كارمن شقيرة في لوحاتها وتطلعاتها.. حركة تنقلات بين العقلنة والانفعال اللوني

الثورة أون لاين – أديب مخزوم:

تتجه الفنانة التشكيلية كارمن شقيرة في لوحاتها، من التجسيد التفصيلي الواقعي وخاصة الوجوه، إلى التعبيرية المبسطة وحوارية الإيقاع الاختزالي، التي تضفيها على مشاهد الطبيعة والبيوت والعناصر الأخرى، فهي التنقل بين تشكيل عقلاني محض، وبين تلوين عفوي وتلقائي وارتجالي، وهي التحول بين الأداء الهادىء والمدروس والمركز في لوحات البورتريه بشكل خاص، وبين الارتجال التلقائي في لوحاتها التعبيرية والتجريدية.
وتبرز في لوحاتها مظاهر استخدام تقنية الزيتي على الكانفاس، بدرجاته وحساسياته المختلفة، والتي تحمل ملامح من الاتجاهات الفنية الحديثة والمعاصرة.
هكذا تبدو ريشتها في بعض لوحاتها عقلانية، لأنها قائمة على الصبر والتأني والجلد الطويل في التشكيل والتلوين معاً، من خلال الاعتماد على الدقة والدراية في أغلب الأحيان، حيث نجد الصرامة في إبراز ملامح الوجوه وتعابيرالعيون، والتفاصيل الصغيرة والدقيقة. وهي بالتالي تعكس في هذه المجموعة، أجواء التكوين المتماسك والمتوازن والمدروس. ضمن صياغة تقنية مركزة، إلا أن لونيتها تبدو منضبطة، رغم وجود العفوية في اللمسات والحركات اللونية.
ففي لوحاتها التعبيرية والتجريدية تستخدم كارمن الأسلوب العفوي، في تأليف اللوحة وتنويعها، وفي تنقلاتها ضمن هذه المجموعة ترتكز في كل مرة على حركة عاطفية وتطلع ذاتي في بناء اللوحة، لإيجاد علاقات جمالية مغايرة للأولى وبعيدة عنها، لما تحتويه من عفوية في حركة التلوين واللمسات اللونية التلقائية، وهذه الرؤية المتحررة، للتشكيل والتلوين، التي تعالج بها مواضيعها وأشكالها وخاصة الطبيعة وحركة الغيوم، أدت إلى تغيير نظرتها من الواقعية، ومن أسلوب مجموعتها الأولى، نحو إضفاء اللمسة الذاتية، وتبدو في هذه الأعمال، راغبة بالعودة إلى ذاتها، وإلى العفوية التي تقربها من العصر، فالتكوين التبسيطي الذي تعتمده، هو لغة وثقافة حديثة لفن الواقع، وهو الأكثر عفوية وتلقائية وغنائية.
وإذا كانت تقنيتها الأولى تساهم في حضور الجو الشاعري، فإن تقنيتها الثانية لها خاصيتها في اتباع طريقة تركيب الطبقات اللونية، وفي هذه الحالة تنطلق من مشاعر تلقائية ووجدانية.
هكذا تصبح عناصر الطبيعة والبحر ومدى الافق مدخلاً لاقتناص الشاعرية اللونية والذهاب أبعد من الإشارات أو المظاهر الخارجية، وبالتالي الوصول إلى الصياغة الفنية، في اتجاهاتها الخيالية والتعبيرية، المنطلقة من الواقع، لقطف روح المشهد بمنظور مغاير لما تراه العين في الأبعاد الثلاثة.
وهذا يعني أن لوحاتها تحمل تطلعات الحداثة ضمن إطار الواقعية العفوية والواقعية الخيالية والرمزية أحياناً، وحين تستعيد في لوحاتها مجد اللمسة اللونية التلقائية أو العفوية تتواصل مع لونية محلية مختزنة وقادمة من ذاكرتها البصرية. وإذا كانت الاتجاهات التعبيرية والتجريدية، قد قدمت لها الحرية التعبيرية في معالجة اللمسة اللونية، فإن المناخ اللوني الشرقي، قدّم لها الوهج والإشراق الضوئي، الدي يظهر من خلال الغيوم، والأفق وفسحة السماء.
لقد أصبحت كارمن في تحولاتها تتفاعل مع رغبات اختصار الشكل الواقعي وتجرده وتعبر عن عفوية اللون بضربات لونية انفعالية، تفجر الأحاسيس المدفونة، في محاولة لقطف نبض الاختزال والتبسيط وما يسمى بإيقاع اللون المتحرر الذي يدفع العين نحو تحسس موسيقى اللوحة وتقاسيمها اللونية المرئية، إلا أنها تبقى عند ضفاف الشكل، حيث تقترب من واقع لوني يشير في بعض الأحيان إلى وجود طبيعة في اللوحة.
وهي ترسم أحياناً مشاهد العمارة القديمة بأسلوب تصويري يتفاوت ما بين الواقعية واللمسات العفوية، وأحياناً تعالج أشكاله بلمسات صغيرة، وهذه الضربات المتجاورة تشكل مدخلاً حقيقياً لتغيير النظرة الجمالية تجاه تبعية العين لبعض الأساليب أو الطرق السائدة في معالجة أشكال الواقع. فهي تنفصل في المظهر الخارجي عن الواقع وتلتقي معه في الجوهر، فهاجسها الأساسي هو هذه العلاقة الروحية بين الداخل والخارج، بين المادة واللامادة، بين الحضور والغياب، ولهذا تأخذنا أعمالها نحو المزيد من التأويل والاجتهاد، وتفتح المجال لكل الاحتمالات، خصوصاً، أننا أمام أعمال حديثة وجريئة، تمحو كل ما يتعلق بالمضمون التقليدي للفن الواقعي التسجيلي.


