الثورة – علا محمد:
“أحلامٌ صغيرة بدأت كفكرة دعم للحرفيين والنساء، تحوّلت مع الزمن إلى مساحة نابضة بالإبداع السوري”، هكذا وصفت سيدة الأعمال رنا الطباع، مؤسسة بازار “ألوان سوريا” تجربتها في تنظيم البازارات، خلال لقاءٍ مع صحيفة “الثورة”، تحدثت به عن مسيرتها الطويلة في دعم الحرف اليدوية والمشاريع الصغيرة. وبحسب قولها، استمرت البازارات بعد التحرير في سوريا ولكن مع اختلاف كبير، سواء من حيث إقبال الزوار من مختلف بلاد العالم، أم من جهة المشاركين، حيث ازداد التنوع بالمعروضات والأفكار الجديدة بكل مرة.

و أوضحت أن تجربتها الممتدة منذ أربعة عشر عاماً في تنظيم بازار “ألوان سوريا” جعلتها تشعر بمسؤولية أكبر، لأن أحلامها بدأت تتحقق، مؤكدة أن هدفها منذ البداية كان نشر الإبداع السوري إلى كل بلدان العالم، مضيفة أن الاستمرارية تمثل التزاماً تجاه المشاركين في البازار لدعمهم الدائم، ولتحقيق فرصة عرض منتجات المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بطريقة لائقة تظهر احترافية العمل.

المرأة في قلب البازار
وتتابع الطباع حديثها بروح فخرٍ واضحة، مشيرةً إلى أن الحرف اليدوية تتواجد في البازار من شتى المجالات: التطريز، والرسم، وأعمال الخشب والصدف والريزن والورود، وغيرها من الإبداعات التي تليق بمختلف الأذواق، وتضيف أن تزايد الإقبال من مختلف الأعمار يمنحها شعوراً متجدداً بالسعادة، خاصة حين ترى تقدير الناس للعمل اليدوي وحرصهم على اقتنائه.
ولكي تبقى التجربة ناجحة ومتجددة، أوضحت أن اختيار المشاركين يتمّ وفق معايير دقيقة، أهمها امتلاك حرفة أو فكرة جديدة وتنوع المعروضات، بالإضافة إلى طريقة التعامل وردود الأفعال، وذلك لضمان أجواء مريحة تشبه “العائلة الواحدة وعلى قلب واحد”.
وترى الطباع أن المرأة تبقى في صدارة الاهتمام، لأن البازار يمثل المساحة الأكبر لتمكينها اقتصادياً واجتماعياً، مبينة أن المشاركات يتبادلن الخبرات والأفكار، فبعضهن ناصحات ومشجعات لزميلاتهن، وأخريات مستفيدات من التجربة لتطوير مشاريعهن الصغيرة، في مشهد يعكس روح التعاون والتكامل.

من المحلية إلى العالمية
تزايد الإقبال الجماهيري، برأي الطباع جعل فرص تصدير المنتجات اليدوية السورية أكبر من أي وقت مضى، معتبرة أن هذا الحلم الذي راودها قبل التحرير بات اليوم أقرب إلى التحقق، وتؤكد أن النجاح لا يخلو من التحديات والتكاليف، فـ “لكل مجتهد نصيب”، مضيفة أن الفرحة تكتمل بالإقبال الجماهيري والدعم الرسمي المنتظر، على أمل التوسع مستقبلاً في أماكن أكبر لاستيعاب المزيد من المبدعين السوريين.
وتنعكس تجربة البازارات في آراء المشاركين أيضاً، إذ تقول السيدة لمى الحسن من اللاذقية، التي شاركت في أحد البازارات المحلية: إن هذه الفعاليات منحتها فرصة عرض أعمالها من السيراميك لأول مرة أمام جمهور واسع، مشيرةً إلى أن الاهتمام بالتفاصيل والتنظيم الجيد جعلاها تشعر أن عملها الصغير أصبح مشروعاً حقيقياً.
أما الطفلة كاتيا خضور، ذات السنوات العشر، فعبرت عن فرحتها الكبيرة بمشاركتها في بازار للأطفال بدمشق، قائلةً: “رسمت بطريقتي البسيطة لوحات صغيرة بيعت جميعها، هذه التجربة علمتني معنى التعب والإصرار، وأعطتني ثقة بأن الفن ليس للكبار فقط”.

وفي ختام حديثها، وجهت الطباع رسالة إلى النساء والشباب الراغبين في دخول عالم البازارات، مؤكدة أن النجاح يبدأ من حب العمل والإيمان به، وأن من يرى حلمه ويتخيله بوضوح سيصل إليه حتماً، وتأمل في أن تتوسع المساحات مستقبلاً لاستقبال أكبر عدد من المبدعين السوريين في مختلف المجالات، لأن “كل يد تصنع، تضيف لوناً جديداً للحياة”.
بهذه الروح المفعمة بالإصرار، تمضي البازارات السورية لتكون نافذةً تروي للعالم أن الإبداع السوري لا يعرف انقطاعاً، بل يولد من جديد مع كل لون وحكاية.