لماذا يرفض ترامب وبومبيو إنهاء الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي على أساس حل “الدولتين”

الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:

في هذا الأسبوع ، وضع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو اللمسات الأخيرة للمشروع الإيديولوجي الذي خطته إدارة ترامب في سنواتها الأربع بشأن “إسرائيل” ، حيث أجرى الأخير زيارة غير مسبوقة للمستوطنات الواقعة في الضفة الغربية المحتلة والجولان السوري المحتل ، ليكون أول وزير خارجية يزور تلك المواقع التي يرى بها معظم دول العالم بأنها مستوطنات غير شرعية ، ويعدها كثيرون عقبة في وجه قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ، وعثرة في طريق السلام .
وقد قال بومبيو الذي وقف إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس بأن إدارة ترامب ستتخذ مزيداً من الخطوات بهدف “مجابهة” حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات الرامية إلى ممارسة الضغوط على الشركات والحكومات للحيلولة دون التعامل التجاري مع “إسرائيل” إلى حين تقديمها المزيد من التنازلات للفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الاحتلال .
لم يجر في هذه الجولة ما يثير الدهشة والاستغراب ، فقد تخلت الإدارة الأميركية مسبقاً عن ادعاءاتها بأنها وسيط نزيه بين الإسرائيليين والفلسطينيين ، واتخذت خطوة تلو الأخرى لترسيخ أجندة حكومة نتنياهو اليمينية ، وهذا ما كانت قد أكدته المخاوف الفلسطينية .
وفي هذا السياق ، تمثل جولة بومبيو المثيرة للجدل إلى “إسرائيل” جزءاً من لعبة سياسية محلية طويلة المدى ، إذ يُعتقد أن وزير الخارجية الأميركي الإنجيلي اليميني يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية المحتملة عام 2024 ، لذلك نجده يعزز ارتباطه بالمستوطنين الإسرائيليين ليكون هذا الارتباط بطاقة اتصال مع قاعدته ذات التوجه الديني ، فزيارة بومبيو لم تكن جولة وداع ، بل إنها ، كما يراها المقربون من ترامب ، مثال آخر على إشعال الإدارة المنتهية ولايتها نيراناً جديدة ستضطر الإدارة القادمة إلى إخمادها ، إذ أصدر بومبيو توجهات جديدة لوزارة الخارجية تقوم على اعتبار البضائع المستوردة من مناطق محددة في الضفة الغربية إلى الولايات المتحدة “بضائع إسرائيلية” الأمر الذي تجنبه الاتحاد الأوروبي بصورة خاصة ، وبذلك يمنح بومبيو اعترافاً أميركياً “بالسيادة” الإسرائيلية على مساحات شاسعة من الأراضي التي من المفترض أن تشكل الدولة الفلسطينية ، وقد كتب العضو في منتدى السياسة الإسرائيلية ميشيل كوبلو : “يبذل فريق ترامب الجهود كافة لطمس الخطوط الفاصلة بين إسرائيل والضفة الغربية بهدف ترسيخ سياسة الدولة الواحدة ، لكن الأمر قد يأخذ منحى آخر” .
ما فتئ كل من الرئيس ترامب وبومبيو يبحثان عن أسافين جديدة لتثبيتها في نعش حل الدولتين ، وعلى الرغم مما يتشدق به الرجلان بشأن فكرة إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية ، إلا أن سجلهما يشير إلى تبني كل منهما لحركة الاستيطان الإسرائيلية إلى جانب الإهمال المتعمد لحقوق الفلسطينيين الذين يعيش الملايين منهم في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي ، واللافت في الأمر أن لدى ترامب “نظرة للسلام” مثيرة للسخرية تقوم على منح “إسرائيل” الضوء الأخضر لضم مساحات شاسعة من الضفة الغربية على الرغم من تعليقها لتلك العمليات في الصيف الفائت بغية تطبيع علاقاتها مع بعض الدول العربية .
يجادل بومبيو وحلفاؤه أنهم يعترفون بالحقائق الواقعة على الأرض فحسب ، وقد سبقتهم في ذلك الإدارات الأميركية التي ربما أيدت حل الدولتين ، لكنها على مدى عقود من الزمن أشرفت على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة دون وضع أي ضوابط له ، كما شرعت إدارة ترامب الأبواب أمام طموحات المستوطنين المتطرفين بما في ذلك دعواتهم لعملية الضم في وسائل الإعلام الإسرائيلية .
