بيدرسون سعيد للغاية بلجنة مناقشة الدستور.. المبعوث الأممي يبتسم وهو يرفع الأثقال السياسية لمهمته الأممية في سورية.. ويحافظ على التوازن الدبلوماسي ما بين قبضته على النقاط المشتركة بين الوفدين وما أفلت منه من خلافات..
لكن اللافت بمقاربات بيدرسون أنه أشار لضرورة مد الحوار فوق ميدان سوري هادئ تتربع عليه النقاشات.. فقفز رئيس وفد (المعارضة) الى الشاشات ليصرخ… وجدتها.. (وقف إطلاق النار برعاية واشنطن قد يحل لغز سعادة بيدرسون ويصنع المعجزات التي استبعدها المبعوث الأممي في الجولة الثالثة)..!!
الأكثر خيبة أن يكون رئيس هذا الوفد بحماسته للظهور الإعلامي قد كسر أحد أضلاع المهمة الأممية يوم طلب التدخل الفوري من أميركا لوقف النار بينما يروج بيدرسون أن الحوار سوري -سوري من دون تدخل.. بل أكثر من ذلك..
حين يطلب هذا (المعارض) وقف المعارك ويأتي متأخراً عن ما أقرته آستنة وسوتشي من هدنة لا تستثني إلا جبهة النصرة.. ألا يبدو هذا (البحرة) مضحكاً بطلبه من الاحتلال الأميركي وشريكة التركي فرض وقف النار وهما يأكلان بالحصار نفط سورية وخيراتها ويجثمان على صدر أهلها حتى قطع المياه عن العروق؟!.
(الميدان الهادئ) في تعريفات المرحلة ليس الذي تتوقف فيه رصاصات القتال، بل يكون برحيل الاحتلال وعودة تدفق المياه إلى عروق الأرض، وانزياح اللص التركي والدجال الأميركي عن ثروات الشعب.. هذه المعادلة فقط هي من تعيد للحلول السياسية توازنها.. وتهون الطريق الصعب أمام أي مجهود دبلوماسي وأممي…
فالسوريون بعد عشرة سنوات باتوا يدركون أن الطرق السياسية معبدة دائماً بالإنجاز الميداني، وأن واشنطن والغرب لاينهزمون سوى بقوة الجيش والمقاومة الشعبية.. لذلك يحاول ترامب إضعاف سورية ويفشل!! فهو يريد التفاوض مع سورية ضعيفة ويعطي الإشارة لأدواته بالتصعيد، فيقطع أردوغان المياه وتتولى قسد قطع الكهرباء وما بينهما وفد من (المعارضة) ينتظر قراءة (الراشيته) الاميركيه في كل المؤتمرات حول سورية.. سيأتي يوم ويعطيهم ترامب وصفته السحرية بابتلاع المعقمات للخلاص من دورهم… وهذا من سوء سلوكه السياسي خاصة مع الأدوات أو ربما قد يستدعيه نضج المباحثات مع روسيا…
ثمة من يقول إن الرئيس الأميركي يطرق الأبواب في موسكو للخروج من المأزق في سورية والمنطقة كلها.. الأكثر تفاؤلاً ذلك الذي يتحدث عن استدارة أميركية عن الشرق الأوسط باتجاه أوروبا.. لن نستبعد.. فمفاجآت ترامب كثيرة إلى حد أن يقول في خطابه بالأمس “لقد استعدت عظمة أميركا” !!.
عن ماذا يتحدث ترامب وملامح النظام العالمي الجديد المتعدد الأقطاب مع روسيا والصين التي يكره بدأت ملامحه تتشكل ويكاد أن يصرخ من رحم المنطقة.. لولا تخدير إسرائيل..
فنتنياهو لن يقبل بالمعادلات الجديدة وقد تكون أمنية ترامب السرية أن يرحل رئيس حكومة الكيان نتنياهو فهو العقبة الأكبر في تورط الرئيس الأميركي… ومستعد حتى لتقبيل قدميه أي نتنياهو.. للخلاص من وعود البيت الأبيض بالقضاء على المقاومة وإضعاف محورها من دمشق إلى طهران!!.
ترامب مستعد لدفع كل الأثمان مقابل ولاية ثانية سواء رضي نتنياهو عنه أم لا.. وسواء بدأ بقرع الأبواب الروسية أم كبلت يداه بسلاسل اللوبي الصهيوني في واشنطن… فهو لا يريد التخلي عن دعم إسرائيل أبداً ولكن التوقيت الآن لم يعطه ورقة الفوز بولاية ثانية.. لذلك ينسحب ببطء من العراق… كل شيء قيد التجربة والمواربة.. إلى أن يأتي ذلك الثلاثاء الأميركي الكبير!!!…
نحن هنا نسعى لنصرنا وننتظره في الميدان وفي الحكومة الجديدة التي رغم صعوبة مهامها، عليها أن تصل بالوضع الداخلي إلى بر أمان السوريين في لقمة عيشهم وعودة حياتهم.. ننتظر أن يرقى الأداء الحكومي القادم إلى المستوى الذي بلغه الإنجاز العسكري، وهذا أيضاً جزء كبير من هدوء الميدان.
نبض الحدث- عزة شتيوي