ثورة أون لاين- إعداد:رشا سلوم..
هنادة الحصري شاعرة سورية تكتب بماءالياسمين المعطر بكل ما في الشام من خوخ ولوز وتين وعنب برقة بردى وسلسبيل مائه وعنف قاسيون وشموخه ..في شعرها رقة بنت المستكفي ولهفة الخنساء..لا تعرف كيف لك أن تقبض على مفاتيحها الشعرية فما تكاد تقول انك أمسكت بتلابيب بعضها حتى تفر من يديك إلى مكان آخر..
في جعبتها الشعرية لحد الان اكثر من اربع مجموعات شعرية ومئات المقالات الفكرية والنقدية التي عالجت فيها الكثير من الأمور الثقافية والاجتماعية والسياسية..
نشرت في جريدة الثورة السوريةوما تزال ترفد ملحقها الثقافي بابداعها وعرفتها صحف ومجلات عربية كثيرة ..
تناول النقاد تجربتها الشعرية بالترحيب الجميل ويكفيها ما قدمه الراحل الكبير شاكر مصطفى لمجموعتها التي نحن بصددها ..بوح الياسمين إذ يقول شاكر مصطفى:
مع هذه السيدة تؤمن أن الشعر لا يأتي عشيقا على حصان ابيض ولكن يغزل حرفا حرفا لا يمر بالاجفان كالحلم ليلتقطه الشاعر وهو في نصف اغفاءة بين النوم واليقظة ولكن تسهر عليه العيون حتى تذوب والإجفان حتى تتقرح
لا جنية عبقر تغني للشاعر فيكتب الشعر ولكن الجهد الذي يفتل راقصا ..
تشعر انها في صراع مع صفة للشعر وأنها تنتصر في معظم الجولات ..الصور صارت شاعرية ..الصياغة اكثر فنية وعمقا..
لا تستعين بالزنبق والنسرين في شعرها ولا تهتم بشجر الغاب والبلوط ..دنياها ليست الطبيعة المقترحة ولكن دنيا تصورات فكرية وما أصعب هذه التجربة…
رؤية جديدة
وفي مقدمة مجموعتها الشعرية بوح الياسمين الدمشقي تقدم بيانها الشعري وخلاصة رؤيتها للفن المقدس إذ تقول :انا لايمكن أن اكتب الشعر كما كان يكتبه من عاش قبل عدة قرون وهذا لا يعني انني لم أفد من تجربة امريء القيس وعمر بن أبي ربيعة والمجدد العظيم المتنبي..فنحن محكومون ايضا بالاصول وتلك علاقة جدلية قائمة بين الأشياء..
ان طموحي اكبر بكثير من غنائية قافية أو روي أو صورة شعرية انا احاول في جسد القصيدة واسعى إلى بناء في الشكل والمضمون..
انا احترق عندما أصدر مجموعة شعرية لأنني اطمع بتغيير صورة الأنثى..فما اقتنعت يوما بسيرة الأنثى التي تحتمي بالرجل وتردد ما يقول كالصدى أن عملية التعبير عن المرأة معقدة ومتشعبة ولن تجيد الكتابة عن المرأة الا امرأة….
اعود ربما لابزغ نجمة على صدر العالم …
وفي حواراتها التي اجرتها معها الصحافة الثقافية تقول: (عشقي للأدب بدأ منذ الصغر، فلابد أن يكون للإنسان منذ الصغر طموحات وتطلعات، لكن زواجي المبكر جعلني أحمل مسؤولية أسرة وارتباطات اجتماعية، تابعت تحصيلي العلمي للمرحلتين الإعدادية والثانوية وحصلت على إجازة بالآداب قسم اللغة الإنكليزية، وأنا في السنة الجامعية الثانية توفي والدي الذي كان مثلي الأعلى والذي كان يشجعني على متابعة دراستي وهو من أقنع زوجي بضرورة إتمام تحصيلي العلمي.
وأذكر أنه في تلك الفترة تم فصلي من الجامعة، وعندما سألت عن السبب قالوا لم تسددي رسومك الجامعية ولم تقدمي اعتذاراً عن التقدم للفحص وكنت قد طلبت من زوجي فعل ذلك لكنه لم يفعل مما اضطرني لإعادة الشهادة الثانوية لأعاود الإلتحاق بفرع جديد ربما الحقوق لكن زوجي أصر الدخول لفرع لايتطلب الإلتزام بالدوام فسجلت باللغة الإنكليزية وتابعت دراستي ونلت الشهادة الجامعية.
أردت دائماً أن أجد مكاناً لي في هذا العالم، ليس بحضوري؛ وإنما بما أصنعه وأضيفه، والحمد لله استطعت أن أحصل ولو على رقعة صغيرة أتكلم من خلالها وأوضح أفكاري وطموحاتي، وذلك عندما التقيت بالدكتور “شاكر مصطفى” والأستاذ “نجاة قصاب حسن” عند الأديبة “كوليت خوري” فأخبرتها حينها أنني أنهيت دراستي الجامعية باللغة الإنكليزية وأرغب دراسة فرع آخر؛ وقتها أذكر أن المرحوم “شاكر مصطفى” قال وماذا عن كتاباتك ولغتك العربية أجبته أنني تلميذة مجتهدة باللغة العربية وأكتب الشعر المقفى وعندما قرأه شجعني على إصدار مجموعتي الشعرية الأولى.) وفي الحوار الذي نشر عام 2011 واجرته سمر وعر تضيف الحصري قالة:
’ * بعد أن أصدرت مجموعتي الشعرية الأولى تفضل مشكوراً الأستاذ “جان الكسان” وأرسلها للشاعر “نزار قباني” وكان الترحيب بها كثيراً، حتى انني لم أصدق وأنا أرى في صندوق بريدي رسالة من الشاعر “نزار قباني” وخاطبني بها قائلاً: «الشعر هو قدري كما هو قدرك خلي أظافرك الشعرية طويلة، فأنا لم أقص أظافري منذ خمسين عاماً وأرجو أن نلتقي قريبا في دمشق وإلى أن نلتقي لك أمنياتي وتحياتي أيتها الصديقة الشاعرة».
واستمرت مراسلاتنا الأدبية وأستطيع القول أن الشاعر نزار من أطلعني على ثقافة الحياة الأدبية فأنا لم أكن موجودة بالجو الأدبي وشعرت أن هذه الرحلة مع الذات أضافت لذاتي مساحة واسعة من الرؤية الوحيدة واكتشفت من خلالها أن العالم ليس عائلتي وإنما أكثر من ذلك بكثير.