تتوالى فصول العدوان التركي على الأراضي السورية، وتتكشف معها المزيد من الشواهد والأدلة على أن التعاون والتنسيق بين أقطاب محور دعم الإرهاب لم يتوقف، وإنما يزداد في درجاته بأشكال أخرى، بهدف تأخير موعد إعلان الدولة السورية نصرها الكامل على الإرهاب وداعميه، لا سيما أن ثمة تقدم في مسار الحل السياسي كان قد سبق العدوان الذي يشنه نظام أردوغان تحت ذرائع واهية.
إدارة ترامب أعطت الضوء الأخضر لبدء العدوان، رغم نفيها خوفا من التداعيات التي تفرضها غالبا التناقضات السياسية الداخلية لدى دوائر القرار الأميركي، وهذا ما حصل بالفعل، وتجسد بسيل الانتقادات اللاذعة من قبل معارضي الانسحاب المزعوم لقوات الاحتلال الأميركي، ولكن الشراكة الأميركية الفعلية في العدوان التركي تتضح من خلال العديد من التفاصيل المرافقة لعملية الغزو التركي.. والتخلي المتعمد عن أدوات انفصالية انتهت صلاحيتها ليست سوى تفصيل صغير، والاتفاق الأخير بين واشنطن والنظام التركي حول وقف العدوان لخمسة أيام، تفصيل آخر، لأن نظام أردوغان لم يلتزم كعادته، ويمنع الطرف «الملفوظ» أميركيا من الانسحاب وفق ما نص عليه الاتفاق، وسيصار حتما إلى تحميل ذاك الطرف المسؤولية، ليكون ذلك ذريعة أميركية تركية لمواصلة العدوان، ولعل أهم تفصيل في مجريات التعاون والتنسيق هو ما تم الكشف عنه لجهة وضع الولايات المتحدة 21 مجموعة إرهابية سبق أن دربتها ومولتها تحت إمرة قوات الاحتلال التركي، وبالتالي تكون ادارة ترامب شريكة بشكل مباشر في العدوان عبر مرتزقتها على الأرض، ولهذا الأمر حسابات كثيرة بين شركاء الإرهاب في مرحلة ما بعد العدوان.
الأداة الداعشية التي احتفظت بها واشنطن، وأمنت لمرتزقتها الملجأ الآمن سواء فيما يسمى بمخيمات الاحتجاز، أم من خلال نقل المئات من متزعمي التنظيم الإرهابي إلى جهات مجهولة، يتم الترويج لعودتها اليوم، وهذا يتضح بشكل جلي من خلال تحذيرات واشنطن، ومعها الدول الأوروبية التي رفضت استقبال إرهابييها ومحاكمتهم.. ومسارعة نظام أردوغان لتهريب مئات الدواعش من مخيمات الاحتجاز في رأس العين واستقدامهم إلى المناطق التي يحتلها بقصد دمجهم مع التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تقاتل في صفوف جيشه المحتل، تشير بشكل أو بآخر إلى وجود اتفاق سابق بين أقطاب منظومة العدوان على الاحتفاظ بأولئك الإرهابيين، لمعاودة الاستثمار في جرائمهم لاحقا، ويبدو أن الوقت قد حان لذلك، وهذا يفسر معنى السيل الجارف من الإدانات الأميركية والأوروبية للعدوان، ولكن من دون الإقدام على أي إجراء فعلي من شأنه وقف عدوان نظام أردوغان، ما يعني موافقة ضمنية على استباحة قوات الاحتلال التركي الأراضي السورية أولاً، وعلى كل الجرائم الوحشية التي ترتكبها بحق المدنيين ثانياً.
فصول الحرب الإرهابية على سورية تأخذ أكثر من منحى، ولكنها لن تصل في النهاية إلى أهدافها المرسومة، ونحن اليوم نشهد خواتيم تلك الحرب، والسوريون وحدهم من يكتبون نهايتها بدحر الإرهاب، والقوات الغازية المحتلة معا، ووقت تلك النهاية بات قريباً.
كتب ناصر منذر
التاريخ: الأحد 20-10-2019
الرقم: 17102