الثورة – سومر الحنيش:
قبل يوم واحد من مواجهة باكستان التي فاز فيها منتخبنا بخماسية، ظهر المدير الفني لمنتخبنا الإسباني خوسيه لانا في المؤتمر الصحفي متحدثاً عن “تعقيد المباريات الدولية” و”رصد أداء 200 لاعب سوري داخل وخارج البلاد”، مؤكداً أن المنتخب يملك بديلاً لكل غياب، وأن القائمة الحالية هي أفضل المتاح.
لكن هذه الكلمات، رغم هدوئها، بدت بعيدة عن الواقع، فالدوري السوري متوقف منذ أشهر، والمعلومات التي بُنيت عليها تصريحاته “قديمة” وكأن الجهاز الفني يتابع بطولة لم تعد تلعب أصلاً !
كيف يتابع البطولة وهو خارج البلاد؟ كان من الأجدى أن يتواجد في سوريا كي يستطيع متابعة هؤلاء اللاعبين عن قرب، وحتى على مستوى الظهور الإعلامي، لم يكن المنتخب ولا مدربه موفّقين، فالكلام كبير، لكن التفاصيل مغايرة لذلك تماماً ؟!
خماسية نظيفة
فاز منتخبنا بخماسية نظيفة وضعته في صدارة مجموعته، ولكن خلف الرقم الكبير عدة إشارات مقلقة، في الشوط الأول، ظهر المنتخب بلا هوية، ضائعاً وبفرصة واحدة فقط رغم ضعف المنافس ! خمس دقائق من التردد كادت أن تجرنا لمفاجأة غير محسوبة، والشوط الثاني جاء نتيجة انهيار اللياقة البدنية للمضيف أكثر مما جاء نتيجة تفوق تكتيكي، هذه المباريات – بكل بساطة – ليست معياراً، فباكستان ليست اليابان، ولا الإمارات ولا أوزبكستان، ولا حتى الأردن والعراق الذين يواجهون كبار القارة بثبات وشجاعة.
الثقة.. العقدة القديمة
أكبر مشكلة لا تكمن داخل الملعب فقط، بل في “العقلية” فالمنتخب تاريخياً يملك كل مقومات المنافسة، لاعبون محترفون، مواهب محلية، جمهور يؤمن بأنه يستحق الأفضل، ولكننا نفتقد الثقة أمام منتخبات المستوى الأول ! هل الإمارات أو أوزبكستان أو قطر في التصفيات الأولى كانت تملك نجوماً تتفوق على لاعبينا ؟ الإجابة: لا، لكن الفرق أن لديهم منظومة واضحة ونحن لانمتلكها ؟
ورغم كل ذلك، لا بد من الاعتراف أن المباراة حملت نقاطاً مضيئة مهمة جداً، خصوصاً في غياب الدوري، وتوقف المنافسات المحلية، هدفان ملعوبان بشكل جميل من محمد الحلاق، يؤكدان تطور اللعب الأرضي القصير والتبادل السريع، دخول ياسين سامية وتسجيله هدفاً ثالثاً ورابعاً بالأسلوب ذاته، هدف علاء الدالي الذي تخطى الحارس بثقة، شيء افتقدناه لسنوات طويلة، مساهمات محمود المواس الحاضرة دوماً، وتحركاته المؤثرة، وفي المحصلة بدلاء فعالون وقدموا إضافة لا يمكن تجاهلها، كل ذلك يجعل مواجهة جنوب السودان في قطر الأسبوع القادم محورية، لأن التواجد في كأس العرب ضرورة وليس مجرد خيار.
أرقام محترمة
آخر خمس مباريات للمنتخب في التصفيات تقول (5) انتصارات كاملة (4) مباريات بشباك نظيفة، (15) هدفاً مسجلاً، هدف وحيد في مرمانا، أرقام مشرقة لكنها تحتاج لأداء يليق بها، لأن المنتخب الذي يفوز يجب أن يقنع أيضاً.
الحقيقة التي يعرفها جمهورنا قبل لاعبينا، مكان المنتخب السوري ليس هنا في هذه المرحلة من التصفيات، يجب أن نكون في مكان أعلى، ومع منافسين أقوى، وفي دائرة أفضل، تعكس حجم الموهبة السورية وثقافتها الكروية، نحتاج لثقة وشجاعة و واقعية، قبل أن نحتاج لخطط تدريبية، والأمل الآن أن نستثمر هذه النتائج، لا أن نختبئ خلفها.