ثورة اون لاين-آنا عزيز خضر:
للثقافة كلمتها وموقعها الخاص في كل مجاﻻت الحياة، فهي بحكم كينونتها تقدم أفضل الحاﻻت وتنقيها لصالح الانسان، فهي إلى جانبه أينما يتجه، وهي البوصلة الدقيقة نحو كل ماهو إيجابي.
من هنا فإن فنونها تكون الحامل لرسالتها النبيلة في الحياة، وكلما كانت نوعية بمفرداتها وأدواتها، كلما اقتربت من هدفها في رفع وعي الناس، وكرافعة هامة لخلق حياة أفضل وأجمل.
إن مايجعلنا ومع قرب انتخابات مجلس الشعب، نسأل عما يطلبه القائمون على الفعل الثقافي ومنهم في المجال المسرحي. المجال الذي تحدث الكاتب المسرحي “جوان جان” قائلاً عن مطالب العاملين فيه:
“لطالما طرحنا على مدى سنوات، مقولات وتوصلنا إلى استنتاجات حول مدى أهمية الفعل الثقافي في بناء الإنسان والمجتمعات بناءً سليماً معافى من كل الأمراض الاجتماعية التي يمكن أن تصيب الإنسان والمجتمعات في أي زمان ومكان، ولطالما طرحنا الخطط والمشاريع التي من شأنها الارتقاء بالثقافة في كافة أشكالها وألوان آدابها وفنونها، فحققنا بعض هذه الخطط والمشاريع على أرض الواقع حيناً، وفشلنا في تحقيقها حيناً آخر ارتباطاً بمجموعة من العوامل والظروف التي ساهمت إلى حدٍّ ما في رسم معالم الحياة الثقافية السورية على مدى عشرات السنوات. لقد حققت الثقافة السورية في العقود الأخيرة نجاحات لا على مستوى العلاقة مع المواطن داخلياً فحسب، بل وعلى المستوى العربي، فتواجد الكتاب السوري الصادر عن وزارة الثقافة-الهيئة العامة السورية للكتاب- في مَعارض الكتب العربية، حقق انتشاراً شهد له به الجميع نظراً لغنى مضمونه ورخص ثمنه، وحققت الفنون التشكيلية إنجازات في مختلف أنواعها وأساليبها، كما حققت الموسيقا السورية العديد من النجاحات على المستويين العربي والدولي، فتواجدت فرقنا الموسيقية في مختلف المحافل ونافست كبريات الفرق الموسيقية العالمية، ونفس الأمر ينطبق على السينما والمسرح سواء من خلال مهرجان دمشق السينمائي أو مهرجانها المسرحي، أو من خلال تواجد السينما والمسرح السوريين في المهرجانات الدولية والعربية وتحقيقهما لإنجازات مشهودة .
اليوم وفي ظل الحصار الخانق الذي تفرضه القوى المعادية على بلادنا، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي ترخي بظلالها على كل الفعاليات والمرافِق يبدو الاهتمام بالثقافة أمراً ضرورياً، ربما أكثر من ذي قبل نظراً لما تشكله الثقافة من قوة مؤثرة تقف في وجه الأفكار السامة التي يحاولون تكريسها لتدمير مجتمعنا من الداخل وهو العصي على التدمير والتفكيك .
نحن بحاجة في المرحلة القادمة إلى إعادة الألق للكتاب والمجلة والصحيفة وعدم الخضوع لمتطلبات الضغوط الاقتصادية ولدعاوى الاعتماد الكلي على النشر الإلكتروني لأسباب مادية، إذ مهما بلغت تقنيات النشر الإلكتروني من تطور وسرعة وانتشار، إلا أن النشر الورقي لا يمكن الاستغناء عنه، فهو ذاكرة الشعوب ورمز هويتها وسيادتها، وأما النشر الإلكتروني فيذهب أدراج الرياح ولا يؤدي سوى وظيفة مؤقتة، لا لون لها ولا رائحة .
