لطالما كانت سورية تصنف كبلد زراعي أولاً، الأمر الذي منحها منظومة زراعية متكاملة أعانتها على تحقيق الأمن الغذائي لمواجهة التحديات الخارجية والسياسية على مدى سنوات طوال، حيث كان القطاع الزراعي يحظى بالأولوية بالنسبة للحكومة، والتي خصته بجملة من الإجراءات التي كان عمادها دعم الفلاح بقوة وفعالية، حيث كانت النتائج مبهرة وحققت المرجو منها..
هذا الدعم تراجع مؤخراً لأسباب مازالت غير مفهومة، وتراجع أيضاً الدعم المقدم للفلاح والمربي، الأمر الذي انعكس على المنتج الزراعي والحيواني، ما جعل الكثير من هذه الشريحة يعزفون عن هذه المهنة والتحول لغيرها من المهن التجارية سريعة الربح، خاصة أنها مهنة شاقة ولم تعد تحقق قيمة مضافة، واليوم الأسعار في الأسواق أكبر شاهد على هذا الطرح، ولعل آخر التداعيات ارتفاع أسعار الفروج والبيض لدرجة كبيرة باتت تنذر بالخطر..
الجهات المعنية تنبهت متأخرة لضرورة دعم القطاع الزراعي حيث شهدنا قبل أيام اجتماع السيد رئيس مجلس الوزراء مع اتحاد الفلاحين والذي تم التأكيد فيه أن الحكومة مستمرة بتأمين متطلبات إعادة استنهاض القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وزراعة مجمل الأراضي المحررة من الإرهاب واستثمار المساحات القابلة للزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، وتعزيز مخازينها بشكل تدريجي بدءاً من العام القادم.
هذا الاستنهاض جاء متأخراً للغاية، إلا أنه وكما يقال “أن تصل متأخراً خير من أن لا تأتي” وبالتالي فإن هذا الاستنهاض والتوجه لن يؤتي ثماره إذا لم يقترن بنية صادقة ورغبة حقيقية في تنفيذه، بعيداً عن كلام الاجتماعات البعيد عن أرض الفلاح الذي يستحق كل الدعم بسخاء، ومن دون حساب الخسارة التي قد تتحملها الخزينة جراء هذا الدعم، فالبذار والعلف واللقاحات البيطرية يجب أن توزع بالأسعار المدعومة إن لم نقل مجاناً، كذلك الأمر بالنسبة لضرورة شراء المحاصيل من الفلاح وتأمين مستلزمات العملية الزراعية بيسر وسلاسة، فإن توفرت هذه الظروف وعلى المدى الطويل سندرك النتائج المرجوة، والتي ستنعكس على الجميع، وتعود سورية لتحظى بميزة الأمن الغذائي كما كانت في السابق..
على الملأ-باسل معلا