أبواب دمشق القديمة .. نوافذ إلى عوالم أسطورية

الملحق الثقافي:نجلاء الخضراء :

 أبواب دمشق في معظمها آرامية، قامت على أنقاضها أبواب يونانية، فكان اليونان يقيمون عندها القرابين في الأعياد السنوية، إلى أن جاء الرومان وأعادوا بناءها على أساس فلكي.
اعتقد الرومان كما البابليون بالكواكب وسيطرتها على حياتهم، وقدرتها على حماية مدينتهم، فراحوا يبنون مدنهم ويقيمون هندستها، معتمدين على حركة الكواكب فيها، فكان لكل مدينة شارع رئيسي يشقها إلى شقين، وينتهي كل طرف منه بباب، وهو عادة أكبر الشوارع وأوسعها، وتتفرع عنه شوارع ومداخل أصغر.
اعتاد الرومان على توجيه الشارع من الشرق إلى الغرب، فقد كانوا يخصون بابه الشرقي لاسم إلههم الأكبر الشمس، وبابه الغربي لاسم ابنه زيوس، لكي يحفظ كل منهم المدينة ويصونها ويدافع عنها ضد عاديات الزمن. أما باقي الأبواب فكانوا ينسبونها إلى إله يحميها. وكانت هذه الآلهة من الكواكب السيارة التابعة للشمس، والتي عبدوها وقدسوها بمعبد أنشئ بجانب الباب، وخصص لعبادة آلهة هذا الباب.
الباب الأول: وهو الباب الشرقي، رمز له بالإله هوليوس الذي صور على شكل راكب عربة تجرها أربعة خيول، وحول رأسه هالة مستديرة تنبعث منها حزم النور، ويقابله عند الرمان إله الشمس سول.
الباب الثاني: باب كيسان، الذي نسب إلى كوكب زحل، وهو إله الزمن والزراعة واسمه كورنوس. ويمثل بصورة رجل يحمل المنجل وبجانبه رزم من سنابل القمح، وهو عند الرومان ساتورن.
الباب الثالث: باب الصغير، ونسب إلى كوكب المشتري، ورمز إلى كبير آلهتهم زيوس، وهو إله السماء والأمطار والريح والصاعقة. يصور على شكل إله يعتلي العرش وبيده رمح الصاعقة، وهو عند الرومان جوبيتر، وتساوى مع الإله بعل في الفترة الهلنستية.
الباب الرابع: باب الجابية، وينسب إلى كوكب المريخ، ويرمز إلى إله الحرب آريس، وهو ذو قامة ضخمة وصوت قاصف كالرعد. هو إله الخوف والرعب، وأصبح إله الحرب الروماني مارس.
الباب الخامس: باب الفراديس، وينسب إلى عطارد، وهو رسول الآلة(1) عند اليونان واسمه هرمس، وهو إله الفطنة الحيلة والتجارة والفصاحة واللصوصية واختراع الآلة الموسيقية والموازين والمقاييس وأحرف الهجاء. وهو عند الرومان ميركوري.
الباب السادس: باب توما، وينسب إلى كوكب الزهرة، ويرمز إلى إلهة الحب والجمال والتوالد أفروديت ومعناها باليونانية الوردة الفرحة، وترسم بصورة فتاة جميله مكللة أحياناً بإكليل الورد وهي عشتروت عند الفينيقيين.
الباب السابع: باب العمارة المسدود، ويرمز إلى القمر وينسبونه إلى الإلهة سيلينا. وتروي الأساطير أنها كانت تخرج من المحيط لتعبر الفضاء على عربتها الفضية تجرها الثيران أو الخيول البيضاء، وهي عند الرومان لونا.
وهذه بعض المعتقدات القديمة التي تتعلق بعدد أبواب مدينة دمشق وبتصميمها:
1- الرقم سبعة، وقد تم تداول هذا الرقم في مختلف الديانات والحضارات حتى الحديثة منها.. وإنشاء اليونان للأبواب السبعة، لم يكن اعتباطياً في حال حتمية بنائهم لسور المدينة، فهذا الرقم يرمز إليه بالكمال في معتقداتهم، وهو رقم مقدس للديانات الوثنية القديمة وشعوب الشرق الأقصى في حال كانت تلك الأبواب من إنشاء الآراميين.
يرمز الرقم سبعة عند اليونان إلى الجمع بين السماء والأرض، والمبدأ النسائي بالمبدأ الذكوري، والعواصف المظلمة بالنور، وهو عدد الإله أبولو أوسع الآلهة نفوذاً ورب الجمال الرجولي والطب والموسيقى وحامي الرماة، فقد ولد في اليوم السابع من الشهر، وعمده الإله أخيل تحت اسم القيصر. الإله السابع إله البوابة السابعة، وكانت أعياده تقع دوماً في اليوم السابع من الشهر. وكان في قيثارته سبعة أوتار. وعند مولده دار الإوز المقدس سبع دورات حول الجزيرة العائمة. وفي الأساطير اليونانية والإلياذة أكثر من الكثير حول الرقم سبعة(2).
2-وكان من حكماء اليونان الذين رافقوا الغزو البيزنطي من اتخذ على باب الجابية صورة إنسان مطرق الرأس كالمتفكر. وكان من أعماله أنه إذا دخل شخص ما إلى دمشق يريد بأهلها سوءاً، فإن ذلك التمثال يصدر أنيناً يحدث في الباب صريراً فيعلم به حراس الباب(3).
3-كان هناك دبوس حجري يتدلى من سقف باب السلام، يشير سقوطه إلى مجيء يوم القيامة(4).
هكذا لعب سور دمشق وأبوابها دور حماية المدينة وتنظيم الدخول والخروج منها، فكانت الأبواب تفتح وتقفل بحسب الحاجة.
………..
المراجع
(1)الشهابي قتيبة، المرجع السابق، ص93-229
(2)الشهابي. قتيبة، المرجع السابق،ص34
(3) الخير. هاني، طرائف وصور من تاريخ دمشق، دمشق مؤسسة النوري،1989، ص23
(4)ولتسنجر.كارل، المرجع السابق، ص391

