المشتقات النفطية والدقيق والسكر والرز التمويني ودعم الإنتاج الزراعي.
في ضوء شحّ الموارد والتحديات والظروف الاقتصادية الصعبة والأعباء الكبيرة، وفي ظلّ الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على سورية وشعبها وسنوات الحرب التي أرهقت الخزينة وما خلفته من تدمير وتخريب وإرهاب ممنهج طال البشر والشجر والحجر، أصبح من الصعب الاستمرار في تحمّل التكاليف الكبيرة وأجور الشحن والنقل وتمويل التكلفة المرتفعة لبرامج الدعم التي تتحملها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية والمواد الأساسية كالقمح، فكان لابدّ من مواجهة تزايد هذه الأعباء والنفقات، وذلك من خلال إجراء مقاربة لتصويب وترشيد الدعم الذي بات يشكل عبئاً على الموازنة العامة من خلال التخفيف من قيمة فاتورتة المتزايدة سنوياً، وتوجيه بعض الوفر المتحقق منه لدعم شريحة موظفي الدولة ومتقاعديها والفئات الأكثر هشاشة بالمجتمع.
تصويب الدعم وهيكلته ونجاحه في أن يؤدي الغرض المطلوب منه مرهون بجملة من الإجراءات وفي مقدمتها تصحيح الرواتب والأجور، و ضبط عمليات الاستهلاك والتوزيع للسلع والخدمات المدعومة وأتمتها، ووضع حد لمشكلة التهريب والحد من الفساد الموجود في الكثير من القطاعات بدءاً من محطات توزيع الوقود والأفران والمخابز، حيث يتم تهريب الخبز والوقود والمتاجرة بها في السوق السوداء، بالإضافة لضرورة وقف الارتفاع الجنوني والزيادات المضطردة للأسعار والتي لا تتناسب على الإطلاق مع مستوى الدخل، وزيادة الإيرادات عبر مكافحة التهرب الضريبي الكبير، والعمل على تخفيض وترشيد الاستهلاك والهدر والإنفاق غير المبرر وتوفير شبكات الحماية الاجتماعية، والأهم من ذلك كله هو أن لا ينعكس رفع الدعم سلباً على منظومة قطاع النقل حتى لا يتسبب بموجة جديدة من الغلاء ورفع الأسعار.
رغم تأكيد الكثير من المعنيين وتصريحاتهم بأن الدعم الاجتماعي هو سياسة ثابتة للدولة ولن تتخلى عنه، إلا أن ما يحدث على الأرض يجافي الحقيقة، فالكثير من الناس بدأ يساورهم القلق من أن تكون هذا الخطوة هي بداية في سلسلة لسحب بساط الدعم بالمطلق و لكن بطريقة ناعمة.
أروقة محلية- بسام زيود