الثورة – وفاء فرج:
تُعد حركة الترانزيت عبر الأراضي الأردنية شريان الحياة للصادرات السورية نحو الأسواق الخليجية، خاصة المنتجات الزراعية والنسيجية.
ورغم التغيرات السياسية الأخيرة، لا تزال الصادرات السورية تواجه تحديات لوجستية قاسية على الحدود، أبرزها التفتيش الجائر الذي يهدد جودة المنتج ويؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة.
وللوقوف على واقع هذه التحديات، التقت “الثورة” رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للشحن والإمداد بدمشق، محمد رياض الصيرفي، ونائب رئيس القطاع الكيميائي في غرفة صناعة دمشق وريفها، محمود المفتي.

سوريا تستعيد دورها كبلد عبور
فقد أكد الصيرفي أن سوريا بدأت تستعيد وضعها الإقليمي والجغرافي كـ “بلد عبور” محوري يربط بين أوروبا ودول الخليج، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وضرورة مرور البضائع عبر أراضيها ومن ثم الأردن.
وأشار إلى أن قطاعات الصناعات السورية المختلفة، مثل الزراعي والنسيجي والكيميائي، تعتمد بشكل كبير على هذا الممر الحيوي لتصدير منتجاتها.

التفتيش الجائر.. ذريعة التهريب
أوضح الصيرفي أن عمليات التفتيش والمناقلة التي كانت تتم في الأردن سابقاً كانت “جائرة جداً”، وتسببت في تخريب البضائع وتلفها، خاصة الصادرات الزراعية التي كانت تخرج من التبريد لساعات طويلة.
وأكد أن الجانب الأردني كان يمتلك ذريعة قوية لتشديد التفتيش، وهي موضوع تهريب الحبوب والمخدرات (الكبتاغون)، إذ كان بعض المنتفعين والمقربين من دائرة النظام المخلوع “يبدعون في أساليب التهريب التي لا تخطر على بال”.
وأشار الصيرفي إلى أن “الذنب لم يكن أردنياً، بل كان ذنباً من حكومة النظام المخلوع ومن تجار المخدرات الذين كانوا يعيشون بأحضان الحكومة ومدعومين”.

التفتيش الدقيق
وبين الصيرفي أن الوضع تغير في “العهد الجديد”، إذ أصبح التفتيش في إدارة المعابر السورية “أدق بكثير من الأردن”، لكنه يتم بشكل أفضل لا يؤدي إلى تخريب البضاعة، ولفت إلى أن هيئة المعابر البرية والبحرية تبذل جهوداً كبيرة، وقد أحبطت الكثير من عمليات التهريب مؤخراً، متوقعاً أن تكون البضاعة التي تخرج من سوريا حالياً “خالية من أي شيء” بنسبة تتراوح بين 80 و 90 بالمئة.

مطالبة بالتفتيش الذكي
وفي المقابل، أشار الصيرفي إلى أن الاتجاه الأردني “لحد الآن عم يعامل البضاعة وكأن فيها شيء”، مطالباً هيئة المعابر وغرفتي التجارة والصناعة بـ “التعاون أكثر مع الجانب الأردني” لتسهيل عملية الترانزيت عبر الأراضي الأردنية.
ودعا الصيرفي إلى اعتماد “التفتيش الذكي” باستخدام أجهزة “السكنر” وأخذ العينات، بدلاً من الطريقة القديمة التي كانت تعتمد على التفتيش اليدوي الجائر، وشدد الصيرفي على ضرورة أن يعود الأردن إلى عمل الترانزيت فقط، بدلاً من العمل الجمركي الصعب الذي كان يمارس سابقاً.
وختم الصيرفي بالتأكيد أن إدارة هيئة المعابر هي النافذة الرسمية الوحيدة التي يمكن من خلالها مخاطبة الجانب الأردني لتجاوز هذه المشكلة، مطالباً بتكثيف الاجتماعات والجهود لتطوير أجهزة “السكنر” السورية واعتمادها دولياً، بحيث يقبل الجانب الأردني بأن الشحنة “مفحوصة ببلادنا جيداً” وتمر عبر الأردن كترانزيت دون تفتيش جائر.

وفي سياق متصل، طالب نائب رئيس القطاع الكيميائي في غرفة صناعة دمشق وريفها، محمود المفتي، بضرورة تدخل وزارتي الاقتصاد والخارجية بشكل عاجل لوقف الإجراءات التي تؤدي إلى إتلاف الصادرات السورية أثناء عبورها الترانزيت.
وأوضح المفتي أن البضائع السورية التي تعبر ترانزيت من دول مثل المملكة الأردنية الهاشمية تخضع لعمليات فحص دقيقة عبر أجهزة “سكنر” متطورة، وهو حق للدول المعنية، إلا أن المشكلة تكمن في الإجراءات التي تلي الفحص، إذ يتم إخضاع بعض العبوات للفحص، والتأكد منها بطرق تؤدي إلى إتلاف كبير للمنتج السوري، رغم أن البضاعة تكون مغلفة وموضوعة على طبالي وفق المواصفات العالمية.
وحذر المفتي من أن هذا الإتلاف يسبب ضرراً كبيراً للمنتج السوري، إذ يؤدي إلى رفض المستوردين استلام البضاعة أو مطالبتهم بتعويضات، ما يدفعهم إلى العزوف عن الاستيراد من سورية مستقبلاً.
وأكد المفتي أن الدول الداعمة لسورية الجديدة يجب ألا تتعامل مع الصادرات السورية بهذا الشكل، خاصة مع توفر أجهزة “سكنر” قادرة على كشف المخالفات دون الحاجة إلى الإتلاف، داعياً إلى تدخل الوزارات المعنية “بالسرعة القصوى” لمعالجة هذا الملف.