يذكر أن كارمن من مواليد حمص عام 1974، ولقد درست الفن في محترفات أحد المعاهد الفنية، وتخرجت من مركز صبحي شعيب عام 2003، وشاركت بمعظم المعارض التي نظمت برعاية اتحاد الفنانين، وبعض المراكز الثقافية، كما شاركت بمعرض الراوق الفرنسي عام 2006. وهي عضو في اتحاد الفنانين منذ عام 2010. وشاركت بمعرض فناني حمص في صالة اتحاد الفنانين في دمشق عام 2010 ومعرض فناني حمص في حلب قبل الحرب، التي فقدت خلالها بعض أعمالها، شأن العديد من الفنانين، حيث تعرضت الأعمال للسرقة والتخريب من قبل المسلحين. وبعد انتشار وباء الكورونا

شاركت بمعرض في كنيسة الأربعين في حمص، إلى جانب نخبة من الفنانين. 

كما أنها عضو مؤسس في مشروع مدى الثقافي ومسؤولة الفن التشكيلي فيه، ولقد أشرفت فيه على تنظيم معرض تحت عنوان (سورية بتجمعنا) ولقد تجوَّل في عدة محافظات سورية، وكانت الانطلاقة من دمشق العام الماضي، كما أقامت معرضها الفردي في حمص خلال العام الجاري، وشاركت بمعرض تحية تقدير ووفاء للفنانة ليلى رزوق، الذي أقيم في ثقافي كفر سوسة في أيلول الماضي 2020.

 

آخر الأخبار
وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور غرق عبارتين تحملان شاحنات بنهر الفرات الثورة" على محيط جرمانا.. هدوء عام واتصالات تجري لإعادة الأمن العفو الدولية": إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة ويجب محاسبتها   العراق تدعو لتسوية تضمن وحدة سوريا واستقراها 90 ألف غرسة مثمرة والخطة لإنتاج 69 ألف غرسة أخرى في القنيطرة ثانوية جديدة للعلوم الشرعية في طفس تعاون هولندي ومشاريع قادمة لمياه حلب بحث احتياجات حلب الخدمية مع منظمة UNOPS   المخابز تباشر عملها في درعا بعد وصول الطحين