الملحق الثقافي:
يرى جان جاك روسو في «العقد الاجتماعي» بأن انتقال الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة المجتمع ينتج عنه تغيير واضح، إذ تحل العدالة محل الغريزة في تصرف الإنسان، وتصبح أفعاله أخلاقية من صنعه هو، أي أنه يبدأ باستخدام عقله للوصول إلى صيغة أفضل للعيش، يمكنه عبرها أن يتخلى عن غرائزه وميوله. إن ما يخسره الإنسان في العقد الاجتماعي هو حريته الطبيعية، ويربح مقابلها حريةً مدنية، وبالتالي سيفقد حريته الأنانية، لكي يحصل على الحرية العاقلة، وهنا يميز روسو بين الحرية الطبيعية والحرية المدنية التي تحددها الإرادة العامة. ويميز كذلك بين الملكية التي ليست إلا نتيجة القوة، وبين الملكية التي لا يمكن أن تكون إلا على وثيقة وضعية. في حالة الاجتماع، يكتسب الإنسان الحرية الأخلاقية التي تجعل الإنسان سيد نفسه حقاً، ذلك أن الاندفاع بحافز الشهوة وحدها عبودية، بينما الانصياع للقانون الذي سنه المرء لنفسه هو الحرية. وهكذا فإن مفهوم الحرية وفق القوانين الاجتماعية، هي حرية أسمى من الحرية الطبيعية.
صدر كتاب «العقد الاجتماعي» للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو في طبعة جديدة، عن دار الرافدين في بيروت، ترجمة: عادل زعيتر.
نشر كتاب «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو سنة 1762، وكان بذلك إعلاناً عن قوة تفكيره ووصوله إلى مقام عالٍ. والواقع أن «العقد الاجتماعي» يشتمل عملياً على نظريته السياسية كلها. فقد وضع روسو هذا الكتاب في وقت كان من الخطر البالغ أن يجاهر الإنسان بأي رأي حرّ. فكان روسو جريئاً في كل ما أبداه، وقد هاجم العبودية وعدم المساواة، وناضل من أجل حقوق الإنسان، وقال إن هدف كل نظام اجتماعي وسياسي هو حفظ حقوق كل فرد، وإن الشعب وحده هو صاحب السيادة وهو الذي يقرر مصيره.
وكان الكتاب يهدف إلى النظام الجمهوري، فتحقق هذا النظام بالثورة الفرنسية بعد ثلاثين سنة حين اتخذ «العقد الاجتماعي» إنجيل هذه الثورة. يقوم مذهبه على كون الإنسان صالحاً بطبيعته، محباً للعدل والنظام، فأفسده المجتمع وجعله بائساً. وقال روسو أيضاً إن التملك جائر؛ لأنه مُقتطعٌ من الملك الشائع الذي يجب أن يكون خاصاً بالإنسانية وحدها.
التاريخ: الثلاثاء15-10-2019
رقم العدد : 969