الثورة – عبد الحميد غانم:
في إطار سعي سوريا لإعادة إحياء قطاع الطاقة وتعزيز قدراتها الإنتاجية، تبرز مذكرة التفاهم التي وقعتها “الشركة السورية للبترول” مع شركتي “كونوكو فيلبس” و”نوفاتيرا” الأميركيتين لاستكشاف وتطوير حقول الغاز، كخطوة استراتيجية قد تمهّد الطريق نحو رفع الإنتاج المحلي إلى مستويات قياسية وفتح آفاق تعاون دولي واسع، وفق ما يتوقعه الخبراء.
ويقول عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان، لصحيفة “الثورة”، إن مذكرة التفاهم تندرج ضمن مساعٍ لإنعاش قطاع الطاقة المتعثر، حيث تعمل الحكومة على تنفيذ استراتيجية طموحة لتطوير قطاع النفط والغاز عبر سلسلة من الاتفاقيات مع شركات دولية.
ويضيف أن هذه الخطوات تحاول بشكل جدي وقف التدهور الكبير في الإنتاج الذي وصل إلى مستويات متدنية تاريخياً بسبب سنوات الحرب والاضطرابات، فيما ترى الحكومة أن تأمين إمدادات الغاز يشكل مفتاحاً أساسياً لاستقرار الكهرباء والصناعة والخدمات.
ويشير إلى أن التراجع الكبير في إنتاج الغاز خلال السنوات الماضية، أوجد ضغطاً هائلاً على قدرة البلاد في تلبية احتياجاتها الأساسية من الطاقة.، ودفع الحكومة للبحث عن حلول عاجلة، كان من أبرزها توقيع اتفاقيات مع شركات دولية، مثل “دانا” الإماراتية، إضافة إلى الاتفاق الجديد مع “كونوكو فيلبس” و”نوفاتيرا”، بهدف تطوير الحقول وإجراء اكتشافات جديدة تزيد الإمدادات الداعمة للاقتصاد الوطني.
شريان حياة
وباعتبار الغاز شرياناً أساسياً لقطاع الطاقة، أوضح كنعان أنه يلعب دوراً محورياً في قطاعات حيوية عدة، أبرزها توليد الكهرباء من خلال تحويل المحطات للعمل على الغاز الأقل تكلفة من الديزل، وتأمين الغاز المنزلي للتدفئة والطهي، إضافة إلى تشغيل الصناعات الكبرى مثل الفوسفات والحديد وغيرها.
وتوقف كنعان عند الاكتشافات الجديدة الواعدة في حقول الغاز السورية، لا سيما في منطقة قارة بريف دمشق، حيث جرى حديثاً اكتشاف بئر جديدة وربطها بالشبكة.
كما أشار إلى توقعات بوجود كميات كبيرة في الجبال المحيطة بالمنطقة (القلمون – ريف دمشق)، ما قد يعزز فرص تحقيق الاكتفاء الذاتي ويفتح الباب أمام التصدير مستقبلاً، مع انعكاسات إيجابية على الاقتصاد ومعيشة المواطنين.
ولفت إلى انعكاسات مباشرة متوقعة على حياة المواطن، من بينها انخفاض أسعار الغاز والكهرباء مع زيادة الإنتاج، وتراجع تكاليف إنتاج المصانع وبالتالي انخفاض أسعار السلع، وتحسن مستوى الخدمات الأساسية واستقرار توفر الكهرباء والغاز المنزلي.

شراكات عالمية
ودعا كنعان إلى تعزيز التعاون مع شركات أميركية وأوروبية متخصصة تمتلك أحدث التقنيات، كونها تمتلك خبرة كبيرة وإمكانيات تمكّنها من استكشاف واستخراج الكميات الكبيرة من الغاز والنفط الموجودة في باطن الأرض السورية.
وأعرب كنعان عن اعتقاده بأن تسليم الحقول لشركات متطورة قد يمكّن سوريا من تجاوز إنتاج مليون برميل نفط يومياً، مقارنة بالإنتاج الحالي البالغ نحو 120 ألف برميل فقط. وأشار إلى أن حقولاً مثل “العمر” و”كونيكو” و”التنك” تُعد غزيرة الإنتاج، وحقل “العمر” من أغزر الآبار عالمياً.
وأوضح أن تحقيق هذا الطموح سينعكس إيجاباً على الموازنة العامة من خلال عائدات التصدير وجذب العملة الأجنبية، بما يعزز مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
تفاؤل حذر
ويرى كنعان أن الصورة العامة تبدو متفائلة بحذر، إذ تشكل اتفاقيات الغاز الجديدة نافذة أمل حقيقية لإنعاش الاقتصاد المنهك. فالنجاح في تأمين إمدادات مستقرة من الغاز، ليس مسألة فنية فحسب، بل خطوة أساسية لاستقرار الكهرباء ودعم الصناعة وتخفيف الأعباء المعيشية اليومية.
ومع التوجه نحو الاستفادة من خبرات دولية متقدمة، قد تكون سوريا على أعتاب مرحلة جديدة يعود فيها قطاع الطاقة ليكون قاطرة للتنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.