كتب الدبلوماسي الأميركي السابق آرون ديفيد ميلر : “من خلال منح الرئيس الأميركي الموافقة الضمنية لاستمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي والاعتراف بسيطرة “إسرائيل” على الضفة الغربية ، حتى قبل بدء المفاوضات ، فقد وجه ضربة أكبر إلى فرص السلام ، وبذلك فهو لم يعمد إلى المساهمة في حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ، وفي حال بقي هذا الصراع دون إيجاد حل له فإنه سيقوض الطابع “الديمقراطي لإسرائيل مع مرور الوقت” على حد زعمه .
في العام الماضي نشرت صحيفة ذي نيويورك تايمز تصريحاً للمفاوض الفلسطيني صائب عريقات ، الذي توفي من جراء الإصابة بكوفيد – 19 في مطلع هذا الشهر ، قال فيه “إذا كانت إدارة ترامب لا ترغب بحل الدولتين استناداً إلى حدود عام 1967 أو تأسيس دولة ديمقراطية للجميع ، فإن ما نتحدث عنه ليس سوى ترسيخ “لواقع الدولة الواحدة” أي “دولة إسرائيلية واحدة تتحكم بكل شيء وتفرض نظامين مختلفين ، أحدهما لليهود الإسرائيليين والآخر للفلسطينيين ، وهذا ما يعرف بالأبارتيد” البيت الأبيض ونتنياهو لا ينفكان يسعيان دون رادع لتسريع هذه العملية قبل تولي الرئيس المنتخب جو بايدن سدة الرئاسة ، وقال لي بعض الزملاء : “إن تطورات الاستيطان الإسرائيلي التي ستواجهها إدارة بايدن المقبلة بدأت في مطلع الأسبوع الحالي عندما أعلنت “إسرائيل” عن خطط إنشاء 1257 وحدة استيطانية في “جفعات هاماتوس”، المنطقة الواقعة في ضواحي القدس” ، كما قالوا : “يُنظر إلى هذا المشروع الذي طال انتظاره بأنه مشروع مثير للجدل لكونه يفصل بين المجتمعات الفلسطينية ويجعل من الصعوبة بمكان تقاسم القدس بين “إسرائيل” والدولة الفلسطينية المستقبلية” .
لا ريب أن بايدن سيجد صعوبة في التراجع عما اتخذ من قرارات ، ومن غير المتوقع أن يعيد السفارة الأميركية إلى “تل أبيب” ، كما أنه من الصعوبة عليه أيضا بث الحياة في عملية السلام المحتضرة بين “إسرائيل” ومحاوريها الفلسطينيين الذين يشعرون بالمرارة والغضب .
قال الزميل في معهد الشرق الأوسط خالد الجندي لموقع تودايز وورد فيو : “إن إدارة بايدن لا يمكنها الرجوع إلى الوضع السابق ، فالولايات المتحدة اتبعت سياسة المراوغة بشأن قضية المستوطنات الإسرائيلية” واستطرد : “يكمن الخطر في تراجع بايدن عن تلك السياسات دون أن يفعل ما يكفي لمواجهتها ، فإدارة ترامب سعت علناً لنزع الشرعية عن الأطر الدولية بشأن هذه القضية ، لذلك يجب على بايدن القيام بمحاولة علنية لإعادة إضفاء الشرعية عليها” .
وهذا يعني أن بايدن سيخلف إدارة أميركية تبنت نهجاً مؤيداً للمستوطنات الإسرائيلية ، وقد صرح الرئيس الأسبق باراك أوباما بأن عملية التوسع الاستيطاني ستقوض حل الدولتين ، لكنه مارس محاولات خجولة للضغط على الإسرائيليين لتعديل مسارهم ، واللافت أن الجيل الجديد من الديمقراطيين في الكونغرس سيكون له شروطه بشأن تقديم المساعدة العسكرية “لإسرائيل” ، لكن من غير الواضح إن كان بايدن ، الصديق القديم للإدارة الإسرائيلية ، يرغب في خوض هذه المخاطرة السياسية .
تكشف زيارة بومبيو كيف أصبحت “إسرائيل” قضية مثيرة للانقسام في السياسة الأميركية ، إذ يقول الجندي في هذا السياق : “يتنصل أحد حزبينا من السعي لحل الدولتين ، لذلك لم يعد بإمكاننا طرح حل الدولتين كمسألة يجمع عليها الحزبان في واشنطن” .
يمثل هجوم إدارة ترامب على حركة المقاطعة وسحب الاستثمار والعقوبات ، ضربة إلى الجانب الآخر الذي يضم مجموعة من النشطاء ذوي الميول اليسارية الذين يحتشدون في الولايات المتحدة ، وفي هذا السياق قال إريك غولدستين القائم بأعمال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة حقوق الإنسان في بيان له : “لدى الأميركيين تاريخ طويل في دعم المقاطعات السلمية لتعزيز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ، مثل مقاطعات الحقوق المدنية في الميسيسبي أو المناهضة للأبارتيد في جنوب أفريقيا ، وبالتالي فإنه ليس لدى إدارة ترامب الحق في محاولة تقييد مجموعات تدعم أي مقاطعة”.
بقلم : إيشان ثارور
المصدر : واشنطن بوست

آخر الأخبار
رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة