الثورة – محمد الحريري:
من قلب الحارات الدمشقية القديمة، إذ يختلط عبق الماضي بنبض الحاضر، ينطلق تصوير مسلسل “شمس الأصيل” في أحد أهم البيوت الدمشقية المعروفة بأناقتها، “بيت نظام”.
والعمل من توقيع الكاتب قاسم الويس، وإخراج عمار تميم، ليقدّم رؤية درامية جديدة في قالب البيئة الشامية، لا تهدف إلى تكرار أمجاد الأعمال السابقة، بل تسعى لتقديم رؤية مختلفة تحاكي الواقع بما فيه من قضايا اجتماعية وأخلاقية.
قصة تتجاوز المألوف
تدور أحداث المسلسل حول عائلة تعود من السفر بعد سنوات طويلة، حاملةً معها طفلة يظنها الجميع ابنتهم، قبل أن تكشف الأيام حقيقة مغايرة تماماً.
ومع انكشاف السر، تبدأ الحكاية بالتشعب، ليصبح السؤال المحوري: إلى أي مدى يمكن للحق أن يختفي؟ في لقاء خاص مع “الثورة”، أوضح الفنان عاطف حوشان أنه يؤدي أحد أدوار البطولة الجماعية بشخصية “البيك”، ويصف القصة بأنها جديدة على الدراما الشامية، قائلاً: “ما حدا تطرق لهالقصة من قبل، وبتنتهي الحكاية برجوع الحق لأصحابه لأنو بالنهاية ما بيصح إلا الصحيح”، ويضيف: إن شخصيته هي “محرك للأحداث” أكثر من كونها بطولة تقليدية، فهي شخصية مثيرة للمشاكل تدفع الخط الدرامي نحو ذروته.
ميزان القوى وصراع الشخصيات
العمل قائم على توازن دقيق بين الشخصيات الإيجابية والسلبية، ما يولّد ديناميكية درامية عالية.
الفنان وائل زيدان بدور “المختار أبو عصام”، شخصية تمثل صوت الحق والعقل في الحارة، ويعيش صداماً مباشراً مع “البيك”، ويقف نداً قوياً في وجهه، معلقاً: إن شخصية “أبو عصام” تحمل ثقلاً كبيراً في العمل، وقال: “المختار مو بس بعيش الصراع مع البيك، كمان بعيش صراع عائلي مع ابن عاق وزوجتين”.
الفنان ليث المفتي بدور “رشدي”: يقدم شخصية يستنزفها تأنيب الضمير، وهو خط درامي يوضح عمق الجانب الإنساني في العمل.
ويصف الشخصية قائلاً: “رشدي عمل خطأ كبير بشبابه، وعم يعيش عذاب الضمير لسنوات طويلة، دائماً عم يشرب لينسى الماضي”، ما يجعلها شخصية متعبة وغير متوازنة حتى يقرر كشف المستور ليمنح السلام لنفسه ولعائلته.
الشخصية تحمل في طياتها الكثير من التعقيد، ما يجعل التحدي صعباً أمام ليث المفتي لتأدية هذه الشخصية.
عمق وتنوع يكسر الصورة النمطية للمرأة
لم يقتصر صناع العمل على تسليط الضوء على قصص الرجال، بل منحوا المرأة مساحة واسعة ومتنوعة بعيداً عن الصورة النمطية.
الفنانة أمانة والي تشارك بشخصية مركبة ومتغلغلة في قلب الأحداث، تحملها الظروف على أن تكون شريرة في بعض الأحيان، واصفةً شخصيتها بأنها: “ليست شريرة، بل فيها جوانب سلبية وإيجابية”، ما يجعلها شخصية متعددة الأبعاد تتفاعل حسب تداعيات الأحداث، إذ ستقدم الشخصية خطين زمنيين، أحدهما في الوقت الحاضر، بينما الآخر يمثل فلاش باك قبل عشرين عاماً.
وأضافت: إن أكثر ما يشجعها للعمل في هذا المسلسل هو تعاونها مع المخرج عمار تميم، وعلقت: “عمار صاحب طاقة إيجابية، ويعطي الممثل مساحته الكاملة”.
الفنانة دانا جبر تجسد شخصية “أصيل”، والتي ينطلق منها اسم المسلسل، وهي فتاة تربت في كنف عائلة دافئة من أب وأم، لتكتشف فيما بعد أنها ليست عائلتها الحقيقية.
وتضيف: إن الشخصية جديدة ومختلفة عن أدوارها السابقة، ومليئة بالمفاجآت والصراعات العاطفية والاجتماعية، بما في ذلك قصة حب معقدة، وتقول: “أصيل بتعيش قصة حب مليانة مفاجآت وتحديات”.
الفنانة نور شمص تطل بدورها بشخصية “فريزة”، وهي شابة تنتمي إلى عائلة بسيطة مكونة من الفنانين تولاي هارون وحسام عيد، تضطر إلى اتخاذ قرارات مصيرية، مثل الزواج غير المرغوب فيه، وتقول عن تجربتها: “أول مرة بلعب دور طريف وخفيف ضمن عمل جدي، محور العائلة فيه دفء وهموم حلوة في نفس الوقت”.
اسم من قلب الحدث
اسم العمل ينطلق من بطلته “أصيل”، ويحمل بين مشاهده رسالة إنسانية واضحة تتمحور حول فكرة أن الحقيقة قد تغيب، لكنها لا تموت، فهو لا يقتصر على تقديم صراع الخير والشر، بل يعالج فكرة الضمير الإنساني الذي يعذب صاحبه أكثر من أي عقوبة، ليصبح عنوان المسلسل رمزاً لهذا الضوء الذي يسطع بعد الغروب، حين يشرق الصدق من جديد في وجه الزيف.
عمل بيئي بروح اجتماعية على الرغم من انتمائه لأعمال البيئة الشامية، إلا أنه يقدم مقاربة اجتماعية معاصرة تتناول قضايا الهوية والانتماء والعدالة، فالعمل يروي حكاية مجتمع يواجه ذاته، ويبحث عن سلامه النفسي وسط ظلال الأسرار والندم.