مدير مديرية الفنون الجميلة لـ “الثورة”: تمكين الشباب.. بصمة في جسد الفن السوري الحر والمنفتح

الثورة – عبير علي:

تقف الحركة التشكيلية السورية اليوم عند منعطف فارق، تحاول فيه أن تعيد رسم ملامحها بعد سنوات طويلة من الانقطاع والانتظار.

مدير مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة، وسيم عبد الحميد، وفي لقاء خاص لصحيفة الثورة، يكشف عن خطة متكاملة لاستيعاب الخريجين الجدد من كلية الفنون الجميلة والمعاهد المختصة، هذه الخطة- كما يقول- جاءت استجابة لتوجيهات وزير الثقافة لإعادة تفعيل الدور الريادي للفن التشكيلي السوري.

ويؤكد عبد الحميد أن الانطلاقة ستكون عبر الملتقى الأول للفنانين الشباب في المتحف الوطني بدمشق، وسيجد خريجو كلية الفنون الجميلة وطلابها منصة حقيقية لإثبات حضورهم، ملتقى التصوير الزيتي هذا لن يكون سوى بداية، إذ سيتبعه ملتقى للنحت في قلعة دمشق يضم طلاب التخرج من قسم النحت والمعهد التطبيقي، كل ذلك في سبيل دعم وتمكين الطاقات الشابة وفتح الباب أمامها لتترك بصمتها على جسد الفن السوري، وعن فعاليات ملتقى الشباب الفني الأول في رحاب متحف دمشق الوطني، أوضح أنه بمشاركة 12 من خريجي كلية الفنون الجميلة وطلاب الدراسات العليا، ضمن مبادرة وزارة الثقافة لدعم وتمكين الطاقات الفنية الشابة في سوريا، ويستمر الملتقى حتى 30 من آب الجاري، ويُختتم بمعرض جماعي يضم أعمالاً تشكيلية أنجزها المشاركون خلال أيام الملتقى، بتنظيم من مديرية الفنون الجميلة في الوزارة.

معارض استيعادية وانطلاقة سنوية

بعد هذه الملتقيات، تتجه المديرية إلى إقامة سلسلة من المعارض الاستيعادية من مقتنيات وزارة الثقافة، لتكون مساحة اختبار وتفاعل، لكن الحدث الأبرز سيبقى المعرض السنوي للفن التشكيلي السوري، الذي سينطلق في كانون الأول احتفاءً بمرحلة التحرير، المعرض سيحتضن أعمالاً لفئات عمرية تبدأ من 22 عاماً وتصل إلى مختلف الأعمار، بمشاركة من جميع المحافظات السورية، ليصبح مرآة واسعة للحراك التشكيلي المحلي.

يؤكد عبد الحميد أن هذا المعرض لن يكون تظاهرة اعتيادية، بل محطة مفصلية لإعادة وصل الفنانين السوريين بعضهم ببعض، وإبراز تنوع الأساليب والرؤى التي شكلت هوية الفن التشكيلي السوري عبر عقود.

لا يخفي عبد الحميد أن الهدف الأبعد هو إطلاق بينالي سوريا الأول في خريف 2026، التحضيرات- كما يقول- بدأت مبكراً وبجدية، لأنه مشروع ضخم يطمح أن يحقق حلم الفنانين السوريين جميعاً، “البينالي” لن يكون حدثاً محلياً فحسب، بل سيستضيف فنانين سوريين وعالميين، وسيعمل على تسويق الأعمال السورية وتوثيقها وأرشفتها على أعلى المستويات، بدعم مباشر من الحكومة ووزارة الثقافة.

“إنه حلم طال انتظاره، وحان وقت تحويله إلى واقع” يقول عبد الحميد، مضيفاً: إن البينالي سيكون بوابة لتكريس سوريا كحاضنة للفن التشكيلي الحر، بعد سنوات من العزلة المفروضة.

ملامح جديدة

وعن المستجدات التي طرأت على الحركة التشكيلية بعد هذه الفترة، يشير عبد الحميد إلى أن المشهد أخذ يستعيد حيويته تدريجياً، ففي دمشق، احتضن خان أسعد باشا معرضاً لعدد من فناني إدلب الذين وجدوا فيه فرصة لعرض أعمالهم ضمن الفضاء الوطني، في إشارة واضحة إلى أن الفن عاد يجمع أبناء المحافظات السورية كافة.

“إنها بداية لثمار ستتضح أكثر في المرحلة المقبلة”، مؤكداً أن المعرض السنوي سيشكل منصة جامعة لكل هؤلاء الفنانين، إذ تلتقي التجارب وتتصارع الرؤى، لتولد منها خريطة جديدة للفن التشكيلي السوري.

