فداء منصور في صالة أدونيا …الاختزال والتحوير والدائرة هاجس تشكيل

الثورة أون لاين- أديب مخزوم:
معرض الفنان فداء منصور في صالة أدونيا، حمل عنوان ” ذاكرة ” واحتوى على مجموعة لوحات بقياسات مختلفة (ألوان زيتية على كانفاس) ، تميزت بعناصرها العفوية والمختزلة، والمتداخلة مع التشكيلات الهندسية، التي تحدد العناصر وخاصة الدوائر والأقواس ، ولقد تفاوتت مظاهر الاختزال بين التكثيف والتبسيط إلى أبعد حد ، وخاصة في اللوحة التي شكلها بدائرتين فقط، وذهب من خلالها ، إلى بعض التجريد الهندسي التعبيري.
مجموعة لوحات متنوعة في مواضيعها المستعادة، في بعض الأحيان، من الذاكرة ومن تأملاته لمشاهد قادمة من البيئة الساحلية التي ينتمي إليها. وفي هذا المعرض يقدم ثمرة وخلاصة تجربته الدائرية، التي أقام لها عدة معارض، ضمن هاجس اختصار الموضوع وتبسيطه وإعادة صياغته بحركة خطوطه المرنة والمنسابة والرشيقة، والتي اكتسبها خلال ممارسته للخط العربي الديواني، وذلك لإيجاد حلول حديثة للتأليف أو للتكوين الباحث عن ملامح لمناخ تعبيري، لا يتبلور فقط عبر الحركات والالتفافات الدائرية واللمسات اللونية العفوية التي تشغل المساحة فحسب، وإنما عبر التأكيد على تنويعات الموضوع الواحد ، الذي يقدمه بحساسيات ومناخات مختلفة، باحثاً عن تغييرات في المعالجة للوصول إلى جمالية الإيقاعات اللونية الكامنة في موسيقا اللوحة وما يتداخل فيها من تموجات شاعرية.
ثمرة موهبته وتفوقه
فالشعور بضرورة الذهاب أبعد من الإشارات الواقعية للمشهد ، دفعه في اتجاه تعبيري حديث ومعاصر، بعد مرحلة أكاديمية وواقعية وانطباعية، أكدت تفوقه في تجسيد العناصر والأشكال والمشاهد، ولو كان هدفه إرضاء المشاهد العادي، وغير المطلع على تاريخ تطور الفن الحديث والمعاصر، كان ظل في إطار الرسم الواقعي الذي يتقنه، والذي يعود اليه بين الحين والآخر، ويشكل مدخلاً أساسياً لصياغة لوحته الفنية الحديثة ، التي فيها نفحات واقعية، رغم حداثتها، فلون التين وكأس الشاي وغيرهما يأخذ في إحدى لوحاته اللون الطبيعي ، وهذا يعني أنه يستفيد في هذه اللوحات من موهبته وثمرة تفوقه في الرسم الأكاديمي، خلال دراسته في كلية الفنون الجميلة، وحيازته على أعلى الدرجات .
هكذا يتجه الفنان فداء منصور نحو مظهر قطف روح المشهد بمنظور مغاير لما تراه العين في الأبعاد الثلاثة لإظهار التبسيط أو الاختصار وتحقيق التكوين الحديث، الخارج من ذاته ولذاته، مع التركيز على المناخ اللوني المحلي، ومن ضمنه المناخ اللوني المتوسطي، الذي اختزنته ذاكرته البصرية، وظل ظاهراً في لوحاته، رغم إقامته الدمشقية.. ومن خلال اللمسة العفوية يغوض في المسائل التقنية ( تركيب الطبقات اللونية الموضوعة فوق بعضها البعض) ويتجه إلى المزيد من التبسيط في المعالجة، وغير ذلك من أفكار جمالية حديثة، تنتمي إلى ثقافة وجماليات فنون العصر .
تنوع المواضيع
هكذا يستلهم المناخات اللونية الواقعية حتى في أقصى حالات التبسيط، ذاهباً إلى اكتشاف أسرار المواد ضمن اسلوب فني حديث وخاص ، ليس في التفافات الخطوط التي تحدد العناصر والأشكال فقط، وإنما أيضا في النسيج اللوني المتقن والذي يحمل بصمته ويؤكد خصوصية بحثه التقني، ولاشك في أن اختيار هذا الاتجاه بحد ذاته دليل افتتان وشغف بالتحوير والتحريف والعفوية التي جاءت نتيجة مشاهداته واطلاعه على التراث الفني العالمي الحديث، وغذى رغبته، في تجاوز الانماط المستهلكة والمطروحة والمألوفة، وفتح الطريق الذي يوصله إلى حالات الكشف والإبتكار والإبداع ، في مرحلة التحرر من الضغوط الأكاديمية والكلاسيكية والواقعية.
ولوحاته تروي علاقة الإنسان بالأرض والقرية والطفولة والحيوان والماء والنار والتراث والماضي والحاضر (قطاف الزيتون، التنور، الصيد، الأطفال والعجلات، ضاربة الدف، صانع الجرار الفخارية، الراعي، الغسيل في النهر، الفانوس وغيرها)
فهو في هذه المرحلة لا يذهب إلى نقل التسجيلات البصرية اللحظوية المتبدلة والمتغيرة ، التي اتبعها في لوحاته الانطباعية السابقة، وإنما يتجه نحو تحريك فضاءات لونية في اتجاه بناء عالم تعبيري وخيالي خاص ، فيقيم حواراً داخل اللوحة بين مشاعره الذاتية والمشاهد البصرية التي تستعيد جماليات الموضوع بطريقته الخاصة ، مركزاً أكثر على المساحات اللونية الواسعة في أحيان كثيرة .
وبذلك يكسر السياق الموضوعي ، ويركز أكثر على المساحات اللونية الصافية والنظيفة والمبهرة ، فالتأليف يخرج من ذات الفنان وأحاسيسه ورؤاه الفنية ، من دون أن يبقى الموضوع محافظاً على حضوره التقريري المباشر ، حتى أنه يحاذر في تنقله من صياغة لونية إلى أخرى الخروج من إطار المعالجة الأسلوبية الموحدة ، وهذا هو الشيء الهام قبل أي شيء آخر .
ضوء شرقي ساطع
وعلى هذا الأساس تحول الموضوع المطروح، إلى مجرد مدخل لتقديم رؤى وتآليف فنية خاصة ، تعتمد بالدرجة الأولى على التلخيص والتحوير والتحريف عبر لمسات وحركات الخط واللون ، فتبدو المرتفعات والمنخفضات والمنبسطات والأشجار والمدى البحري والأنهار والأفق متمازجة مع ذاته، حيث يتعامل مع ألوانه على أنها مادة طرية قابلة للتطويع ، ويظهر ذلك التزاوج البارز بين اللون والضوء الساطع . 

كما تظهر التشكيلات النباتية في بعض اللوحات، كإشارة لعودة الاخضرار إلى الأغصان وبروز حالات الأمل والتفاؤل والرغبة بالخلاص . ويعالج من خلال بعض اللوحات حالات إنسانية واجتماعية، ونستطيع أن نلمس في بعض لوحاته المرأة متوحدة مع ذاتها وعالمها الداخلي.
ونجد عالمه متأرجحاً بين المشهد التعبيري والتخييل الرمزي ، وكل ذلك يشكل الهاجس والجوهر والمحتوى، والمدخل والمنطلق الروحي، ورغبته واصراره في أن يبوح بهواجسه ، بصدق وأمانة ، على الصعيدين التكويني والتلويني ، زاهداً بكل بهرجة استعراضية.
هكذا يجعل المشهد مشدوداً أكثر إلى الخارج ، أي إلى الشمس والأجواء النورانية ، ولهذا نرى الألوان قد خرجت إلى الهواء والضوء الساطع ، وبدت أصرح وأفصح في التعبير عن الأجواء اللونية الشرقية في مساحة اللوحة ، مع التركيز قبل أي شيء آخر على التشكيل الهندسي الدائري، الذي اتخذه منطلقاً لسلسلة من المعارض الفردية، والمشاركات الجماعية، والسعى إلى تحقيق رغبة بارزة بإظهار الأشكال بطريقة مغايرة وخاصة.
وعلى هذا الأساس فهو يحقق الناحية الاسلوبية، التي تعطيه فرادة وخصوصية، تحدد وتحرك الأشكال والعناصر والرموز، ولوحاته مدروسة وعقلانية، وفيها الكثير من التنويع الوجداني والذاتي ، ولهذا فهي تحقق عناصر السحر والدهشة والاقناع.

 

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق