الملحق الثقافي:إعداد: رشا سلوم:
تقول آنا أخماتوفا: عشت في طشقند وأنا أتحرّق شوقاً لالتقاط أخبار لينينغراد والجبهة، وكغيري من الشّعراء ألقيت أشعاري مراراً للمقاتلين الجرحى الذين يعالجون في المستشفيات. كانت الأشعار هي رباطي بالعصر وبالحياة الجديدة لشعبي، وعندما كنت أكتبها كنت أعيش على تلك الإيقاعات التي تتردد عبر التّاريخ البطوليّ لبلادي، وإنّي لسعيدة، إذ عشت هذه السّنوات ورأيت تلك الأحداث التي ليس لها نظير.
شجاعة
نحن نعلم ما في كفّة الميزان موضوع
وماذا يحدث السّاعة
وأوان العزم قد حان
ولن تتركنا اليوم الشّجاعة
نحن لا نخشى الرّدى تحت الرّصاص
لا، ولن نجزع أن نحن بقينا دون مأوى..
غير أننا سنصون الكلمات..
لغة الرّوس العظيمة..
سنحملها إلى الأحفاد طاهرة كريمةً
من قيود الأسر نحميها.. إلى الأبد
بلادي عادت قويّة
مرّت خمسة أعوام وداويت يا وطني
جراح الحرب القاسية
عادت حقولك يا بلادي
ترفلُ في الّسكون العميق
وأضاءت المنائر في ظلام الليل
لترشد الملاّح للطّريق
والبحارة في عرض البحر
يتطلعون إليها كعيون الأصدقاء
وحيث صلصلت الدبّابة.. يسير جرار وادع
وحيث زارت الحرائق.. تمتدّ حدائق غنّاء
وسيارات الرّكوب تنطلق الآن
على الطّرق التي حفرتها القنابل..
بلادي عادت حرّةً قويّةً، لك في كنز ذاكرة الشّعب
ستبقى دوماً
رماد سنوات الحرب.
ولحياة الأجيال
الجديدة في ظلّ السّلم
تنهض من قزوين إلى بحار الشّمال
المدائن الجديدة الضّخمة
نصباً للقرى المحروقة.
أخماتوفا وجائزة نوبل في الأدب
وعن الشاعرة الراحلة يكتب الناقد جودت هوشيار دراسة مطولة يقول في بعضها: دأبت أكاديمية العلوم السويدية – مانحة جوائز نوبل – على الحفاظ على سرية وثائقها الأرشيفية لمدة خمسين عاماً. وكما يتضح من الوثائق المنشورة في يناير عام 2016 أن أخماتوفا كانت ضمن لائحة المرشحين لنيل جائزة نوبل في الأدب عام 1965. وجاء في تلك الوثائق أن رئيس لجنة نوبل «أندرس أوسترلوند» قال خلال تقييم قصائد أخماتوفا: «لقد تأثرت كثيراً بالإلهام القوي للشاعرة، وتأثرت أكثر لمصيرها وإرغامها على الصمت الإجباري لسنوات طويلة». وقد ذهبت الجائزة في ذلك العام إلى مرشح الدولة السوفييتية «ميخائيل شولوخوف»، بعد أن حشّد الاتحاد السوفييتي تأييد الأوساط الأكاديمية، والفائزين بجائزة نوبل من الكتّاب والشعراء اليساريين، ومارس ضغوطاً دبلوماسية واقتصادية على السويد. وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن شولوخوف لم يكن يستحق الجائزة.
وكما تشير وثائق الأكاديمية السويدية التي كشف النقاب عنها عام 2017 أن أخماتوفا كانت من أبرز المرشحين لنيل الجائزة عام 1966. ولكن وفاة ألشاعرة في آذار من ذلك العام أدى إلى صرف النظر عن ترشيحها.
ذكرى أخماتوفا
يتمتع إبداع أخماتوفا بتبجيل عظيم في بلادها، وفي العالم الغربي. وقد خلدت روسيا ذكرى الشاعرة بطرق شتى. فهناك متحف أخماتوفا في بطرسبورغ، وتمثال أو جدارية لها في كل مدينة روسية عاشت فيها ولو لبضع سنوات، منها ثلاثة تماثيل في مدينة بطرسبورغ وتمثال في موسكو. وفي كل مدينة من تلك المدن شارع يحمل اسمها. كما أطلق الفلكيون الروس اسمها على كويكب اكتشف عام 1982، وعلى فوهة بركان في كوكب الزهرة. إضافة إلى عدد من المكتبات العامة والبواخر السياحية. وثمة العديد من لوحات البورتريه للشاعرة رسمها كبار الفنانين الروس، وأفلام سينمائية تصور حياتها المليئة بالأحداث الدراماتيكية.
كما حولت قصائدها إلى أوبريتات وباليهات وأغان يصعب حصرها. وكتبت عنها عشرات الكتب والأطروحات العلمية. وتحتفل روسيا في 23 حزيران من كل عام بذكرى ميلاد الشاعرة حيث تقام فعاليات ثقافية جماهيرية، يلقي خلالها أشهر الممثلين والممثلات الروس قصائدها الوجدانية التي تهز المشاعر بصورها الفنية المدهشة.
التاريخ: الثلاثاء25-8-2020
رقم العدد :1010