التاريخ: الثلاثاء15-10-2019

رقم العدد : 969

آخر الأخبار
سوريا: التوغل الإسرائيلي في بيت جن انتهاك واضح للقانون الدولي محافظ درعا يحاور الإعلاميين حول الواقع الخدمي والاحتياجات الضرورية جامعة إدلب تحتفل بتخريج "دفعة التحرير" من كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال وزارة الداخلية تُعلق على اقتحام الاحتلال لبيت جن: انتهاك للسيادة وتصعيد يهدد أمن المنطقة شريان طرطوس الحيوي.. بوابة سوريا الاستراتيجية عثمان لـ"الثورة": المزارع يقبض ثمن القمح وفق فاتورة تسعر بالدولار وتدفع بالليرة دور خدمي وعلاجي للعلوم الصحية يربط الجامعة بالمجتمع "التعليم العالي": جلسات تعويضية للطلاب للامتحانات العملية مكأفاة القمح.. ضمان للذهب الأصفر   مزارعون لـ"الثورة": تحفيز وتشجيع   وجاءت في الوقت المناسب ملايين السوريين في خطر..  نقص بالأمن الغذائي وارتفاع بتكاليف المعيشة وفجوة بين الدخول والاحتياجات من بوادر رفع العقوبات.. إبراهيم لـ"الثورة": انخفاض تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني وسط نمو مذهل للمصارف الإسلامية.. الكفة لمن ترجح..؟! استقطاب للزبائن وأريحية واسعة لجذب الودائع  إعادة افتتاح معبر البوكمال الحدودي مع العراق خلال أيام اجتماع تحضيري استعداداً للمؤتمر الدولي للاستثمار بدير الزور..  محور حيوي للتعافي وإعادة الإعمار الوط... حلم الأطفال ينهار تحت عبء أقساط التعليم بحلب  The New Arab : تنامي العلاقات الأمنية الخليجية الأميركية هل يؤثر على التفوق العسكري لإسرائيل؟ واشنطن تجلي بعض دبلوماسييها..هل تقود المفاوضات المتعثرة إلى حرب مع إيران؟ الدفاع التركية: هدفنا حماية وحدة أراضي سوريا والتعاون لمكافحة الإرهاب إيران.. بين التصعيد النووي والخوف من قبضة "كبح الزناد" وصول باخرة محملة بـ 8 آلاف طن قمح الى مرفأ طرطوس