سؤال آخر يفرض نفسه: كيف ستدعم المديرية إنتاج الفنانين، طالما أن ذلك مطلب يتكرر في كل معرض؟ يجيب عبد الحميد: إن العمل جارٍ على إيجاد مساحات تسويقية حقيقية للأعمال الفنية، إلى جانب التوثيق والأرشفة، الهدف هو منح الفنان دعماً معنوياً ومادياً في آن واحد، كي لا تبقى التجارب مجرد محاولات فردية، بل تتحول إلى مشاريع إبداعية مستمرة.وبذلك، تتحول المعارض إلى أكثر من مجرد فضاءات للعرض، إنها منصات للتمكين والاستمرارية، إذ يجد الفنان اعترافاً بمكانته وإنتاجه، وحيث يمكن للجمهور أن يتفاعل مع أعماله باعتبارها جزءاً من الهوية الثقافية السورية.

نافذة تنتظر الضوء

لا ينكر عبد الحميد أن المشاركات الخارجية تظل ركناً أساسياً في خطة المديرية، ويكشف أن سوريا تخطط للمشاركة في ملتقى فينيسا العام القادم، ضمن رؤية جديدة قائمة على الفكر الحر، فالمعارض العالمية ليست مجرد منصات للعرض، بل جسور حوار حضاري وفني، تمكن الفنان السوري من استعادة مكانته الطبيعية في المشهد التشكيلي العربي والعالمي.

لكن ماذا عن الهوية الثقافية للفن التشكيلي السوري، وهل ستطولها لمسات التحرير بعد أن كُسرت الحواجز والخطوط الحمراء؟

يؤكد عبد الحميد أن المرحلة المقبلة ستشهد انفتاحاً أوسع، وسيكون للفنان كامل الحرية في التعبير عن أفكاره وتجارب أساليبه، “الفكر الحر هو جوهر العملية الإبداعية”، يقول عبد الحميد، مضيفاً: إن أي قيد يفرض على الفنان يحجب عنه القدرة على التجديد والابتكار.

وبشأن الجدل الدائر حول موضوع “الموديل العاري” في كلية الفنون الجميلة، يوضح عبد الحميد أن ذلك شأن أكاديمي يخص جامعة دمشق ووزارة التعليم العالي، لكنه- بحسب رأيه الشخصي- يعلن رفضه لأي قرار يحد من حرية الطالب في التعلم، “الحالة الإبداعية لا يمكن أن تُختزل ضمن خطوط حمراء، والفنان لا يجب أن يخضع لأي قيد”.

زمن الفن السوري

من يتأمل المشهد كما يطرحه مدير مديرية الفنون الجميلة، يدرك أن سوريا تدخل اليوم مرحلة جديدة من الحراك التشكيلي، قوامها الحرية والتمكين والانفتاح، من الملتقيات الشبابية، إلى المعرض السنوي، وصولاً إلى حلم البينالي، تبدو اللوحة السورية في طور تشكل جديد، ينهض من بين الركام ليقول للعالم: إن الفن لا يموت، وإن الريشة قادرة أن تكتب تاريخاً موازياً للتاريخ السياسي.

آخر الأخبار
الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30) مبادرة "لعيونك يا حلب" تعيد تجهيز المقاعد المدرسية  الرئيس الشرع يجتمع مع وزير الخارجية الإيطالي على هامش(COP30)  العدالة البيئية كجزء من العدالة الوطنية.. رسالة الرئيس الشرع في COP30 صيانة شوارع السوق التجاري في مدينة درعا مضر الأسعد: "إسرائيل" تطمع في الأراضي السورية وانتهاكاتها ضغط سياسي ظاهرة التشرد في حلب تحت المجهر قفزة غير مسبوقة.. اتفاقيات بالجملة لـ"الطاقة" باستطاعة 5000 ميغاوات مجلس مدينة حلب و"المالية" يقرران تحديد ضريبة عادلة لمولدات "الأمبيرات" الرئيس البرازيلي يستقبل الشرع في قاعة انعقاد قمة المناخ “COP30 من البرازيل.. الشرع يقود سوريا من "التغريبة" إلى "الشراكة الخضراء"  سوريا على أعتاب نموذج تنموي جديد.. ما علاقة الإنسان والبنيان؟ الرئيس الشرع إلى البرازيل: زيارة تاريخية تفتح آفاق الدبلوماسية السورية الجديدة دعوة لصلاة الاستسقاء يوم الجمعة 14 الجاري 425 مليار ليرة كتلة المعاشات التقاعدية للشهر الجاري