الثورة أون لاين- يمن سليمان عباس:
واحد من أهم الكتاب والمفكرين العرب، قدَّم تجربة رائعة في قراءة التاريخ، والإضاءة عليه بأسلوب مختلف عما نراه من تكلس وضياع وتشتت، صاحب كتاب: حضارة الطين، وغيره من الكتب المهمة، احتفت به وزارة الثقافة من خلال ندوتها الشهرية، وقد صدرت أبحاث الندوة بكتاب عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق، الكتاب من إعداد وتوثيق: اسماعيل مروة ونزيه الخوري
شاكر مصطفى الناقد والسياسي والدبلوماسي، والعالم الجليل، والمؤرخ الذي كان متفرداً بين مؤرخينا القدماء والمحدثين على السواء، في نظرته وحياديته وأحكامه، سواء أكان الأمر متعلقاً به وبما ينتمي إليه، أم بسواه… بثقافته التي ورثها، أم بثقافة الآخر.
شاكر مصطفى كان أديباً من النوعية العليا، في لغته بلاغةٌ ترقى إلى ما فوق الشعر، وقد شهد له بذلك نزار قباني في تقديمه لكتابه (بيني وبينك 1959)، عندما قال: لا أكتب تقديماً، وإنما أكتب أغنية لـ “شاكر مصطفى” أقول فيها:
(أحبك، وأدعوكم إلى حبه…!!!.). كتاب (وقائع الندوة الثقافية… “شاكر مصطفى، المؤرخ والأديب”) إعداد وتوثيق: د. إسماعيل مروة، ونزيه الخوري.
محطات في حياته..
توقف الكثيرون عند محطات في حياته، ومما جاء في الموسوعة الحرة، وهو واسع وكبير، لكننا نختار منه التالي:
شاكر مصطفى مؤرخ وأديب وباحث، لقبه النقاد والباحثون بأديب المؤرخين ومؤرخ الأدباء، ولد بدمشق، ونشأ في بيئة شعبية فقيرة، ولكنه سهر وتعب وناضل حتى فاز بالشهادة الثانوية عام 1939، وأوفد للدراسة في مصر عام 1943 لفوزه في مسابقة علمية، فنال الإجازة في التاريخ من جامعة فؤاد الأول (القاهرة) سنة 1945، ولما عاد عمل في التدريس في ثانويات دمشق، ثم أصبح مديراً لمعارف حوران، ثم مديراً لدار المعلمين، فأميناً لجامعة دمشق، كل ذلك ما بين 1945- 1955، وفي هذه الفترة خاض العمل السياسي وشارك فيه مشاركة واضحة، كاتباً ومعارضاً وذا رأي في الصراع القومي.
أرسل سنة 1956 مستشاراً ثقافياً إلى مصر، ثم أوفد إلى السودان قائماً بالأعمال سنة 1957، ثم نقل وزيراً مفوضاً في بوغوتا عاصمة كولومبيا لعام 1958، ثم قنصلاً عاماً في سان باولو بالبرازيل سنة 1961، وبقي فيها قنصلاً حتى سنة 1963، وقد أتقن في أثنائها اللغتين الإسبانية والبرتغالية إلى جانب اللغتين الفرنسية والإنكليزية، ولكنه كره السلك الدبلوماسي كله، إذ رآه نفاقاً مهذباً وضياع وقت، فاختار العودة إلى بلاده، فصار مديراً عاماً للشؤون السياسية في وزارة الخارجية السورية، وأميناً عاماً بالوكالة إلى أن اختير وزيراً للإعلام سنة 1965،
في آب سنة 1966 أتته الدعوة إلى الكويت، ولم تكن جامعة الكويت قد افتتحت أبوابها بعد، فشارك في التدريس بها مع غيره ممن افتتحوا تلك الأبواب وبقي يدرس فيها التاريخ العربي الإسلامي خمساً وعشرين سنة نال فيها الدكتوراه سنة 1970 من جامعة جنيف، وكانت أطروحته بالفرنسية بعنوان «مؤرخو العصر السلجوقي الأيوبي» وكان له برنامج يومي في إذاعة الكويت (عنوانه: اعرف عدوك) جذب الناس إليه، كما أنه طُلب إلى الكويت وكرّم فيها قبل وفاته.
