الثورة أون لاين – لميس عودة:
حالة من التخبط والارتباك باتت توشح المشهد الأوروبي، فمؤشرات الركود والعجز الاقتصادي بدأت تظهر بقوة في كل التفاصيل الأوروبية وفي قطاعات مختلفة وخاصة الحيوية منها، مرسلة إشارات دلالية إلى أن اقتصاد القارة العجوز بدأ يترنح على حبال الأزمات العديدة، مدخلاً الساسة الأوروبيين ومعهم خبراء الاقتصاد في دوامة البحث عن مخارج إسعافه ومحاولة إنقاذ اقتصاد بانت بوضوح مؤشرات تداعيه، ودخل في سراديب مظلمة زاد من قتامتها الرعونة في التعامل مع الأزمات وليس آخرها الفشل الذريع الذي وسم تعاطي العديد من الدول الأوروبية مع جائحة كورونا وانعكاساتها وتداعياتها على حياة الأوروبيين، الأمر الذي أزاح بقوة أقنعة دجل تفوق أوروبا وفضح هشاشة البنية الهيكلية لاقتصادها التي اهتزت سريعاً مع تفاقم الأزمات.
إذاً الغرب الذي لطالما تباهى بمتانة بنيته الاقتصادية على شفا انهيار اقتصادي، والركود العام إلى تفاقم وازدياد في دوله، الأمر الذي لم يعد مخفياً، إذ أطلق عليه الكثير من خبراء الاقتصاد أنه الركود التاريخي الأكبر، وأكدته العديد من الأبحاث والدراسات التي فردت لها مساحات على وسائل الإعلام الغربي ذاته، لافتة إلى أزمة ديون عالمية تتمركز بأوروبا من شأنها أن تزيد من زعزعة الاستقرار، حيث دخلت معظم الدول الأوروبية الآن في ركود عميق، فالعجز الكبير الحاصل في ميزانيات القسم الأكبر من الدول الأوروبية يشير إلى اتساع الفجوة وازدياد العجز والديون بشكل ملحوظ في أوروبا.
ظنت دول أوروبا المنضوية تحت لواء ” اليورو” أن توحيد النقد المشترك سيساهم في حماية الاقتصاد الأوروبي من هجمات الأمراض الخارجية بل سيقوي مناعة دولها، حيث كان من المفترض أن يكون “اليورو” منقذ أوروبا، إلا انه بات يشكل ابرز مشاكلها ومظاهر ضعفها، وما تفكك منظومة الاتحاد الأوروبي وخروج بريطانيا منه وانعكاسات وتداعيات ذلك عليه، إلا أكثر الأمثلة الصارخة على انزلاق دول الاتحاد الأوروبي إلى منحدرات الفشل على أكثر من صعيد.
العجز الاقتصادي الذي يخيم على المشهد الأوروبي حالياً يرافقه فشل ذريع في السياسات الخارجية فسير العديد من دول الغرب الاستعماري في الركب الأميركي ووقوفها على ضفة الباطل، واللهاث وراء فتات استعماري تلوح لها به واشنطن، زاد من أزماتها ووسع هوة إخفاقاتها ووضعها في عنق زجاجة الانهيار، حيث البقاء له تبعاته الخطيرة، والخروج من حالة الموت السريري للاقتصاد المتهاوي تكلفته باهظة وليست بمتناول خبرائها ومتزعميها، فهل ستخرج أوروبا من قاع أزماتها وتصوب سياساتها الخارجية الرعناء وتضعها على السكة الصحيحة، الجواب رهين المصداقية – إن كانت فعلياً موجودة- في البحث عن مخارج فعلية من المآزق وأولها أن تكف بعض دولها عن اعتناق النهج العدواني السافر في منطقتنا تماهياً وتماشياً مع السياسات الأميركية العدوانية.