الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
كشف وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر عن مبادرة جديدة لتعزيز وتوسيع التحالفات الأميركية مع ما أسماها ” الدول ذات الديمقراطيات المشابهة لأميركا” وذلك لمواجهة روسيا والصين.
ففي كلمة ألقاها إسبر أمام المجلس الأطلسي في واشنطن العاصمة قال: “إن هذه المبادرة، والتي أطلق عليها اسم الدليل الإرشادي لتطوير التحالفات والشراكات، هي نهج شامل لتعزيز التحالفات وبناء الشراكات، وأضاف: “إن شبكة حلفاء وشركاء أميركا توفّر ميزة لا يمكن لخصومنا الحصول عليها”، واصفاً الشبكة بأنها “العمود الفقري للنظام الدولي القائم على القواعد”.
ويبدو واضحاً أنه بعد ما يقرب من أربع سنوات من جهود إدارة ترامب لإعادة هيكلة، بل وحتى تفكيك بعض التحالفات، بأن تكون “أميركا أولاً”، يحاول صقور اليمين في واشنطن ومن بينهم مارك إسبر تعديل التصدعات الآخذة في الاتساع في العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها بهدف مواجهة خصومها وعلى الأخص روسيا والصين.
إنّ ولاية ترامب تقترب من نهايتها، ولا شكّ أنّ تصرفاته في السنوات الأربع الماضية قد أزعجت حلفاء الولايات المتحدة، وتسببت في تراجع الثقة بواشنطن وقادت التحالفات إلى مشاكل كثيرة.
وقد أعرب الكثير من حلفاء الولايات المتحدة عن استيائهم الشديد من البيت الأبيض لعدة أسباب أوّلها إثارة ترامب لقضية تقاسم التكاليف الدفاعية، والمطالبة بمساهمات أكبر من دول كثيرة من بينها كوريا الجنوبية واليابان لدعم الوجود العسكري الأميركي في أراضيهما، والسبب الثاني يتعلّق بالمبادئ الدبلوماسية نفسها، فقد بيّن البيت الأبيض أنّ الأولوية يجب أن تكون للولايات المتحدة دائماً ورفع شعار “أميركا أولاً”، في الوقت الذي يؤكد حلفاؤه الغربيون ضرورة التعددية والمشاركة. وأخيراً، فالولايات المتحدة المتغطرسة لا تُظهر الاحترام الواجب تجاه حلفائها، وفوق ذلك فإنها تسعى إلى خلق إجماع عدواني نسبياً عندما يتعلق الأمر بالقضايا المتعلقة بالصين، وخاصة ما تطلق عليه اسم “تهديدات الصين”، أو “توسع النفوذ الصيني”.
لذلك فقد أشاد إسبر بقوة حلفاء الولايات المتحدة وشركائها، كما شدّد على “أهمية الاصطفاف مع الدول ذات التفكير المتماثل “، ويعني بها البلدان التي لديها أنظمة سياسية مختلفة عن الصين وروسيا.
يعتبر وجود الصين وروسيا عاملاً مهماً للحفاظ على الوحدة بين الولايات المتحدة وحلفائها، فقد وفرت قوة الصين ونفوذها المتزايد فرصة استراتيجية للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى وكذلك بعض الدول المحيطة بالصين للتعامل بشكل مشترك مع ما يسمى” بالتحديات الصينية”.
لقد جاءت مبادرة إسبر قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وإذا أعيد انتخاب ترامب، فمن المحتمل جداً أن تستمر الأحادية الأميركية في الهيمنة على العالم. ولكن إذا فاز جو بايدن فقد تعود الولايات المتحدة إلى التعددية لإصلاح وتعزيز العلاقات مع حلفائها وشركائها إلى حد ما. ولكن مهما حدث فإن محاولات واشنطن لتشكيل تحالف مناهض للصين تبدو مهمة صعبة للغاية.
إنّ التنمية هي المصلحة الأساسية التي تسعى جميع البلدان في جميع أنحاء العالم للحصول عليها، فكيف يمكن للولايات المتحدة أن تحول الصين، والتي تُعتبر أكبر تاجر في العالم، إلى ما يسمى بالعدو المشترك لحلفائها؟، فحتى الولايات المتحدة نفسها مترددة وغير قادرة على التخلي عن السوق الصينية، فهي وإن كانت تقوم بالتصعيد ضد الصين، ولكنها تتطلع دائماً إلى الاستفادة منها.
ومع أن الولايات المتحدة هي دولة قوية، ناهيك عن أن لديها العديد من الحلفاء، ولكنّها الآن تبدو عاجزة، والسبب هو أنها كانت تعمل في اتجاه خاطئ لا يتوافق مع روح العصر، فالولايات المتحدة لا تستطيع فهم المصالح التي تتعلق بسياستها تجاه الصين، الأمر الذي يصعّب مهمتها في حشد الدول الأخرى للوقوف في صفّها، وقد تجبر الولايات المتحدة حلفاءها على الامتثال لها علناً لكنهم سيقاومون ويرفضون أوامرها في السر.
وبناءً على ذلك، يتعين على الولايات المتحدة إعادة ضبط سياساتها الخارجية والتكيف مع عالم متغير وأكثر توازناً، كما يجب عليها تعديل طريقة تفكيرها، وعليها أيضاً أن تتعلم احترام مصالح الدول الأخرى مثل الصين وروسيا على المستويين الإقليمي والعالمي، ولكن إذا استمر لديها هاجس العالم أحادي القطب وعقلية القوة العظمى، فسيبقى العالم يعاني من حالة كبيرة من عدم الاستقرار.
إن مبادرة إسبر واستعراضه لنظام التحالف ليست إلا دليلاً على افتقار الولايات المتحدة لثقة المجتمع الدولي.
المصدر Global Times