في الحروب والأزمات والكوارث لا تقاس الخدمات المقدمة للمواطنين في أي مكان في العالم وفقا للاحتياجات ولا يمكن أن يتم النظر إلى الأداء مقارنة بالخطط والبرامج المقررة سابقا . من هنا تبدو أهمية الرؤية الموحدة لواقع الحال وفقا لظروف الأزمات وتداعياتها وصولا إلى التفكير الجمعي بأساليب مواجهة كل أزمة وتداعياتها.
نقول ذلك اليوم بتفهم أكثر لهذه المسألة بعد أن عشنا نحن السوريين الحرب العدوانية الظالمة ونجحنا في التغلب على الكثير من صعاب الحياة وأصبح انتصار الإرادة السورية درسا لكل شعوب العالم .
اليوم نواجه أزمة أخرى تتمثل في وباء الكورونا ومن جوانب التحدي والمواجهة لهذه الأزمة الجانب الاقتصادي وتأثر الحياة المعيشية للمواطن من تداعياتها .
وبالعودة إلى الإجراءات الحكومية في هذا السياق بدءا من حظر التجوال ووضع الضوابط لتوفير المواد الاستهلاكية الأساسية وصولا إلى طمأنة المواطنين بوجود كميات كبيرة من المواد التموينية الأساسية تكفي لعدة أشهر إضافة الى استمرار تكثيف التوريدات من هذه المواد عبر عقود كثيرة قيد الإنجاز … وغيرها من الإجراءات .
الأهم من ذلك هو أن تكون لدينا منهجية واضحة وآليات عمل قابلة للتطبيق وأساليب حديثة لمواجهة الأزمات كي لا نكرر أنفسنا في حقل التجارب وهذا الطموح لا يتطلب التنظير وإنما البناء على تجربتنا في مواجهة الحروب التي استهدفتنا ومنها الحرب الاقتصادية.
المواجهة المؤثرة تتطلب شراكة حقيقية بين مؤسسات الدولة والمواطن .. والقاعدة الأساسية والمتينة التي تنطلق منها هذه الشراكة هي الفهم المشترك لمفهوم الأزمة وتحديد نوعها وصولا إلى أساليب مواجهتها إداريا واقتصاديا وإنسانيا وحتى سياسيا. الأمر الذي يحتم تنوع الأساليب بتعدد المعايير المستخدمة في توصيف نوع الأزمة.
يضاف إلى ذلك الإدراك الجمعي لدى كل من يعمل في خندق مواجهة الأزمة بأن آثار وتداعيات أي أزمة لا بد أن تؤثر على انخفاض
الناتج المحلي وارتفاع الأسعار . وهذا الأمر بالذات يدفع الجميع باتجاه التفكير بالأساليب الحديثة المتبعة لإدارة الأزمات الاقتصادية وكيفية اتخاذ التدابير الوقائية ومناقشة سبل الاستفادة من التجارب الناجحة في التعامل مع مثل هذه الأزمات. والوصول إلى قناعات مفيدة تمكننا من التغلب على التحديات والاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة .
ويبقى أن نتذكر دائما أن التعامل مع الأزمات بالطرق التقليدية المتمثلة في سياسات تقليل الإنفاق والتقشف لا تكفي وحدها وليست هي الأمثل دائما وإنما ثمة أساليب أخرى حديثة من خلال الاستثمار وإيجاد البدائل المتوفرة باستمرار قبل وقوع الأزمات ولا نغالي إذا قلنا ان الأمر لم يعد ضربا من الخيال عندما نفكر أيضا بفريق عمل يتصدى للتنبؤ بالأزمات ونوعها وطرق مواجهتها من خلال الاستفادة من التجارب على قاعدة من رأى ليس كمن سمع .
الكنز : يونس خلف