تمرد غير مسبوق.. وخروج عن الطاعة الغربية الأوروبية.. وتحطيم من الشرق لأصنام البيت الأبيض.. هكذا تقرأ الصحف الغربية العلاقات الأميركية الأوروبية مع الشرق الذي بدأ يبحث عن مصالحه بعيداً عن خرائط المصالح الغربية.
صحيفة “الجونغ وليت” الألمانية قيمت العام المنصرم بأنه عام اجتثاث التطبيع مع الغرب، والدليل أن معظم الدول في منطقة الشرق رفضت الأوامر الأميركية بقطع العلاقات مع روسيا وأهملت مطالبات المشاركة بالعقوبات عليها.. وربما خجلت الصحيفة أن تقول بأن الشرق لم يعد ملك يمين أميركا وأوروبا، طالما أنها صرحت وبالخط العريض أن صعود الهند وروسيا والصين اقتصادياً، في حين أن الغرب يفقد بريقه في هذه المجالات قد يجعل إمكانية الاستقلال لهذه الدول ممكنة.
إذا تبوح الصحافة الغربية علناً باستعباد الغرب للشرق ليس حباً بالأخير بل حسرة على مصير ما يجري من أمام الإدارة الأميركية والاستدارات في المنطقة خارج مجال التغطية الأميركية السياسية أو حتى في مناطق مجالها السياسي، وذلك ليس لأن الكثير من هذه الدول قررت الاستقلال في سياساتها، بل أيضاً لأن التورط الأميركي في الحرب مع روسيا عبر الدمية الأوكرانية وقدرة كل من موسكو وبكين على الصعود بشكل متسارع أفقد الإدارة الأميركية هيمنتها الأحادية وهيبتها، فاختل توازنها في معادلات المرحلة، ويبدو أن التحركات التي نراها في المنطقة هي تداعيات لخروج واشنطن عن بعض مناطق التغطية في الشرق .. فقد يطرح السؤال: ما موقف واشنطن مما يجري من محاولة تحريك للملفات وحلحلتها بوساطة روسية وبتعاون مع دول عربية مثل الإمارات وخاصة الملف السوري .. الإجابة واضحة، واشنطن تحاول تخريب المشهد وعقد جلسة بين المليشيات الانفصالية (قسد) وبين أردوغان .. علهما يلتقيان عند مصلحتها.. أميركا تسعى للصلح بين الأكراد وأردوغان لتجعل من عجائب الدنيا ثمانياً.. وليس العجب بالصلح بل العجيبة بأن تكون أميركا تفكر في هذه المرحلة بكامل قواها العقلية.
التالي