الثورة – وعد ديب:
مع تزايد الاهتمام بتنمية الأسواق المالية في سوريا، يبرز التساؤل حول مدى قدرة هذه الأسواق على منح المستثمرين فرصاً متساوية وبناء الثقة في ظل الأزمات الاقتصادية والتحديات العالمية.
وفي وقت يسعى فيه القطاع المالي إلى تحريك سوق الأوراق المالية وتشجيع الاستثمار، يصبح الالتزام بالشفافية وحوكمة الشركات وضمان حماية حقوق المستثمرين من العوامل الجوهرية لضمان نجاح هذه التجربة.
وتؤكد مديرة الدراسات والتوعية الخارجية في هيئة الأوراق والأسواق المالية، نيفين سعيد، أن الهيئة تضع الشفافية في قلب استراتيجياتها لضمان عدالة الأسواق.

وقالت لصحيفة “الثورة”: “الهيئة تلتزم بإلزام جميع الشركات المساهمة العامة بالإفصاح الدوري والفوري عن أي معلومات جوهرية قد تؤثر على أسعار أسهمها”.
وأوضحت أن هذا الإجراء يضمن للمستثمرين فرصة متساوية للوصول إلى نفس المعلومات في الوقت ذاته، ما يعزز مبدأ المساواة بين المستثمرين المحليين والدوليين. كما تنشر الهيئة هذه المعلومات على موقعها الرسمي لضمان وصولها لجميع المستثمرين في وقت واحد، ما يتيح لكل مستثمر اتخاذ قراره بناء على معلومات دقيقة وحديثة، بعيداً عن التلاعب أو الغش.
حوكمة الشركات
وشددت سعيد على ضرورة متابعة مبادئ الحوكمة في الشركات المساهمة العامة لضمان عملها وفق ممارسات سليمة وشفافة. وقالت: “الهيئة تراقب الشركات لضمان أن تكون قراراتها لصالح جميع الأطراف المعنية”.
وأضافت أن الحوكمة الفعّالة تتطلب الشفافية والمساءلة، وأن الهيئة تتابع النشاطات المالية باستمرار للكشف المبكر عن أي ممارسات غير سليمة، مثل التلاعب بالأسعار أو تداول المطلعين من الداخل.
وعن حماية حقوق المستثمرين، شددت سعيد على أن الهيئة تولي اهتماماً بالغاً لمتابعة امتثال الشركات والمؤسسات المالية للقوانين والأنظمة المعمول بها، مؤكدة أن حماية المستثمر هي محور عمل الهيئة الاستراتيجي.
وأوضحت أن الهيئة تقوم بعمليات تفتيش دورية للتأكد من التزام الشركات بالقوانين وحماية حقوق المستثمرين.
وأضافت أن الهيئة لا تسمح لأي شركة وساطة مالية بالعمل في السوق دون ترخيص، ويتم التأكد من كفاءة الكادر الفني الذي يتعامل مع المستثمرين، ما يعزز حماية هؤلاء من مخاطر النصب والاحتيال.
وقالت: “الهيئة تنشر تحذيرات للمستثمرين عن الجهات المرخصة، فضلاً عن تنظيم ورش توعية للمستثمرين الحاليين والمحتملين”.
التحديات

وحول تطوير السوق، أشارت سعيد إلى أن أسواق الأوراق المالية تواجه عدة تحديات تبطئ نموها، أبرزها قلة الشركات المدرجة بسبب غياب ثقافة التحول إلى شركات مساهمة عامة، خاصة في الشركات العائلية والخاصة.
وأضافت أن هذا يعكس واقعاً اقتصادياً يعاني من ضعف السيولة ونقص المدخرات لدى شرائح كبيرة من المجتمع، ما أدى إلى إحجام العديد من الأفراد عن الاستثمار.
ورغم هذه التحديات، تبنت الهيئة خطة استراتيجية شاملة لزيادة عدد الشركات المدرجة، عبر تحفيز الشركات الكبيرة والمتوسطة على التحول إلى شركات مساهمة عامة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى تعزيز الوعي الاستثماري في المجتمع من خلال نشر نشرات توعوية وورش عمل تهدف إلى تعزيز الثقافة المالية لدى المستثمرين.
دعم الابتكار المالي
وفيما يخص دعم الابتكار المالي، لفتت سعيد إلى أن الهيئة تعمل على تحديث التشريعات بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.
وقالت: “نؤمن بأن أدوات الابتكار المالي، مثل التكنولوجيا المالية (FinTech)، يجب أن تكون أولوية في سوقنا المالي”.
وأشارت إلى أن الهيئة بصدد تطوير قوانين جديدة تسمح للشركات بتجربة منتجات مالية مبتكرة، مثل الصكوك الإسلامية والسندات الخضراء، في بيئة خاضعة للرقابة التنظيمية.
كما تحدثت عن أهمية التمويل الجماعي، حيث تعمل الهيئة على إنشاء منصات الكترونية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في تنويع الاقتصاد وزيادة الفرص الاستثمارية.
خطط مستقبلية
ولفتت سعيد إلى الخطط المستقبلية للهيئة، التي تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز ثقة المستثمرين، من خلال تحديث جميع التشريعات المتعلقة بالسوق المالي، بدءاً من قانون إحداث الهيئة وصولاً إلى قانون صناديق الاستثمار ونظام الحوكمة. وأكدت سعيد أن الهيئة تخطط أيضاً لتنظيم الاستثمار الأجنبي وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات المساهمة العامة، بما يسهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة.