“الإنسان كائن في مواجهة العالم، وعندما يتشظى عالمه، يصبح الفن وسيلته لإعادة تشييد المعنى” كما يقول هايدغر، هل تمكن معرض “لوبان” من مقاربة هذه المقولة…؟
لا شك أن كل من يتعاطى مع المبدع عمار الأمير ويقرأ له، يكتشف تلك الروح الخفية اللامعة التي يتميز بها، وتنعكس على مختلف نتاجه، سواء الشخصي من إبداع قصصي، أو من خلال إصراره على تصدير مزاج ثقافيّ خاص، باعتباره مدير منتدى خيزران.
من هنا لم نفاجئ بأن معرض “لوبان” احتفى بفعل ثقافي وفني مغاير، ليأخذ المتابع في رحلة تتآلف فيها الأصوات من ( إدلب، عفرين، سلمية) لنتعايش عبر اللوحة تعددية مشتهاة، تثبت كلما تعمقنا في ألوان المشاركين أن الجمال كما يراه دوستوفسكي، “قد ينقذ العالم”.
فالفن حتى في أحلك اللحظات قادر على جرنا الى التأمل والتفكر، كي نصنع لحظتنا الخاصة معاً.
لعل أجمل ما يتمثل في المعرض تلك الحالة التي تستدعي زمنين، زمن أيبلا الأثري، حيث عرفت إدلب حينها باسم لوبان، وزمن الألم المعاصر، هذا الانزياح الزمني، كما يرى الفيلسوف بول ريكور، يخلق “انزياحاً نحو الذات”، حيث يصبح الماضي ليس مجرد ذكرى، بل إمكانية لفهم الحاضر واستشراف المستقبل.
تلك هي اللحظة الاستثنائية تجعل من الفن جسراً زمنياً للتصالح مع الذات والآخر، عبر لغة فنية عالية المستوى امتلكها المشاركون، رسموا سوريا التي تتسع للجميع، كأنها إعلان أو ميثاق عن نوعية الثقافة التي نريدها باعتبارها فرصة للبناء والعبور نحو الآخر.