ثورة اون لاين: أليس كل ما طاله التخريب ملك للشعب (كما في كل دول العالم). ولا يخرب أملاك الشعب من يدّعون طلب الحرية والعدالة له، لأنهم ببساطة أعداء للشعب عندما يحرمونه مقدراته.. الثورة تحمي والثوار الحقيقيون حماة لمقدرات الوطن وليسوا لصوصاً…
ما يدور اليوم يدعو للغثيان والقرف. ماذا نقول في عمليات الخطف والاغتصاب والقنص، والتدمير والحرق والتفخيخ، والسرقة التي تفشت وطالت بيوت العامة من الناس… طردوا منها وهجروا تحت تهديد السلاح واستبيحت على أنها غنائم حرب.
أصبحت سرقة أموال الشعب ورواتب الموظفين الذين ينتظرون نهاية الشهر بعيون شاخصة لتسديد ديون أو شراء وصفة دواء… (غنائم حرب)… وتمتد أيديهم العابثة لتسرق معامل الوطن وثرواته ونفطه… ومن غير تورع ينهب رغيف الخبز من فم الأطفال بسرقة القمح أو حرق حقوله…
يمارسون أفعالهم هذه بدم بارد. ويتغنى بها أطفال لقنوهم ما يرددون. في زرعٍ للوحشية والهمجية في عقولهم ونفوسهم. حتى أصبحت الكبائر أفعالاً طبيعية، والمفردات والسلوكيات الخطأ هي السائدة؟!! وأصبح استهداف أفراد الجيش العربي السوري (نصراً وبطولة)؟؟!!.. إنه منتهى العهر والفجور…
أي زمان بالله عليكم هذا الذي نعيشه… ومن يدّعون الإسلام يحرقون مساجد الله ويدمرونها..
والأنكى من كل ذلك الدفاع عن هذه الأفعال البعيدة عن قيمنا وأخلاقنا وديننا وإنسانيتنا، من قبل بعض من يدعون أنهم مفكرون أو سياسيون… في مشهد يُظهر منتهى الانتهازية. خاصة أولئك الذين يضعون أنفسهم في المساحة الرمادية، أو يدّعون أنهم مفكرون لما يدعى بالثورة… ويطبقون أفواههم بصمت قاتل… ولا يفتحونها إلا لنفث الموت باستجماع قوى الشر من شخصيات وارثة للفكر الاستعماري، واستجداءها مع الحاقدين لتسليح القتلة في عملية تصعيد للموت الجماعي.
بالله عليكم أين هي معالم الثورة في كل المشهد الذي نعيش… هل الفكر الثوري يستدعي الدفاع عن القتلة والمغتصبين واللصوص. بل واستحسان قتل أبناء الوطن الواحد، لبعضٍ منهم تحت حجة الدين أو المذهب، وإصدار فتاوى لسلوك مناف لكل ما فطرنا عليه وتعلمناه، في خرق لأخلاقنا بمدية ملوثة بفايروس ممرض يستعصي العلاج.
إذا كانت هذه أفكارهم وأفعالهم التي يدافعون عنها، فأي مستقبل بوجودهم ينتظر الوطن والمواطن… من جماعات ما زالت تلوذ بعباءات النفط القاتل.
ما كانت الحرية يوماً سمّاً زعافاً، تتداعى لحياكةِ أسبابه أطراف استمرأت تطاول وجودها على دماء الأبرياء، وبناء أمجادها على أشلاء أصحاب الأوطان الأصليين..
ليس من مستقبل لأي وطن أو شعب، في ظل تفكير ضلالي يختبئ تحت ظلال الإسلام، ولا حتى الليبرالية أو العلمانية. إن كان المرتسم على أرض الواقع هو هذا المشهد القاتم الذي يدمر كل شيء وأَوَّلها لحظات الأمن والفرح…
أي ثقة يمكن أن تمنح لمن يطرح شعار الديموقراطية، ويمارس تحته أسوأ أنواع الإقصاء، والاستبداد والفساد والعنف والإرهاب. وفي ذات الوقت الاستقواء بالأجنبي لتحقيق مآرب في الوصول إلى السلطة أو الحكم، في ضغط على الإرادة الشعبية بحجة الإسلام أو الديموقراطية.. عبر دوامة العنف والإرهاب والقتل. فما كان الإرهاب تحت ظل الإسلام يوماً رسالة حضارية… إلا أن الغرب استغله وأخذ يروج من خلاله ما يدعى (الإسلام فوبيا) في تدمير لمقومات الإسلام الحقيقي…
نحن أمة الوسط أمة القيم والأخلاق فلا العلمانية العنيفة مقبولة فينا، ولا الإسلام المتطرف يمكن قبوله..
نحن أمة تحب الحرية والديموقراطية التي تنبع من ذات مجتمعها، بعيداً عن العنف الذي لا تمارسه إلا القوى الفاشلة التي لا تمتلك فكراً ولا حجة ولا منهج. فتمارس العنف لتحقيق ما تدّعي أنه مشروعها…
فمن يريد تحقيق مشروعه إن كان عقلانياً بعيداً عن الإقصاء والعنف، لابد يسير مع خيارات الشعب وهذا ما تمارسه القيادة السورية، ومارسته دائماً وتكثيفاً منذ بدء الأزمة. وتوجته بمبادرة توصل لطاولة الحوار، والاحتكام في كل شيء لصندوق الاقتراع لتوثيق الإرادة الشعبية..
أما ما يجتاح الأمة العربية اليوم تحت عنوان الربيع العربي، كَشَفَ الأقنعة وأسقط السُتُرَ الزائفة، وعرّى الأفكار والنظريات المطروحة من قوى التيارات الإسلامية، التي تدَّعِي ظلمها على مدار عقود مضت. وأنها الوحيدة المؤهلة لتقود الأمة العربية تحت عناوين مضللة. طلباً لخلافة إسلامية مفادها الحرية والتعددية والحضارة والنهضة كما يدعوّن… فيصبح الابتهال لله تعالى بديل القرار الذي يجب اتخاذه، متناسين أن رب العزة يمنح القوة لعبده الساعي في مناحي الحياة وليس للداعي بلا عمل..
والواقع اليوم يظهر حقيقة هذه القوى، التي لا تعرف إلا لغة الإرهاب الدموي، لفرض خياراتها على الشعوب. وممارسة القمع والإقصاء، في تكريس للاستبداد الذي ادعت يوماً أنها ضده، لأنهُ ممارسةُ القوى العلمانية (كما تدّعي)… فتحاول نفث النار كالتنين الهائج لتحرق بحمق كل ما حولها. وتنسى أنها ليست بأفكارها هذه إلا من الأحياء المنقرضة كالديناصورات التي انقرضت منذ آلاف السنين.. لأننا لن نكون يوماً أنموذجاً لشريعة الغاب.
شهناز صبحي فاكوش