سوريا والجنوب العالمي.. “صرخة” في الأمازون من أجل عدالة مناخية

الثورة- سناء عبد الرحمن :

في قلب غابات الأمازون، حيث تتنفس الأرض من رئتيها الخضراء، تستعد البرازيل لاستضافة قمة المناخ العالمية (COP30) في عام 2025، في حدث ينتظره العالم بشغف. ومع انعقاد هذه القمة، تتصدر قضايا العدالة المناخية قائمة أولويات الدول النامية، التي تمثلها دول “الجنوب العالمي”.

في هذا السياق، ترفع سوريا صوتها بقوة، ليس فقط كدولة متضررة من آثار تغير المناخ، بل كشاهد حي على العلاقة الوثيقة بين التدهور البيئي والصراعات الإنسانية.

يؤكد الدكتور رياض قره فلاح، أستاذ جغرافية المناخ في جامعة اللاذقية لصحيفة الثورة، أن سوريا من خلال مشاركتها في هذا المحفل الدولي، تطالب بحقها في التمويل المناخي لتحقيق “نهضة بيئية”، تسهم في إعادة الحياة إلى ما دمرته سنوات من الحرب والصراع.

ويرى أن الأضرار البيئية التي تعرضت لها سوريا نتيجة الحرب، كانت مضاعفة، حيث يقول: سوريا لم تكن ضحية مباشرة للصراع على البشر والممتلكات فقط، بل امتد الدمار ليطول البيئة بكل أبعادها، فمن تدمير الغطاء الحراجي إلى تلوث نهر الفرات، وصولاً إلى تدهور الأراضي الزراعية، كل ذلك يزيد من تحدياتنا في مواجهة أزمة مناخية هي ليست من صنعنا.

ويضيف: البصمة الكربونية لسوريا ضئيلة مقارنة بالدول الصناعية الكبرى، ومع ذلك نحن من يتحمل عبء التغيرات المناخية بشكل كبير.

لماذا الأمازون والفرات؟ من منظور د. قره فلاح، اختيار البرازيل، وبالتحديد غابات الأمازون، كموقع لقمة المناخ القادمة له رمزية خاصة، إذ يبين أن الأمازون يمثل شريان الحياة لأمريكا اللاتينية كما يمثل نهر الفرات لسوريا والعراق.

التحديات التي تواجه هذه الأنهار الكبرى تتطلب اهتماماً جماعياً، وهذا يشمل الحفاظ على الموارد المائية المشتركة، التي تمثل عصب الحياة لشعوب منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا.

ويشير د.قره فلاح إلى أننا بحاجة إلى تمويل عادل ومباشر من صناديق المناخ الدولية، مثل “صندوق المناخ الأخضر”، لتجاوز الظروف الاستثنائية التي تمر بها سوريا.

ويرى أن سوريا يجب أن تكون جزءاً من حل عالمي، يتمثل في نقل التقنيات الخضراء وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، إلى جانب تدريب كوادر محلية في مجال إدارة الموارد البيئية، وهذا يشمل إعادة تأهيل البنية التحتية البيئية على أسس مستدامة.

الدبلوماسية البيئية السورية

ويوضح أن مشاركة سوريا في قمة المناخ هي فرصة استراتيجية لتحسين وضعها على الساحة الدولية، مضيفاً: من خلال الدبلوماسية البيئية، يمكن لسوريا أن تسهم في تعزيز التعاون مع دول الجوار، وخاصة في القضايا المتعلقة بإدارة المياه ومواردها، وهذا يمكن أن يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وهو أمر في غاية الأهمية في ظل التحديات المناخية المتزايدة.

أكثر من مجرد تمويل

ويلفت د. قره فلاح إلى أن المشاركة السورية في قمة المناخ، تمثل فرصة لتسليط الضوء على الحاجة الماسة لتحقيق العدالة المناخية، ويقول: الفوائد التي ستعود على سوريا ليست مادية فقط، بل استراتيجية، فتعزيز مكانة سوريا كطرف فاعل في المعركة ضد تغير المناخ، سيحسن من صورتها الدولية ويدعمها في مواجهة التحديات البيئية التي تهدد أمنها القومي، مثل شح المياه والتغيرات الزراعية.

كوكب في خطر

وفي إطار التأكيد على خطورة الوضع، يشير د. قره فلاح إلى أن التغير المناخي أصبح واقعاً لا يمكن تجاهله، فقد بلغت تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى مستوياتها منذ مليوني عام، بينما شهدنا درجات حرارة قياسية في الأعوام الأخيرة، ويعتبر هذا تحدياً يستدعي تحركاً عاجلاً، ولا سيما من الدول التي تدفع ثمن هذه الظاهرة بشكل غير متناسب.

مواجهة التحديات

وفي الختام، ينوه قره فلاح بأن مؤتمر المناخ في البرازيل ليس مجرد منصة للنقاش، بل هو اختبار لإرادة المجتمع الدولي في مواجهة التحديات البيئية.

وبالنسبة لسوريا، يمثل هذا المؤتمر فرصة كبيرة للمطالبة بحقها في العدالة المناخية، من خلال الحصول على التمويل والتقنيات التي تساعدها على إعادة بناء بيئة صحية ومستدامة.

والنجاح في تحقيق هذه المطالب سيكون انتصاراً لجميع الدول التي تحملت العبء الأكبر من تبعات التغيرات المناخية، بما في ذلك دول الجنوب العالمي.

آخر الأخبار
425 مليار ليرة كتلة المعاشات التقاعدية للشهر الجاري مؤتمر المناخ.. إعادة هيكلة بيئة سوريا الدبلوماسية وتموضعها الإقليمي حلب تدرس تنظيم البسطات والأسواق الشعبية.. وإقامة بازارات "تجارة دمشق" تواصل تفعيل لجانها القطاعية استدامة الحماية الاجتماعية.. هل نستفيد من برنامج SNAP الأميركي؟ عودة الحياة إلى ثلاث مدارس في ريف حلب شركة النفط والغاز الطبيعي الهندية مستعدة لاستئناف عملياتها في سوريا  مشاركة سوريا في مؤتمر المناخ فرصة لدعم مشاريع التعافي البيئي بكر غبيس: مشاركة الرئيس الشرع في " COP30" تاريخية.. وزيارته إلى واشنطن لها رمزية كبيرة عودة سوريا إلى المشاركة الدولية وإعادة الإعمار البيئي واشنطن من العزل والعداء إلى الحوار والتعاون زاهر بعدراني: زيارة الرئيس الشرع لواشنطن نقطة تحول لسوريا الثروة الحيوانية في درعا.. تراجع كبير ومطالبات بدعم إسعافي  النزاهة والشفافية.. لاستعادة ثقة المواطن بالأجهزة الرقابية "هيئة التخطيط ": المسح العنقودي ضرورة للقرارات التنموية ودائع الدولار في البنوك بين الفوائد المرتفعة والمكاسب المحتملة بازار خيري في خان أسعد باشا يدعم الشباب والأيتام مؤتمر المناخ.. اختبار للدول العربية في مواجهة التحديات مطالبات بتسهيل الترانزيت ووقف إتلاف الصادرات الكيميائية  سوريا والجنوب العالمي.. "صرخة" في الأمازون من أجل عدالة مناخية