رأي… أقــــــلام « رصاص».. بمفـــردات الخيانــــــــة

«لا شيء أسوأ من خيانة القلم، فالرصاص الغادر قد يقتل أفراداً، بينما القلم الخائن قد يقتل أمماً».
مقولة للطبيب والسياسي والكاتب الأرجنتيني-الكوبي «تشي غيفارا» الذي لم يكن وحده من أدان الأقلام القاتلة برصاص مفرداتها. ذلك ان كُثراً من كتَّاب ومفكري العالم كانوا قد أشاروا إلى خطورة هذه الأقلام، قائلين عن خيانتها:
«يُخيّل إلى القلم الأعمى، أن ما يُكتب به، هو وهمٌ لا حقيقة، وأن الكتابة خالية من أي معنى»..
إنه قولٌ، ما أطلقهُ الشاعر والحكيم الهندي «طاغور» للتعبير عن مقدار العماء الذي تؤول إليه المجتمعات التي يُشهر مثقفوها أقلامهم، ليدونوا الموروث والخشبي والخائن والتابع من آرائهم وأفكارهم.. الأفكار التي هي شريكة كلّ ظلامٍ يتآمر على النور، والفتنة التي تستبيح الحياة والعقول.. أيضاً، شريكة الحقد وأداة قتله الشيطانية، وعدوّة المحبة ورسل الإنسانية.
الرسل الذين أبوا وعلى مدى دأبهم لإضاءة الحياة، إلا السعي للارتقاء بحكمة الكلمات.. أبوا ما أباه كل مبدع استلَّ قلمه وكتبَ بحبرِ الضمير، ما يجعل حكمته لا تفنى أبد البقاءِ والمصير. بقاءُ البصيرة الإبداعية، ومصيرُ الحياة الحضارية.. بصيرة مبدعٍ كـ «جبران خليل جبران» ومصير حياةٍ خاطب فيها القارئ الإنسان: «يغمسون أقلامهم في دماءِ قلوبنا، ثمَّ يدَّعون الوحي والإلهام.. ليس من يكتب بالحبرِ، كمن يكتب بدمِ القلب».
كل ذلك، جعل القلم يُحيي أو يميت.. يُحيي بما تمليهِ عليهِ أخلاق صاحبه، ويُميت فلا يبقى إلا الإثم الذي ارتكبهُ.. يُحيي كما أحيا الأديب والشاعر المصري «عباس محمود العقاد» في «حياة قلم». الكتاب الذي اعترف فيه ورغم منغصات الكتابة وما فيها من ألم:
«منذُ بلغت سن الطفولة وفهمت شيئاً يسمى المستقبل، لم أعرف أملاً في الحياة غير صناعة القلم، ولم تكن أمامي صورة لهذه الصناعة أول الأمر، غير صناعة الصحافة.. أسأل نفسي الآن كما سألتها من قبل: لماذا اخترت هذه الصناعة دون غيرها في طفولتي، وجعلتها أملاً من آمال الحياة الكبرى، بل أمل الحياة الأكبر؟..».
هكذا يُحيي القلم الحياة، مثلما يحيي مبدعه. أما بالنسبة للقلمِ الخائن، فهو الذي يقتل الحق والخير والجمال والحقيقة والوطن، بل وحرفه.
إذاً، ما نحتاجه لنرتقي فكراً وحياة وإحساساً وإنسانية، قلمٌ كذاك الذي رأى الأديب المصري «توفيق الحكيم» بأنه: «قلمٌ كالجواد ينطلق من تلقاء نفسه كالطائر المرح، دون أن يحرن ويثب على قدميه، رافضاً أن يتقدم كأن أمامه أفعى رافعة الرأس»..
أيضاً، كذاك الذي أشار الفيلسوف العربي «الجاحظ» إلى كونه: «القلم مطلق في الشاهد والغائب، وهو للغابر الكائن مثله للقائم الراهن..».
أخيراً، لا يسعنا إلا التذكير بما أورده الكاتب المصري الساخر «المازني» في مقالته «متاعب الطريق» التي ضمّنها كتابه «قبض الريح» وفيها ما يبين أخلاقيات الكتابة بقلمِ الأديب الشبيه: والأديب شبيهٌ بالعاشق، يعرض له الخاطر فيستهويه ويسحره ولا يجري في باله في أول الأمر شيء من المصاعب والعوائق، ولا يتمثّل له سوى فكرته التي اكتظّت بها شِعاب نفسه، ولا ينظر إلا إلى الغاية دون المذاهب، ويشيع في كيانه الإحساس بالأثر الذي سيحدثه، وقد يتصوّر الأمر واقعاً ولا يندر أن يتوهّم أنه ليس عليه إلا أن يتناول القلم، فإذا به يجري أسرع من خاطره، وإذا بصاحبه قد طَبَق ذكره الخافقين وسار مسير الشمس في الشرق والغرب وخُلِّد أبدا…»..
هفاف ميهوب

التاريخ: الخميس 16- 1 -2020
رقم العدد : 17170

 

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص