زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تغيّر المعادلة.. إسرائيل خارج ملف السويداء

الثورة – سامر البوظة:

لطالما كانت الشائعات أحد أهم الأسلحة التي تُستخدم بشكل ممنهج من قبل بعض الأطراف لضرب الاستقرار وزعزعة الثقة بين المواطنين والحكومات المستهدفة، وذلك عبر التحريض وإثارة الفتن والانقسامات داخل المجتمع بغية تحقيق أهداف تخدم أجنداتها ومصالحها. ومع تقدم التكنولوجيا والانتشار السريع للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح هذا السلاح أكثر خطرًا وفاعلية من حيث سرعة الانتشار الفائقة والوصول إلى ملايين الأشخاص بلحظات.

وفي هذا السياق، انتشرت مؤخرًا على وسائل التواصل الاجتماعي أنباء تتحدث عن نية الدولة القيام بشن عملية عسكرية في محافظة السويداء، ما أثار الكثير من ردود الفعل المتباينة حول هذا الموضوع، في حين نفت الدولة السورية تلك الأخبار، معتبرة أنها مجرد شائعات كاذبة تهدف إلى بثّ الفتنة وإثارة الخوف بين المواطنين، وداعية إلى عدم الانجرار وراء تلك الشائعات.

جزء من حرب نفسية

أكد الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى فرحات، أن تلك الشائعات التي تتحدث عن عملية عسكرية في السويداء، هي جزء من حرب نفسية تستهدف ضرب الاستقرار وتفكيك الثقة بين الدولة والمجتمع المحلي. وفي حديث لصحيفة “الثورة”، أوضح فرحات أنه لا توجد أي معطيات ميدانية أو سياسية تدلّ على وجود نيّة لمثل هذا التحرك، وإنما هناك توجه واضح نحو التهدئة وضبط الانفلات الأمني عبر مؤسسات الدولة. ونَفيُ المحافظ لهذه المزاعم يستند إلى وقائع حقيقية، ويأتي في مواجهة حملة من التضليل هدفها خلق حالة من الذعر والخوف بين السكان المحليين، وتهيئة البيئة لفتنة داخلية لا يستفيد منها سوى أطراف مأزومة تبحث عن البقاء عبر بث الفوضى. وأشار فرحات إلى أن “المحافظ هو من يمثل الدولة وهو من يعبر عن هذا الشيء، ولكن للأسف الشديد، هناك بعض صفحات فيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، يعمد البعض من خلالها، ونتيجة جهل، إلى (قص ولصق) بعض الأخبار، وقد يكون محسوبًا على الثورة، أو محسوبًا على الدولة، ولكنه يسيء من حيث لا يدري. لذلك، ينبغي دائمًا توخي الحذر والدقة في نقل المعلومة والاعتماد فقط على المصادر الرسمية أو الحكومية”، مبينًا أن “الدولة اليوم تتجاوب مع نبض الشارع بشكل مباشر، ونلاحظ دائمًا أنه عندما تكون هناك أي ملاحظة من قبل الشارع أو غيره، تبادر الدولة فورًا إلى التوضيح والرد والتعامل مع تلك الملاحظات، وهذا شيء إيجابي جدًا يُحسب للدولة”.

وكان محافظ السويداء، مصطفى البكور، قد نفى في تصريح عبر قناته على “تلغرام”، الشائعات التي راجت مؤخرًا والمتعلقة بشن عملية عسكرية في المحافظة، واعتبرها أخبارًا كاذبة تهدف إلى بث الفتنة وإثارة الخوف بين السكان، وخصوصًا في أجواء الشتاء القاسية. ودعا البكور المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الشائعات المغرضة، مؤكدًا أهمية التصدي لمروجي الأكاذيب الذين يسعون إلى زعزعة الاستقرار.

فيما أعلن رئيس لجنة التحقيق في أحداث السويداء، حاتم النعسان، عن مطالبته بتوقيف عناصر من الأمن والدفاع بسبب ارتكابهم مخالفات خلال الأحداث الأخيرة. كما أشار إلى أن اللجنة طلبت تمديد عملها لمدة شهرين لاستكمال تحقيقاتها وتقديم تقرير شامل، مؤكدًا أن الإفادات من أهالي السويداء نفت وجود مقاتلين أجانب في الأحداث.

خيار وحيد

وأضاف المحلل السياسي، أن ما يحصل اليوم في السويداء من فصيل خارج عن القانون، والذي يضم بقايا فلول النظام المخلوع ومجرمين وتجار “الكبتاغون” وغيرهم من المنتفعين، لا يخدم أحدًا سوى المتربصين بالبلد. وهذا الفصيل سوف يتآكل من الداخل مع تخلي المجتمع الدولي عنه، خاصة بعد زيارة الرئيس، أحمد الشرع، إلى الولايات المتحدة الأميركية. فاليوم هناك تخلٍ عن “الفصائلية” لأن الفصائل هي تجربة لا تؤدي إلى استقرار، والأمثلة كثيرة؛ شاهدنا كيف أن “حزب الله” في لبنان دولة داخل دولة، وشاهدنا كيف كانت ميليشيات “الحشد الشعبي” في العراق دولة داخل الدولة أيضًا، والأمر ذاته مع “الحوثيين” في اليمن. إذًا، هذه التجارب لا توصل إلى استقرار، وبالتالي لا أحد يرغب بها اليوم، فالجميع يسعى ويرغب في التعامل مع دول وليس مع ميليشيات. والأمر ذاته ينطبق على شمال شرق سوريا كـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إن بقيت تغرد خارج السرب، خاصة أن هناك بعض التيارات داخل هذه الشريحة تسعى نحو حلم انفصالي وتسعى نحو قيام كانتونات انفصالية أو غيرها تحت مسميات عدة، إن كان حكمًا ذاتيًا أو فدرالية أو غيرها من الطروحات التي تبطن في خفاياها مشاريع انقسام. لذلك، يمكننا القول إن الفصائل الخارجة عن القانون في السويداء باتت بلا أي دعم دولي اليوم، ما يجعل خياراتهم محدودة ويضعهم أمام حقيقة أن الدولة السورية هي الخيار الأول والأخير لضمان الأمن والاستقرار، وأن أي رهانات على الخارج قد انتهت.

الشائعات سلاح لزعزعة الاستقرار

وفي هذا السياق، أكد فرحات أن الشائعات تُستخدم كسلاح تقليدي يوازي في تأثيره السلاح الميداني، والهدف منها ضرب الاستقرار وتغذية الشكوك وإحداث شرخ بين المكونات الاجتماعية في مناطق حساسة مثل السويداء، حيث يصبح نشر الأكاذيب أداة فعالة لتأليب الناس بعضها على بعض ودفع المجتمع نحو ردود فعل انفعالية.

مبيناً أن هذه الجهات التي تروج لهذه الشائعات اليوم تدرك تماماً أن فوضى الجنوب فتحت لها هامش نفوذ كانت قد فقدته، وبشكل خاص فلول النظام المخلوع وغيرهم من الخارجين عن القانون، خاصة بعد تحسن دور الدولة وإعادة بناء المؤسسات القانونية والقضائية.

لذلك، يجب توخي الحذر والدقة في تلقي المعلومة والتأكد من مصداقيتها قبل تصديقها أو نشرها، وهنا المسؤولية تقع على عاتق الدولة والأفراد معاً.

وبهذا الخصوص، أوضح المحلل السياسي، أنه “اليوم انطلقت عمليات محاكمة علنية، وهذه سابقة، فسوريا لم تعتد على هذا الشيء، فقد كانت تُحكم بالحديد والنار وبالأجهزة الأمنية وأقبية السجون والبراميل المتفجرة و”الكيماوي”، هذه كانت أدوات الحكم.

لكن اليوم الوضع أصبح مختلفاً، فقد أصبحت هناك محاسبة للذين تورطوا بأعمال خارجة عن القانون وبشكل علني، وهذه قمة الشفافية.

وحتى اليوم نلاحظ أن نبض الشارع الذي بدأ يتحدث أنه يجب محاسبة من كانوا السبب في انتهاكات الساحل، ومحاسبة أيضاً من كان السبب في افتعال هذه الأحداث من فلول النظام ومن قام بالاعتداء على أجهزة الأمن والدولة.

لذلك، فإن خطوة توقيف المتورطين من “العشائر” أو غيرهم هي خطوة في الاتجاه الصحيح، والجهات التي تروج لتلك الشائعات تدرك أنها مستفيدة من هذا الشيء”.

وأضاف فرحات أننا اليوم أمام حالة مؤسساتية لم نشهدها منذ عقود، والدولة تؤكد أنه لا حصانة لأي جهة مهما كان حجمها أو انتماؤها، أي أن السلطة الحالية لن تسمح بأي شكل من أشكال الانفلات التي كانت تتغذى عليها بنية النظام المخلوع.

فالمسار القضائي هو السبيل الوحيد لمعالجة الأخطاء، وليس الأعراف أو التقاليد أو القوة أو النفوذ.

وهذه الإجراءات تعزز ثقة الشارع بأن الدولة جادة في بناء منظومة قانونية عادلة، وتؤكد أن المرحلة الحالية ليست استمراراً لما قبلها، بل انتقال نحو نموذج جديد يقوم على المحاسبة والشفافية ومنع استخدام السلاح أو النفوذ لفرض أمر واقع.

التحول في المواقف الأميركية

فيما يخص الضغوط الأميركية على إسرائيل، أوضح فرحات أنه منذ سقوط النظام المخلوع، لاحظنا تغييراً جذرياً في المواقف الأميركية تجاه سوريا، وخاصة بعد زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض.

فكان التحول من العزلة والعقوبات إلى الشراكة، لا سيما في موضوع مكافحة الإرهاب وانضمام سوريا إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة “داعش”، ما يعني أن واشنطن أعادت صياغة أولوياتها في الشرق الأوسط، وبات استقرار سوريا ضمن هذه الأولويات وجزءاً أساسياً من معادلة التوازن في المنطقة.

لذلك، كانت الرسالة الأميركية لإسرائيل واضحة بهذا الخصوص، الأمر الذي يفسر الضغوط التي تمارسها واشنطن على حكام تل أبيب لضبط هذا الأمر، ليس فقط الاعتداءات والانتهاكات المتكررة، بل التدخل في شؤون الجنوب ودعم جماعات خارجة عن القانون.

إضافة إلى ذلك، شاهدنا مؤخراً وصول قوات تتبع لروسيا وتركيا لضبط الجبهة الجنوبية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.

وبالتالي، عندما ينحسر دور المشغل ودور الممول، سوف ينتهي تلقائياً دور الأداة.

لذلك، فإن أبناء المجتمع المحلي والأحرار في السويداء سوف ينقلبون على هذا الواقع غير الصحي وغير السليم.

وهناك الكثير من النخب والمثقفين والوطنيين الشرفاء في المحافظة يرفضون مخططات التقسيم، ويعلنون انتماء السويداء بكافة مكوناتها إلى حضن الوطن الأم، سوريا، التي تحتضن جميع أبنائها.

آخر الأخبار
منحة النفط السعودية تشغل مصفاة بانياس لأكثر من شهر مذكرة تفاهم مع شركتين أميركيتين.. ملامح تحول في إنتاج الغاز انطلاقة جديدة لقطاع الطاقة.. شراكات عالمية قد تفتح الباب لزيادة قياسية في الإنتاج محطة ترحيل النفايات في بانياس تعمل بكامل طاقتها افتتاح 13 مدرسة مؤهلة في ريف إدلب.. خطوة لعودة الحياة التعليمية إلى مسارها زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تغيّر المعادلة.. إسرائيل خارج ملف السويداء "حلب أم الجميع": الجالية السورية في تركيا تتعرف على مشاريع إعادة الإعمار ارتفاع الأسعار بلا رقابة.. الحكومة تتحرك لتصحيح المسار قوة الاقتصاد تبدأ من المنزل.. المشاريع الأسرية محرك جديد للتنمية انضمام سوريا للتحالف الدولي.. فرض معادلة جديدة ونهاية لذرائع "قسد" في ألمانيا.. محاكمة خمسة متهمين من سوريا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وزارة الداخلية السورية ترفع قيود السفر عن أكثر من 150 ألف شخص استثمار ميناء طرطوس فرصة لتطويره وبوابة ثقة لشركات إعادة الإعمار الأسواق المالية.. فرص متساوية وحوكمة شفافة لتعزيز ثقة المستثمرين مجلس الأمن يناقش الوضع السوري في جلستين مغلقة ومفتوحة تغذية مستمرة منذ 48 ساعة.. أضواء مدينة حلب لم تنطفئ جريدة (الثورة السورية) تلامس شغف الرياضيين بنسخة ورقية منتظرة من يملك الثقل الأكبر في انتخابات اتحاد الكرة ؟ أهلي حلب وحمص الفداء لنصف النهائي مدارس حلب بين الدمار ومحاولات التعافي.. أرقام تكشف حجم التحدي