زمن يشبه رجل الصمت

 

الملحق الثقافي:منال محمد يوسف:

 هذا الزمن، يبدو وكأنّه يُشبه رجل الصمت،
إذ يمشي على جمر الأيام أو ثلج الأحزان ويقول ُ الأمرُ سيّان نمشي وكأننا حفاة الأقدار، أو كذاك الطفل «طفل الأزليّة والأبدية معاً» الذي ينطق قائلاً: إنّني لا أشتكي السّقمَ وفقر الحال.. إنّنيّ أعشق المحال، هكذا يجب أن ننسج الأشرعة، بعضها من خيوط الشمس، وبعضها الآخر من خيوط الجراح. هكذا كُتب في رواية ما، تحمل شوق الأزليّة، تحمل تواريخ عشقٍ لحياةٍ ما..
أرى الزمانُ يتّكئُ على ذكريات زنوبيا أو التاريخ وأعمدة الشروق العظيم. أرى الزمان يتّكئُ على جمالٍ، يُقال بأن سنين الحرب قد شوّهته، قد سرقت بعض معالمه، ولكن هل تصحُّ تلك المقولة وتنام الشمس في عباءة التعبِ؟ وهل تحفظ ُ نشيدها جيداً وتصون ما تبقى من أنوار الوعدِ؟ وهل ينامُ الإشراق يوماً، ويقول الزيتون: هل ينسى الطور والسنين فلسفتهما؟ وكيف يكون ذلك إذ ما سما هذا البلدُ والاسم الأمين؟
مُتعبُ هذا الزمان وقته ثائر، وريحه وهّاجة الحنين، يُرسمُ كشمسٍ خيولها ترنو إلى العلياء، ترنو حكايات خطّها الأزل منذ التاريخ، وعهوده الأولى، منذُ صحوة الشروق والغروب وقد ولدَ هناك رجالاً وأبطالاً ولدوا، ولكن أين عناوينهم الآن؟ «ولدوا» وولد الشروق معهم وعنوانه خُطَّ فوق الأفق، «مُتعبُ الأقدار»، ومنذ زمن نبحثُ عن البحر والملاح، عن نظريات ترسو فوق سطح الماء أو سطح الأيام. منذُ زمن نودع الشيء أصائل ودّه، نودع استرسال حاله وأشياء ربّما يطيبُ ذكرها الآن.
مُتعبُ الأقدار يبدو شموخنا. وهل له أن يشيخ؟
تشيخ جمله الواقفات في بداية كلّ حكاية وفي نهايتها أو ياء الانتهاء، أو ألف البداية أو الانطلاق، حيث تبدأ حكايتها من ألف ميل وحتى شوارد الزمن الآخر.
مُتعبُ الأفكار ذاك العجوز الذي يقارب كلّ قلاع العالم شموخاً، يقاربها عناوين مشرقة، تبدو مقامات الوردِ وشامخاتِ الشعر.
مُتعبُ النداءات هو صوت الأيام، جلجلة وعدها وفلسفة نطقها. يبدو عجائبي الأمرِ، يبدو متعب الاصفرار وكأنّه الخريف يدقُّ على جميعِ الأبواب، ولا يخجل من فلسفاته، ومقولاته القويمة.
مُتعبُ من حائط أو ساتر ترابي يروي لنا كيف استشهد الأخوان هنا؟ يروي لنا كيف تسمو الأقدار بهما، وبأنوار من رحلوا؟ وبقي ذلك اليتيم يبحثُ عن كسرة خبزٍ، أو كسرة محبةٍ صادقة صدوقة.
هكذا يبدو حالنا مع ذاك القلم الذي يكتبُ شعراً، ولا يؤمن بما يكتب، وذاك الذي يرسم وطناً ويهرب منه أثناء عاتيات العواصف.
وتبدو الأقدار مُتعبة من بوح المحبة إذ لم يُقدّس اسمها، ويعلو شأنها، إذ لم تُطّرز خواتمها بطيب الكلام، وفلسفات النداء وحبقه المُشتعل بأسرار وغرائبية الأزمان وكلاميات عشق تائهة الألفاظ، تائهة التعجب الآتي ربّما من هذا الزمان يبدو كرجلٍ صاغ رواية الأزمان، صاغ قرنفلة نبتت مع تواريخ الأقدمين والأوّلين، وسنبلها ما يزال يبحثُ عن قداسة البلُد الأمين.
مُتعب كذاك الليل الذي أودعَ فرسانه في سماءِ البُعد، أودعَ كلَ أنواره بين قوسيّ العهدِ القديم والجديد وصافحها أبجديّات يمشي إليها قمرُ الأحزان أو فراته، وبحرهما الأجاج، كأنهما حكاية الطين والطوفان الأول والسفينة الأزليّة التي تمخر في عُباب الوجود كُلّه، تمخر قربه وبُعده وحكايات ذابلاتِ العطرِ تمتدُ منه وإليه وتؤطر وعده، وتُشكّل منهجية عهده الأزليّ، تمخرُ أزليّةً تنادي درّة الشروق وما نبتغي الوصول إليه. تنادي زمناً ليس «مُتعب الأقدار».

التاريخ: االاثنين27-1-2020

رقم العدد : 984

آخر الأخبار
مشاريع صناعية تركية قيد البحث في مدينة حسياء الصناعية تطوير القطاع السياحي عبر إحياء الخط الحديدي الحجازي محافظ درعا يلتقي أعضاء لجنة الانتخابات الفرعية تجهيز بئر "الصفا" في المسيفرة بدرعا وتشغيله بالطاقة الشمسية توسيع العملية العسكرية في غزة.. إرباكات داخلية أم تصدير أزمات؟. "الذكاء الاصطناعي" .. وجه آخر  من حروب الهيمنة بين الصين و أميركا الجمعية السورية لرعاية السكريين.. خدمات ورعاية.. وأطفال مرضى ينتظرون الكفلاء مدارس الكسوة والمنصورة والمقيليبة بلا مقاعد ومياه وجوه الثورة السورية بين الألم والعطاء يطالبون بتثبيت المفصولين.. معلمو ريف حلب الشمالي يحتجّون على تأخر الرواتب تقصير واضح من البلديات.. أهالٍ من دمشق وريفها: لا صدى لمطالبنا بترحيل منتظم للقمامة ماذا لو أعيد فرض العقوبات الأممية على إيران؟ "زاجل" متوقف إلى زمن آجل..مشكلة النقل يوم الجمعة تُقّيد حركة المواطنين في إدلب وريفها الدولة على شاشة المواطن..هل يمكن أن يرقمن "نيسان 2026" ثقة غائبة؟ تعزيز الشراكة السورية- السعودية في إدارة الكوارث بين الآمال والتحديات.."التربية" بين تثبيت المعلمين وتطوير المناهج "العودة إلى المدرسة".. مبادرة لتخفيف الأعباء ودعم ذوي الطلاب "بصمة فن" في جبلة.. صناعة وبيع الحرف اليدوية إسرائيل تبدأ هجوماً مكثفاً على غزة المشاريع السعودية في سوريا.. من الإغاثة الإنسانية إلى ترسيخ الحضور الإقليمي