هدم الاستراتيجيات لا تغييرها

 في رُبع الساعة الأخير من الحرب العدوانية على سورية تعتقد قوى العدوان أنها ما زالت قادرة على تغيير استراتيجياتها من خلال التكتيك والمُناورة، أو من خلال إعادة تدوير النفايات الإرهابية، بينما الوقائع التي يَفرضها الجيش العربي السوري وحلفاؤه تؤكد أنه لا سبيل لذلك، وأنّ قوى العدوان مُرغمة، ومُجتمعة، ستَجد نفسها أمام أحد خيارين: فإما أن تَهدم بيدها استراتيجياتها وتَنكفئ، وإما أن تُراقب الطرف الآخر وهو يُجهز عليها.
لا نُحلق في فضاءات اللاواقع، كما يفعل أردوغان وترامب ونتنياهو، وإنما نُعيد تشكيل الخرائط والوعي، ونَرسم باقتدار المُعادلات الجديدة التي ستَحكم العالم ربما لحقبة طويلة، دليلُنا في ذلك بسيط غير مُعقد بمقدور كل متابع أن يَتلمسه ويَقبض عليه بمجرد أن يُجري مُراجعة هادئة لما قالته سورية منذ البداية، وبالمُقابل لما تَوهمته قوى العدوان!.
مُفردات البيان السياسي والعسكري السوري بقيت ثابتة على امتداد سنوات العدوان: دحرُ الإرهاب واجتثاثه، تحريرُ الجغرافيا السورية حتى آخر شبر من رجس التكفيريين والمُعتدين الآخرين دولاً وكيانات راكمت الكثير من أدلة انخراطها بدعم وتمويل واحتضان فصائل الإرهاب وخلاياه وتنظيماته.
المُفردات الوطنية السورية المُترجمة فعلاً بطولياً على الأرض، حفاظاً على السيادة والوحدة والاستقلال، قد بقيت ثابتة راسخة، وقد أنتجت الناجز العظيم سواء بإغلاق بؤر الإرهاب وتفكيكها، أم بإقفال ملفات الاستهداف الأخرى. ذلك على التوازي مع عدم تقديم أيّ تنازلات على مَسارح المواجهة الشرسة الجارية، الميدانية منها والسياسية.
بالمُقابل، ما حال الطرف الآخر؟ كم مرّة تَغيّر خطابه، مُفرداته وأجنداته، تَكتيكاته واستراتيجياته؟ كم مرّة تَغيّرت التحالفات داخل منظومة العدوان وتحالفه؟ كم مرّة وصل به الأمر للتفكك من بعد الخلافات والسجالات والتهديدات المُتبادلة – واشنطن أنقرة أنموذجاً – وكم مرّة مارس الاجترار بما صار مُقززاً لا يمكن اجتراره؟ وهل فعل ما فعل إلا مُرغماً مُجبراً؟.
في ربع الساعة الأخير وقُبيل اكتمال الهزيمة، يَتوهم تحالف العدوان الذي تقوده واشنطن أنه ما زال مُتاحاً التحرك باتجاه تحقيق ما جرى التخطيط له رغم ضيق مسرح المواجهة – إدلب ومنطقة الجزيرة السورية – ورغم الهوامش التي قَضمتها اتفاقات وتفاهمات أستانا وسوتشي، ولذلك فإنّ ما شهدته اجتماعات جنيف بالتزامن مع ما يَجري على الأرض في إدلب والجزيرة ما هو إلا حركة العاجز المُفلس قبل إعلان عجزه وإفلاسه.
استراتيجيات الاستهداف الأميركية الصهيونية مُتعددة الأذرع الوهابية والإخوانية، يَعرف أصحابها كيف تَهدّمت ولماذا، وربما لأن الشُّركاء في وضعها وترتيبها باتوا يُدركون أنها صارت غير صالحة للتعديل أو التغيير يَستميتون لفعل يُغيّر بالنتائج، يُخفف منها، أو يُعطل مَفاعيلها التي ستتجاوز حدود المنطقة والإقليم.

علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 11-11-2019
الرقم: 17119

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي "لمسة شفا" تقدّم خدماتها الصحية والأدوية مجاناً بدرعا مشاريع خدمية بالقنيطرة لرفع كفاءة شبكة الطرق تطويرالمهارات الإدارية وتعزيز الأداء المهني بعد تدخل أردني وتركي..الأمم المتحدة تدعو لدعم دولي عاجل لإخماد حرائق اللاذقية متابعة التحضيرات النهائية لانطلاق امتحانات "الثانوية" في ريف دمشق