مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز

الثورة – رولا عيسى:

تشهد الساحة الاقتصادية السورية تطورات لافتة في ملف الطاقة قد تشكل بداية خروج تدريجي من تبعات العقوبات الطويلة التي أثقلت القطاع لأكثر من عقد، وأحدثها توقيع “الشركة السورية للبترول” مذكرة تفاهم مع شركتي “كونوكو فيلبس” و”نوفاتيرا” الأميركيتين لاستكشاف وتطوير عدد من حقول الغاز في سوريا.

واعتبر وزير الطاقة، محمد البشير، أن المذكرة تمثل خطوة تعزز الإنتاج الوطني، وتدعم أمن الطاقة، وتحقق الاستدامة عبر الاعتماد على الموارد المحلية، إضافة إلى أنها تفتح آفاقاً جديدة للتعاون مع الشركاء العالميين.

وتأتي هذه الخطوة في توقيت شديد الحساسية، إذ يعاني إنتاج الغاز محلياً من تراجع كبير لا يتجاوز سبعة ملايين متر مكعب يومياً بحسب تصريحات رسمية، مقارنة بـ 21 مليون متر مكعب قبل عام 2011.

وبحسب الخبير الاقتصادي فاخر قربي، في تصريح لصحيفة “الثورة”، فإن هذا التراجع أدى إلى ضغط مستمر على منظومتي الكهرباء والصناعة، ورفع فاتورة المستوردات إلى مستويات غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل، ما يجعل أي استثمار قادر على ضخ التكنولوجيا والخبرة أمراً بالغ الأهمية لاستعادة التوازن بين العرض والطلب.

خبرة واسعة

ويرى قربي أن “كونوكو فيلبس” تُعد من أكبر الشركات الأميركية في قطاع النفط والغاز، وتمتلك خبرة واسعة في الشرق الأوسط، خصوصاً في تقنيات الحفر الأفقي وإدارة الحقول المعقدة، ما يجعل دخولها إلى السوق السورية دلالة على تحسن بيئة الاستثمار رغم استمرار العقوبات.
أما “نوفاتيرا”، فهي متخصصة في تطوير الحقول ذات الطبيعة الجيولوجية الصعبة وتمتلك حلولاً متقدمة لزيادة مردود الاستخلاص. وتمنح خبرتها في آسيا الوسطى وجنوب المتوسط ميزة إضافية للتعامل مع الخصائص الجيولوجية السورية التي تتطلب تقنيات دقيقة.
ويشير قربي إلى أن وجود الشركتين معاً يوفر مزيجاً من الخبرة التقليدية والتقنيات الحديثة، ما يعزز احتمالات تحقيق نتائج ملموسة خلال فترة زمنية معقولة.

مكاسب متوقعة

وتشير تقديرات أولية، وفق قربي، إلى أن الأعمال الاستكشافية والتطويرية قد ترفع الإنتاج المحلي بين ثلاثة وخمسة ملايين متر مكعب يومياً خلال السنوات الثلاث الأولى، وهو تحسن قادر على تخفيف الضغط عن محطات الكهرباء والحد من استيراد المشتقات البديلة التي تصل كلفتها إلى 1.3 مليار دولار سنوياً.

كما أن دخول الشركات العالمية يفتح الباب أمام تحديث واسع للبنية التحتية، من خطوط النقل إلى معامل المعالجة التي تحتاج إلى إعادة تأهيل شبه كامل. ويرى قربي أن هذه الشراكات تعزز كذلك فرص نقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر المحلية لإعداد خبرات وطنية قادرة على إدارة المشاريع مستقبلاً.

ويؤكد أن زيادة الإنتاج المحلي ستنعكس مباشرة على أمن الطاقة، عبر تقليل الاعتماد على الاستيراد وتخفيف التقلبات المرتبطة بأسعار الصرف، الأمر الذي يوفر استقراراً أكبر للصناعة ومنظومة الكهرباء.

تحديات قائمة

ويلفت قربي إلى أن الخطوة تواجه تحديات عدة، أبرزها استمرار العقوبات التي قد تعيق دخول المعدات والتمويل، ما يتطلب ترتيبات خاصة في العقود. كما يتطلب جذب الاستثمار إطاراً قانونياً أكثر وضوحاً لاتفاقات المشاركة في الإنتاج بما يضمن حقوق الدولة والشركات ويشجع على استدامة الأعمال.

ويضيف أن الحقول وخطوط الإمداد تحتاج إلى بيئة لوجستية وأمنية مستقرة، وهو عامل حاسم في قرارات الشركات العالمية. كما أن الالتزام بالمعايير البيئية الحديثة يستوجب تجهيزات وتقنيات عمل دقيقة.

أبعاد استراتيجية

ويشير قربي إلى أنه لا يمكن النظر إلى المذكرة بوصفها اتفاقاً تقنياً فقط، بل خطوة تحمل أبعاداً استراتيجية أوسع، كونها مؤشراً على رغبة سوريا في إعادة دمج قطاع الطاقة ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية، واستعداد بعض الشركات الدولية للعودة إلى السوق السورية بشروط واضحة.

ومع ذلك، فإن نجاح المذكرة وتحولها إلى عقود تنفيذية فعلية يتطلب، وفق الخبير، عملاً حكومياً موازياً في ملفات التنظيم والحوكمة والشفافية وتطوير البنية التحتية. وفي حال اكتمال هذه المنظومة وبدء التحسن التدريجي في الإنتاج، قد تشهد سوريا خلال خمس إلى سبع سنوات تحولاً ملموساً في توازن قطاع الغاز ينعكس إيجاباً على الكهرباء والصناعة ويخفف جزءاً مهماً من الأعباء المالية عن الدولة.

آخر الأخبار
600 رأس غنم لدعم مربي الماشية في عندان وحيان بريف حلب من الرياض إلى واشنطن تحول دراماتيكي: كيف غيرت السعودية الموقف الأميركي من سوريا؟ مصفاة حمص إلى الفرقلس خلال 3 سنوات... مشروع بطاقة 150 ألف برميل يومياً غياب الخدمات والدعم يواجهان العائدين إلى القصير في حمص تأهيل شامل يعيد الحياة لسوق السمك في اللاذقية دمشق.. تحت ضوء الإشارة البانورامية الجديدة منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز انطلاقة جديدة لقطاع الطاقة.. شراكات عالمية قد تفتح الباب لزيادة قياسية في الإنتاج محطة ترحيل النفايات في بانياس تعمل بكامل طاقتها افتتاح 13 مدرسة مؤهلة في ريف إدلب.. خطوة لعودة الحياة التعليمية إلى مسارها زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تغيّر المعادلة.. إسرائيل خارج ملف السويداء "حلب أم الجميع": الجالية السورية في تركيا تتعرف على مشاريع إعادة الإعمار ارتفاع الأسعار بلا رقابة.. الحكومة تتحرك لتصحيح المسار قوة الاقتصاد تبدأ من المنزل.. المشاريع الأسرية محرك جديد للتنمية انضمام سوريا للتحالف الدولي.. فرض معادلة جديدة ونهاية لذرائع "قسد" في ألمانيا.. محاكمة خمسة متهمين من سوريا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وزارة الداخلية السورية ترفع قيود السفر عن أكثر من 150 ألف شخص استثمار ميناء طرطوس فرصة لتطويره وبوابة ثقة لشركات إعادة الإعمار الأسواق المالية.. فرص متساوية وحوكمة شفافة لتعزيز ثقة المستثمرين