جَمَعَ شاكر مصطفى في شخصه سِمَتي الأَديب والعالم فقد ميَّز لنا بَيْنَ العملين الأَدبي والعلمي، وبَيَّنَ صفات كلٍّ من الفنِّ والعلم، كاشفاً عن طبيعة الظَّواهر العلميَّة وآليَّات التَّعامل مع كلِّ ضرب منها، مُظهراً سِمات الصُّور الفنِّيَّة والجماليَّة وكيفيَّة التعامل معها.
وأكَّدَ وشاجة العلائق بَيْنَ الفنِّ أَو الأَدب والبيئة الطَّبيعية والاجتماعيَّة، مبيِّناً صعوبة فهم أَدب أمَّةٍ ما أَو مجتمعٍ ما بعيداً عن البيئة الطَّبيعيَّة والاجتماعيَّة التـي ولد فيها، فيقول في مقدِّمة كتابه «الأَدب في البرازيل»: «أَردتُ أَن أُلقي القارئ في أَجواء البرازيل الحارَّة، أَن أَنثرها أَمامه، في غاباتها الوحشيَّة، وعَبْرَ سَمَائِها ذات الزرقة اللازورديَّة، وعلى آفاقها في بعدها اللانهائيِّ، وبَيْنَ ناسها الذين تختلط فيهم كلُّ ملامح البشر وكلُّ أَلوان البشر… من دون هذه الأَجواء لا تستطيع فهم البرازيل والنَّفَاذَ إلى أَدب البرازيل الحار القلق».
أَمَّا عن العلاقة بَيْنَ الفنَّان وفنِّه، الأَديب وأَدبه فإنَّه يرى أَنَّ الإبداع الأَدبي أَو الفنِّي إفصاح عن مكنونات الذات واختلاجات أَعماقها، ولكنَّه – ويكاد يتفرَّد في هذا الرَّأي الطَّريف الأَصيل – يرى أَنَّ الإبداع ضربٌ من تحرير الذَّات، نوعٌ من الانعتاق من إسار الغموض والضَّبابية التي تعتلج فيها الأَفكار والمشاعر.
التاريخ عند شاكر مصطفى علم وفنٌّ بآن معاً؛ علم لأَنَّه ليس أَيَّ عمل اعتباطي، عشوائي، يسطِّر الأَحداث كيفما اتفق، إنَّه علم له أُصوله وقواعده ومناهجه، وهو فنٌّ لأَنَّه يعيد بناء الماضي بطريقة نوعيَّة متميِّزة، وفي ذلك يقول: «أَعني بكلمة تاريخ تدوين التاريخ وكتابته، أَعني تلك العملية الإنسانية البحتة التي يسجِّل بها البشر في الصحف وعلى الآثار, ويعيدون عن طريقها تذكُّرهم لما يسمَّى بالماضي، ويعيدون بناء هذا الماضي، هذه العملية التي لا يقوم بها إلاَّ الإنسان وحده بين المخلوقات، ولعلَّها هي أَساس الحضارة الأَوَّل بشكلها التراكمي، ولعلَّها هي ما نسمِّيه بالتقدُّم الإنساني… ولذلك نستطيع القول: سمِّي الإنسان عاقلاً لأَنَّه مؤرِّخ».
من مؤلفاته:
1- معالم الحضارات.
2- العالم الحديث.
3- حضارة الطين- دار الرواد- دمشق.
4- في ركاب الشيطان.
5- بيني وبينك.
6- محاضرات عن القصة في سورية- دراسة- القاهرة 1958.
7- الأدب في البرازيل- دراسة- الكويت 1986.
8- الأندلس في التاريخ- دراسة- دمشق 1990.
9- الشعر والناس.
10- مع التاريخ- دراسة.
11- رسائل.
12- جغرافية البلاد العربية- دراسة.
13- مع بعض الزملاء.
14- في التاريخ العباسي- دراسة- دمشق 1957.
15- ماريانا- لوركا- ترجمة- بيروت 1962.
16- العرب في التاريخ- دراسة- دمشق 1950.