بالأمس القريب.. وبالتحديد في تاريخ 28/1/2020 جرى احتفال.. تبعه تصفيق حاد على جريمة ذبح الشعب العربي الفلسطيني.. وسرقة ما تبقى من أرضه في البيت الأبيض الأميركي في واشنطن، حضره (بنيامين نتنياهو) رئيس وزراء العدو الصهيوني المنصرف و (دونالد ترامب) رئيس الولايات المتحدة الأميركية وجمع من الحضور وبعض من ممثلي الدول العربية أعلنت من خلال ذلك ما سمي بـ (صفقة القرن).. صفقة القرن هي ترجمة أميركية لوعد بلفور الصادر عام /1917/ الذي أعطى وطناً قومياً للصهاينة في فلسطين..
(حق ممن لا يملكه.. إلى من لا يستحقه..) وكذلك جاء تكريساً للشرق الأوسط الكبير.. الذي نادى به (شيمون بيرز) رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك بكتابه المعروف الذي يتضمن ملخصه.. أن لدى العرب الكثير من الطاقة والموارد النفطية والمال وكذلك العمالة (أي اليد العاملة) ولدى (إسرائيل) العلم والتقنيات المتطورة.. فيندمج هؤلاء مع أولئك ويتكون شرق أوسط جديد.. وينطلق.. وتكون فيه الرائد الأول هي (إسرائيل).
صفقة القرن.. هي تجاوز وتجاهل.. ومخالفة فاضحة لكل الأعراف والقوانين الإنسانية والدولية وشرعة الأمم المتحدة.. ولا سيما القرارات ذات الصلة ذوات الأرقام والتواريخ /181/ تاريخ 29/11/1947 والقرار /194/ تاريخ 11/12/1948 والقرار /242/ لعام 1967 والقرار /338/ لعام 1973 والقرار رقم /2334/ لعام 2014 الصادر أخيراً والذي ينص على عدم شرعية إقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أما القرارات السابقة الأخرى فجميعها تنص على انسحاب العدو الصهيوني من الأراضي العربية المحتلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم والتعويض عليهم وكذلك تحييد مدينة القدس من الصراعات.. والأهم من ذلك القرار رقم /273/ تاريخ 11/5/1945 الذي قُبل بموجبه (الكيان الصهيوني) عضواً في الأمم المتحدة بشرط تنفيذ القرار /181/ المتضمن تقسيم فلسطين والقرار /194/ المتضمن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.. وأصبح عضواً.. ولم يلتزم بذلك ونكث بهذا الشرط (وقد دُوّن هذا الشرط في محاضر جلسات الأمم المتحدة في دورتها الثالثة لعام 1949).
وكذلك خالفت (صفقة القرن) أحكام ميثاق الأمم المتحدة المادة الأولى منه التي تنص على مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.. ومنها الشعب العربي الفلسطيني الذي لم يُستشر بأي من مصير حقوقه.. وكذلك شطبت حقه في العودة إلى وطنه.
من هنا.. ينبغي اللجوء إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية التي تكون قراراتها ملزمة لإبطال هذه الصفقة استناداً للقرارات الدولية آنفة الذكر لأن قرارات مجلس الأمن في مثل هذه الحالة إذا صدرت تتعرض لحق النقض (الفيتو) من قبل أميركا لإبطاله.
صفقة القرن.. هي سلب وسرقة ما تبقى من الحقوق الفلسطينية وطمس لهذه الحقوق لإنهائها، وكذلك دعوة صريحة لتصفية القضية الفلسطينية، فهي صفقة مذلة، ومهينة للعرب والمسلمين.
فأين مصير الأقصى بموجب صفقة القرن؟؟.. فالأقصى يصبح وفقها بالتناوب زماناً ومكاناً بين الفلسطينيين والإسرائيليين هؤلاء يُصلّون يوماً.. والمسلمون يُصلّون يوماً آخر بالتناوب.. هكذا نصت بنود صفقة القرن..
فعاصمة فلسطين هي القدس.. وليس في القدس.. فلسطين ليست للبيع.. أو المزايدة.. أو التجزئة.. وهي لا تقبل القسمة على شعبين.. أو دولتين.. فلسطين.. هي فلسطين التاريخية بحدودها الطبيعية.. من البحر إلى النهر.
والعاصمة لفلسطين.. هي القدس.. وليس في القدس.. الصفقة تعني في القانون أن يكون هناك طرفان لها أي إيجاب من طرف يقابله قبول من الطرف الآخر.. وفي موضوعنا.. جاءت هذه الصفقة من طرف واحد.. الذي هو الأقوى.. وفرَضَ رأيه.. وقراره على الطرف الآخر الأضعف.. أي (عقد إذعان).
مخالفاً بذلك أحكام المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على مبدأ حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني الذي لم يؤخذ رأيه ولم يُسْتَشر بذلك..
كما نصت بنود صفقة القرن واشترطت على الجانب الفلسطيني أن يسحب جميع القضايا الجزائية المرفوعة لدى محكمة الجنايات الدولية بحق أفراد صهاينة أقدموا على ارتكاب جرائم مع الشعب الفلسطيني ومنهم الإرهابي (بنيامين نتنياهو).
فالمدعية العامة لدى محكمة الجنايات الدولية القاضية (فانوتابنسودة) قد قبلت لوائح اتهام قدمتها السلطة الفلسطينية للمحكمة بحق المجرمين الصهاينة.
القرارات الدولية التي ذكرناها آنفاً تصلح مطاعن لصفقة القرن يمكن إثارتها والاستناد إليها لدى الجهات المعينة في القانون الدولي حيث تُثار هذه القضية.
وبتاريخ 21/2/2020 عقد في مقر الجامعة العربية في القاهرة اجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب لمناقشة صفقة القرن وتداعياتها..
لم تكن قرارات الاجتماع الصادرة بذات اليوم على مستوى الحدث الذي من أجله عقد الاجتماع.. فصفقة القرن هذه لن تمر.. لأن ما أخذ بالقوة.. لا يسترد بغيرها.
قاضي محكمة الجنايات سابقاً
المستشار رشيد الموعد
التاريخ: الثلاثاء 4-2-2020
الرقم: 17184