الثورة – وعد ديب:

في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، يواجه المواطن السوري إشكالية حقيقية عند الرغبة في فتح حساب ودائع بالدولار في البنوك المحلية.
الفوائد المغرية التي قد تصل إلى 14 بالمئة تُعتبر مغرية للبعض، لكنها في الوقت نفسه، بحسب مهتمين بالشأن الاقتصادي، تثير التساؤل حول المخاطر المحتملة واستدامة هذه العوائد.
الإشكالية الواقعية
بدأت القصة، بحسب ما علمت صحيفة الثورة من أحد المواطنين، الذي قرر فتح حساب ودائع بالدولار في أحد البنوك السورية، متأثراً بالعوائد المرتفعة، إلا أنه اكتشف لاحقاً أن هذه الفوائد قد تُمول من خلال منح قروض لعملاء آخرين بأسعار أعلى، ما يطرح التساؤل عن استقرار هذه العوائد ومدى أمانها للمودع.
في هذا الصدد، علّق الدكتور نهاد حيدر، أستاذ العلوم المالية والمصرفية في جامعة القلمون، قائلاً:”من الضروري للمودع أن يفهم جيداً خلفيات السياسة المصرفية التي تعتمدها البنوك، وألا ينجذب فقط إلى الأرقام المغرية التي قد تكون خادعة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
“وأشار الدكتور حيدر إلى أن بعض البنوك تعتمد آليات تمويل غير مباشرة للفوائد المرتفعة، قائلاً: “إذا لم تُسدّد هذه القروض، فقد يتأثر المودع بشكل غير مباشر.
“ووفق تحليلاته، إن استدامة الفوائد المرتفعة على الودائع غير مضمونة، خصوصاً في ظل التضخم غير المستقر والظروف الاقتصادية الحالية، وبعض هذه الفوائد قد تكون مشروطة بضمانات معينة أو آليات تمويل معقدة، مما يوجب على المودع فهم هذه الخلفيات قبل اتخاذ أي قرار مالي.

وتشير التحليلات الاقتصادية إلى أن الودائع قد تُوظف في منح قروض لعملاء آخرين، بحيث تسهم هذه القروض في تغطية العوائد المعلنة للمودعين. وفي هذا المضمار، أوضح الدكتور حيدر:”إذا انخفضت قدرة العملاء الآخرين على السداد، فقد يؤدي ذلك إلى مخاطر غير مباشرة على المودعين.
“ورداً على سؤال صحيفة الثورة، هل فتح حساب ودائع بالدولار آمن؟.. يجيب الدكتور حيدر: “إذا كان الهدف الأساسي حماية الأموال من انخفاض قيمة العملة المحلية، فقد يكون خياراً نسبياً آمناً، بشرط أن يكون المودع على دراية كاملة بالمخاطر، أما إذا كان الهدف تحقيق أرباح مرتفعة، فالأمر يتطلب دراسة دقيقة للسياسات المصرفية وآليات التمويل المستخدمة.
القرار يعود للمودع
يمكن القول: إن قرار فتح حساب ودائع بالدولار في البنوك السورية قرار يعتمد على الظروف الشخصية لكل مودع ومدى تحمّله للمخاطر. فبينما قد تبدو الفوائد المرتفعة التي تصل إلى 14 بالمئة عرضاً مغرياً، يبقى السؤال الأهم: هل تستحق هذه الفوائد المخاطرة المحتملة؟، بحسب الخبير الاقتصادي، “من الضروري أن يفهم المودع جيداً خلفيات السياسة المصرفية التي تعتمدها البنوك، وألا ينجذب فقط إلى الأرقام المغرية التي قد تكون خادعة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية”.
ويختم حديثه بالقول: القرار يعود إلى المودع نفسه، شرط أن يتخذه بوعي كامل للمخاطر والفرص التي قد ترافق هذا النوع من الاستثمارات.