الثورة – خاص:
أعلن الحرس الثوري الإيراني، يوم السبت، مقتل رئيس جهاز استخباراته اللواء محمد كاظمي ونائبه اللواء حسن محقّق، إلى جانب عدد من القادة العسكريين، جراء الهجمات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع في العاصمة طهران، في واحدة من أكثر الضربات حساسية التي تطال البنية الاستخباراتية العليا في إيران.
وفي تأكيد نادر، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية، أن العملية نُفذت بعد تقييم استخباراتي عالي المستوى، حيث قال: “قررنا التحرك لأننا كنا مضطرين لذلك، رأينا كمية من اليورانيوم المخصّب تكفي لصنع تسع قنابل، ونحن نشنّ هجمات على مواقعهم النووية، وقد استهدفنا قيادتهم العليا… يمكنني أن أؤكد الآن أننا قمنا قبل لحظات بتصفية رئيس استخباراتهم ونائبه في طهران”، بحسب ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
محمد كاظمي… مهندس التمدد الإيراني في سوريا
اللواء محمد كاظمي، الذي تولى رئاسة استخبارات الحرس الثوري في يونيو 2022 خلفاً لحسين طائب، يُعد أحد أبرز الأسماء في المؤسسة الأمنية الإيرانية خلال العقد الأخير، تمتع بنفوذ واسع داخل دوائر صناعة القرار الأمني في طهران، وارتبط اسمه مباشرة بإدارة ملفات التدخل الإقليمي، لا سيما في سوريا، منذ اندلاع الثورة عام 2011.
في سوريا، لعب كاظمي دور “العقل المدبر” للوجود الاستخباراتي الإيراني، حيث أشرف على تنسيق التعاون الأمني مع أجهزة نظام الأسد، خاصة إدارة المخابرات العامة وشعبة الأمن السياسي، كما تولى مهمة توسيع نفوذ “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري، وقاد عمليات تأسيس بنى تحتية أمنية واستخباراتية في محيط العاصمة دمشق، ومناطق الجنوب السوري، ومعابر الشرق.
أشرف كاظمي على إدارة عمليات نقل الأسلحة والذخائر إلى الأراضي السورية، وتخزين الصواريخ البعيدة المدى، وتجنيد آلاف العناصر من ميليشيات “فاطميون” و”زينبيون” و”حزب الله”، وتحويل سوريا إلى قاعدة أمامية للعمليات الإيرانية في المنطقة، كما استخدم الأراضي السورية كنقطة متقدمة لرصد تحركات إسرائيل وجمع المعلومات الاستخباراتية حول القوات الغربية.
ورغم الشراكة الظاهرة مع نظام الأسد، سعى كاظمي إلى الحفاظ على استقلال القرار الأمني الإيراني داخل سوريا، ووجّه تعليماته لتشكيل وحدات تعمل بشكل منفصل عن الأجهزة السورية، خاصة في المناطق الحساسة التي تضم مواقع تخزين أو تصنيع أسلحة متطورة.
حسن محقّق… ذراع الظل ونائب الاستخبارات الميداني
اللواء حسن محقّق، الذي شغل منصب نائب رئيس استخبارات الحرس الثوري، كان يُعد أحد رجال الظل في المؤسسة الأمنية الإيرانية، ورغم قلة ظهوره العلني، إلا أن حضوره الميداني كان ملموساً في الساحات التي تشهد توسعاً إيرانياً، وعلى رأسها سوريا.
مع بدء التدخل الإيراني المباشر في سوريا عام 2012، ساهم محقّق في رسم الهيكل الأمني للوجود الإيراني هناك، وتولى الإشراف على دعم وتدريب الضباط السوريين، وتعزيز قدرات النظام في المراقبة والتعقب والتجسس، بالتنسيق مع “الفرع 251” و”الفرقة الرابعة”، كما عمل على تمويل وتسليح ميليشيات “حزب الله”، و”لواء زينبيون” و”فاطميون” التي لعبت دوراً محورياً في معارك دمشق ودير الزور ودرعا.
كان له دور فاعل في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفية ضد شخصيات معارضة، وارتبط اسمه بعدة تقارير حقوقية تتهمه بالضلوع في الإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية، خاصة في جنوب البلاد.
كما شارك في تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية عبر مطار دمشق الدولي، ونسّق بشكل مباشر بين “فيلق القدس” والوحدات الأمنية الميدانية، وساهم في تأمين قنوات الدعم اللوجستي المستمرة بين طهران ودمشق، في وقت سعت فيه إيران لتكريس وجودها العسكري على الأرض السورية.
تُعد خسارة كاظمي ومحقّق واحدة من أكثر الضربات الموجعة التي تلقّتها طهران على المستوى الأمني منذ سنوات، فالرجلان كانا يشكلان “ثنائياً استخباراتياً” يدير أكثر ملفات الحرس الثوري تعقيداً في الخارج، خاصةً في ظل التصعيد الإسرائيلي الإيراني المتزايد.
وتأتي هذه العملية في وقت تشهد فيه إيران اضطراباً داخلياً وتراجعاً في نفوذها الإقليمي، خاصة بعد خسارتها المتتالية لبعض أبرز قادتها العسكريين في العراق وسوريا ولبنان، ما يعزز من المخاوف بشأن قدرة طهران على الحفاظ على شبكاتها الاستخباراتية في ظل الضربات النوعية التي تستهدف هرم القيادة الأمنية.