(يوم عادي جداً).. المرآة المؤملة

ثورة أون لاين – فؤاد مسعد:
اقتناص الحالة وإعادة تقديمها بلبوس يحمل من الكوميديا السوداء والألم الكثير، هو إعادة إنتاج الواقع الذي نراه كل يوم ونمر عليه غير آبهين ولكنه في النتيجة يشكل مسيرتنا في الحياة، إنها خمس لحظات تمر في يوم عادي جداً ولكن هذا (العادي) في عمقه الحقيقي هو (اللاعادي) الذي بات (عادياً).. تلك الجدلية التي قُدمت داخل حجرة تكسي تمتد في مفهومها وفلسفتها لتشمل المجتمع والعالم.
صاغ أنس زواهري حكاية فيلمه القصير (يوم عادي جداً) بذكاء وقدمها بكل ما تحمل من بساطة واخزة، انتقى خلالها خمس حالات غلب على آلية التعاطي معها في العمق البعد التراجيدي، إلا أنها حملت في لبوسها الظاهري روحاً كوميدية، لإيصال فكرته بعيداً عن طريقة السرد التقليدية، فالألم بات من اليوميات ولم يعد أمراً غريباً، هناك حالة من التبلّد حتى في المشاعر، هي عوالم المهمشين الذين يكابدون ويركضون ويلهثون كالآلة وليس لديهم وقت ليعيشوا إنسانيتهم وإن للحظات، هذا ما جرى مع سائق سيارة الأجرة (بطل الفيلم) الذي استفاق لبرهة في النهاية على صدمة صوته الداخلي المقهور بعد صفعة ظالمة، ولكن لا وقت لسماع ذلك الصوت، هي لحظة استيقاظ فجائية لا تلبث أن تتلاشى أمام دوران الحياة واستمرارها على المنوال ذاته، فعليه العودة سريعاً إلى أتون لهيب الحياة ليعيش روتينه وألمه اليومي وكأنه حجر الرحى الذي لا فكاك منه. عليه العودة مجدداً إلى استسلامه في مصارعاته اليومية بكل ما تحمل من أسى وقهر. سائق سيارة الأجرة بدا هنا وكأنه الدونكيشوت الذي يحاول أن يكون (فهلوياً) ويصطاد فرصه الصغيرة ولكنها فرص آنية منخفضة سقف الطموح أمام سقف الألم المرتفع.
حياة اعتيادية روتينية رتيبة، وأحداث مُستلة من معين الواقع، عبر فيلم سعى في إطاره العام إلى اقتناص لحظات متسربة من الحياة وتوثيقها بين شارتي البداية والنهاية لتقديم وثيقة درامية عن ألم الحياة الذي يمر ـــ ربما ـــ دون أن نحس به أو نحاكمه أو حتى أن نفكر فيه وبتداعياته. وجاء خيار التصوير ليعمّق هذا الإحساس ويضفي عليه صبغة الواقعية والمباشرة الصادمة التي تجعل المشاهد يصاب بدهشة ما يتابع لشدة واقعيته وكأنه هو من يركب سيارة الأجرة ويُحادث السائق، فكاميرا ميار النوري (مدير التصوير) القابعة داخل السيارة غالبية زمن الفيلم صورت الحوارات والحركة والانفعالات وكأنها تقوم بمهمة مُراقب خفي لرصد وتوثيق دراما الحياة الحقيقية.
بدا واضحاً خلال الفيلم محاولة الاعتناء بالتفاصيل المشكّلة للوحة الكاملة، مثال ذلك (قنينة الماء) الخاصة بالسائق المغلّفة بقماش الخيش لتبقى باردة، كما تم المرور على أكثر من مشكلة وكل منها تصل لرتبة الجرح النازف ومنها حوار السائق مع (محمد قزق) عندما سأله عن أولاده وكيف تركوه لوحده يهيم في الشوارع، ونكاية بالألم انتهى الفيلم بعبارة (الفيلم انتهى والحياة مستمرة) ونحن نصغي لأغنية (سكابا)، ضمن هذا الإطار جاء الفيلم وكأنه مرآة تضع المتلقي أمام ذاته وسط حالة الاستهلاك والاستنزاف اليومي للروح التي تحدث ربما غفلةً عنه في زحمة انهماكه بمقارعة مصاعب الحياة.
(يوم عادي جداً) سيناريو وإخراج أنس زواهري وإنتاج المؤسسة العامة للسينما ضمن مشروع دعم سينما الشباب، حاز مؤخراً على ذهبية مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة السابع.

آخر الأخبار
ما بين "بيت أبو احمد" و" ماكدونالدز".. المساكن المسبقة الصنع تنهي عقوداً من الانتظار الخبير شعبو لـ"الثورة": انخفاض سعر الصرف وهمي لا يسهم بتخفيض الأسعار أهالٍ من طرطوس: بعد رفع العقوبات.. الحلم يتحقق والأمل بمستقبل زاهر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: قريباً.. هيئة للعدالة الانتقالية ومنصة لسوق العمل الدولار يتراقص على إيقاع السياسة جيب المواطن على المحك... هل تنقذنا الليرة؟ الأصول المجمدة.. كيف سيستعيدها المركزي بعد رفع العقوبات؟  مدير نقل دمشق: رفع العقوبات سينهض بالقطاع إلى مستويات جيدة د. أيوب لـ"الثورة": رفع العقوبات خطوة "ذهبية" لاستعادة العافية مرحلة جديدة للشعب السوري.. المحامي حميدو لـ"الثورة": ينعش الآمال المعيشية "رحلة انتصار"... رسائل توثق الذاكرة السورية زينة الرجال الأغبياء ... أبرياء يدفعون ثمن الرصاص الطائش.. إزالة الأنقاض وفتح الطرقات بريف حماة لمنتج علفي رخيص.. التدريب على تصنيع السيلاج باستخدام الأعشاب ماذا لو قبل "بشار الأسد" شُرب المرطبات مع "أردوغان" أحمد نور رسلان - كاتب وصحفي سوري اليوم بدأ العمل الجاد   الشرع: سوريا لكل السوريين بطوائفها وأعراقها كافة.. وقوتنا بوحدتنا كهرباء ريف دمشق: صيانات وتركيب تجهيزات جديدة وحملات لإزالة التعديات    القبض على شبكة مخدرات وعصابة سرقة أموال وسيارات      استبدال خط "سادكوب" لتحسين ضخ المياه وتقليل الفاقد بحماة   "مكتب الاستدامة" تجربة رائدة في بناء قدرات الطلاب ودعم البحث العلمي  تكريم كوادر مستشفى الجولان