الثورة – لينا إسماعيل:
حذر خبراء سوريون وعرب من تداعيات التغيرات المناخية على قطاع تربية النحل في سوريا، مؤكدين أن استمرار موجات الجفاف وغياب المراعي الطبيعية يهددان بقاء النحل والإنتاج المحلي للعسل، وهو ما ينعكس سلباً على الأمن الغذائي والاقتصادي للبلاد.

جاء ذلك خلال ورشة عمل أقامتها الجمعية النوعية لتربية النحل في سوريا أمس وذلك في قاعة الاتحاد العام للفلاحين بدمشق، تحت شعار: «كيفية النهوض بقطاع النحل والتخفيف من تأثير المتغيرات المناخية»، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين وممثلي التعاونيات الإنتاجية.
تراجع الإنتاج يهدد المهنة
“الثورة” واكبت مجمل الفعاليات حيث أوضح رئيس التعاونية الإنتاجية لتربية النحل التابعة للاتحاد العام للفلاحين الدكتور بسام نضر ل” الثورة” أن القحط والجفاف وغياب المراعي الطبيعية تسببت بخسائر كبيرة للنحالين، حيث انخفض إنتاج العسل بشكل حاد، في ظل انعدام التصدير الخارجي وضعف القوة الشرائية للمستهلك المحلي.
وأضاف نضر أن النحالين لجؤوا إلى إنتاج الغذاء الملكي وجمع سمّ النحل والعكبر لتعويض خسائرهم، مما أسهم في نشوء صناعات غذائية وتجميلية ودوائية جديدة تعتمد على منتجات الخلية.
وحذر قائلاً: “مهنة تربية النحل في خطر إذا استمرت الظروف المناخية الحالية، ففقدان النحل يعني فقدان الحياة والغذاء”.
ودعا إلى استنباط سلالات محلية مقاومة للجفاف، وتفعيل دور التعاونيات الإنتاجية وتسويق العسل تعاونياً، وتنشيط المعارض المحلية والعربية لإبراز جودة العسل السوري عالمياً.
دعم التعاونيات
من جانبه، شدد مدير مكتب العلاقات العامة في الاتحاد العام للفلاحين المهندس بسام الحسين على أن التعاونيات الإنتاجية تشكل ركيزة أساسية في دعم مربي النحل وتطوير سلاسل القيمة، مؤكداً أن الاتحاد يعمل على إطلاق منصات إرشادية وتدريبية وتوفير الدعم المالي والفني اللازم للمربين.
وأشار الحسين إلى أهمية زراعة النباتات الرحيقية الجاذبة للنحل، وإلى ضرورة تحديث الإحصاءات الزراعية لرسم سياسات دقيقة ومستدامة في مواجهة التغيرات المناخية.
النحل العربي كله في خطر
بدوره، أوضح رئيس برنامج أبحاث ودراسات النحل في منظمة “إكساد” المهندس عبد الرحمن قرنفلة أن تأثير الجفاف لا يقتصر على سوريا فقط، بل يمتد إلى مختلف الدول العربية، حيث تراجع إنتاج العسل في المغرب بنسبة 80 بالمئة، وفي تونس بنسب كبيرة أيضاً.
وكشف قرنفلة في تصريح ل ‘الثورة” عن إطلاق برنامج عربي شامل يتضمن: 1- إنشاء مركز أبحاث متخصص بالنحل.
2- مركز تدريب لمربي النحل.
3- منصة إلكترونية تفاعلية لتبادل الخبرات، بالإضافة إلى دراسة سلالات نحل مقاومة للمتغيرات المناخية.
وأكد أن الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة بين 4 إلى 5 درجات حتى عام 2100 سيؤدي إلى تغيرات جذرية في الغطاء النباتي، ما يستدعي تحركًا علميًا عاجلًا لحماية النحل.
مشاريع الاستمطار
وفي مداخلات الورشة طالب رئيس جمعية النحل في القنيطرة محمد داوود، بإعادة تفعيل مشاريع الاستمطار الصناعي وإعادة تأهيل الغابات الرحيقية، مشيراً إلى أن 50 بالمئة من إنتاج عسل القنيطرة تضرر بسبب شحّ الأمطار.
كما أكد رئيس اتحاد النحالين العرب المهندس أحمد قاسو، أهمية الأسواق التخصصية الداخلية والخارجية لمنتجات العسل السوري، وضرورة تسويقه كـ منتج وطني استراتيجي يرمز إلى التنوع البيئي والغذائي في البلاد.
إنقاذ للحياة
يُذكر أن ورشة العمل خلصت إلى أن مستقبل قطاع النحل السوري يتطلب رؤية وطنية شاملة، تتكامل فيها جهود الدولة والاتحاد العام للفلاحين والقطاع البحثي، مشددين على أن استدامة النحل ليست ترفاً بيئياً بل ضرورة حياتية لضمان الغذاء والتوازن الطبيعي في مواجهة أزمة المناخ العالمية.