هل تقرأ لي؟

 

 

زرعك اليوم، حصادك حين وقت قطف الثمار، في البشر، أو الشجر والحجر، وكل شيء وربما أكثر الزراعات صعوبة وحاجة إلى المتابعة، هي زراعة الإنسان والعمل على تربيته وتوجيهه منذ نعومة أظفاره إلى أن يغدو يافعاً قادراً على أن يكون فاعلاً في المجتمع الذي يعيش فيه، من هنا كانت الإستراتيجيات التربوية والقيمية تعنى جيداً بهذا الجانب التربوي، وتوليه القدر الكافي من العناية، تتابعه بكل صبر وأناة إلى أن يشتد العود، وتبدأ مسؤوليات أخرى من مؤسسات المجتمع، في التعليم العالي، أو غيره.
ولا ينكرنّ أحدٌ أن الدولة السورية قدّمت للطفولة ما لا يمكن أن يقدر بثمن، وتجاوزنا في الكثير من الجوانب دولاً كانت تعدّ نفسها في مصاف الدول المتقدّمة حضارياً، وتعليمياً، لم يبق طفل صغير خارج دائرة العناية به، تربوياً وصحياً، ومتابعة ملحّة، إلى أن كانت الحرب المسعورة على سورية التي استهدفت الجميع بلا استثناء، امتدت يد العدوان إلى المقدرات السورية كافة، مدارس وجامعات، وبنى تحتية، وغيرها.
وكانت الطفولة في رأس القائمة المستهدفة، عمل رعاة الإرهاب ومشغلوه على العديد من الخطط التي تستهدف الأجيال القادمة، فحين تحرم الطفل من مدرسته، أو منزله، أو أهله، فأنت تضعه في بؤرة أقل ما يقال فيها إنك ستقوده إلى الجانب المظلم الذي يعني أنه في يوم من الأيام سيكون وبالاً وشرّاً عليك، وعلى الوطن.
سورية التي خلت من شلل الأطفال بفضل جهود الرعاية الصحية، وخلت من أمراض أخرى كثيرة بفعل التحصين المسبق، مازالت ترعى وتحصّن وتعمل على مختلف الجبهات، وهذا بفضل مؤسساتها، وما تقدّمه للبنية الاجتماعية.
في هذه المرحلة الصعبة والحساسة من تاريخنا، وكفاحنا، ومقاومتنا، لا يمكن لأي مؤسسات مهما كانت كبيرة وضخمة أن تقوم بما يجب، ولاسيما أن الحصار كارثي وكبير، من هنا يجب على المؤسسات الأهلية القيام بدور مهم وفاعل في توجيه وتربية الجيل، ودفع أطفالنا إلى المدارس، لا العمل على استقطابهم ليكونوا (صبية) عند صاحب مصلحة ما، انتشرت هذه الظاهرة كثيراً، عند كل صاحب مصلحة تجد طفلاً ترك المدرسة، يكلف بما لا يطاق، أمس بمكان قريب، طفل يقترب مني وعلى وجهه مسحة حزن وخجل: (عمو ممكن تقرأ لي شو مكتوب هنا..)؟
نعم، فعلت ذلك، بعمر الورد هذا الطفل الذي ربما لا يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، يهرع مسرعاً، سأبدل ما معي، ليس الذي أوصاني عليه معلمي، أطفال بعمر الرياحين، يتم استغلالهم بأبشع الصور، يخرجون من المدارس إلى سوق العمل الرخيص من مستغليهم، هذه الظاهرة التي يجب أن تقمع بقوة، لا يمكن لمؤسسات الدولة وحدها فعل ذلك، بل هي مسؤولية جماعية، ولا أحد منّا خارج دائرتها، ولاسيما من يؤسسون جمعيات تحت مسميات الرعاية الاجتماعية والإنسانية.
ديب علي حسن

 

التاريخ: الجمعة 21 – 2 – 2020
رقم العدد : 17198

 

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً