ثورة أون لاين:
قضايا الثورة
الأربعاء 15/6/2005م
خالد الأشهب
تسعة وخمسون بالمئة من الأميركيين باتوا يعارضون الوجود الأميركي في العراق على الرغم من ان عنوان الحملة الأميركية أساساً كان توفير المزيد من الأمن لأميركا والأميركيين,
وعلى الرغم من أن العراق لم يكن يوماً مستنقعاً للإرهاب وتفريخ الإرهابيين المعادين لأميركا إلا حين صار محتلاً, أما حالة الاستبداد واللاديمقراطية التي كان يعيشها فلم تكن لتمنع أميركياً واحداً من الذهاب إلى صناديق الاقتراع وانتخاب الرئيس بوش او غيره, ومافعله الأميركيون هو أنهم ذهبوا بالاستبداد واللاديمقراطية وجاؤوا بالعنف والدم المسال يوميا ً?
في المقابل, فقد اكتشفت بالأمس مئتا حالة كوليرا في العاصمة الافغانية كابل, ويستطيع المتابع أن يتكهن بمئات, بل آلاف الحالات المشابهة في المدن النائية والأرياف البعيدة القاحلة في أفغانستان, ولعلنا جميعاً ندرك اليوم أن الكوليرا, وفي هذا العصر بالذات, باتت علامة تخلف كامل أكثر منها ظاهرة مرضية, على الرغم من أن العنوان الكبير للغزو الأميركي لأفغانستان قبل ثلاث سنوات تقريباً, كان تخليص هذه البلاد من حالة التخلف والرجعية, وتنظيفها من بؤر الارهاب ومداجنه, والتي كانت حكومة الطالبان في تلك البلاد تنشرها يمنة ويسرة, والنتيجة ان الأميركيين ذهبوا بالطالبان وجاؤوا بالكوليرا وأما التخلف فلم يتزحزح!
صحيح ان الاستبداد في العراق كان مرفوضاً ومؤلماً, لكن الاحتلال والعنف والدم, ليسوا البديل الإيجابي له, وصحيح أن التخلف والارهاب كانا جاثمين على صدر أفغانستان, لكن الكوليرا ليست البديل الذي يطبل له الأميركيون ويزمرون .
ويكاد الأمر يكون شبيهاً بهذا او بذاك, حين يتحدث الأميركيون عن لبنان وعن الحرية والديمقراطية فيه, فبعد ان حاصروا الحكومة الشرعية فيه بالاتهامات والمؤامرات, وبعد أن شروا وباعوا بعضاً من زعاماته وقياداته التقليدية في كل أسواق النخاسة والمراهنة على الجياد والصهيل, هاهم يهيئون اليوم لما يلوح به البعض من هذه القيادات عن الحرب الأهلية مجددا, وإلا فكيف تكون الخيارات حرة في العرف السياسي الأميركي ?
ليست المشكلة في الديمقراطية الأميركية او تطبيقاتها, وإنما هي في الديمقراطيين الأميركيين واستطالاتهم من الديمقراطيين حول العالم, وخاصة في منطقتنا العربية, والذين بوعي منهم او بغير وعي, أي بالدولارات أو من دونها, ينخرطون في المظاهرات الأميركية التي تجوب العالم, والتي ان لم تؤد إلى السقوط تحت الاحتلال, فستؤدي إلى العنف او الكوليرا … وكلاهما سيان !