الثورة أون لاين – غصون سليمان:
عين على أم تربي .. وعين على مدرسة تعلم ، وأيد توجه بوصلة العمل والعطاء باتجاهات صحيحة لفعل الخير وتنمية روح العمل الجماعي المعطر بنكهة الإيثار والغيرية ، التي بتنا نفتقدها شيئا فشيئا .
من المفترض أن نكون مجتمعاً مثالياً على الأقل في حدوده الدنيا ، وألا نغرق في تفاصيل الكماليات والقيم الاستهلاكية من تقليدية ووافدة .
كلما ضاقت بنا السبل تفتح لنا نوافذ الحياة أبواباً من فرج ، وكلما داهمنا فعل الشر يتسع طريق الخير مزيحاً عن كاهلنا مزيداً من التعب وكثيراً من الهم .. ربما لاننتبه إلى بعض التفاصيل التي تحصل أمامنا ، وإذا مادققنا بها على صغرها نجدها راجحة الفعل في الميزان الحياتي .
تذكر لنا إحدى معلمات الصف الأول في إحدى مدارس ريفنا الجميل كيف تقدمت احدى التلميذات في نهاية الحصة الدرسية مع بداية الفرصة الثانية منها هامسة في أذنها أنها جائعة ولاتستطيع التحمل أكثر من ذلك ، سألتها المعلمة عن سبب عدم تناولها فطورها أوجلبها لشيء تأكله كان جوابها أن والدتها تأخرت على الفرن وليس مع الطفلة خرجية أو نقود لشراء سندويشة أو أي شيء آخر ، وقبل أن يهم التلاميذ ويغادرو قاعتهم .. طلبت منهم المعلمة التوقف قليلاً بعد أن تهيأ معظمهم لتناول الطعام لتسألهم بعبارة “من يرغب منكم أن يشارك طعامه مع زميلته ؟ وما كادت تلفظ بتلك العبارة حتى ارتفعت سواعد الأطفال الصغار بكل براءة الموقف وعفوية الفطرة الخيرة التي جبلوا عليها .. حيث تبين فيما بعد أن هناك أكثر من تلميذ وتلميذة لم يصطحبوا معهم لفة الزعتر واللبنة او قطعة الحلوى كما هو متعارف عليه بشكل عام في” محافظ وشناتي” طلاب المدرسة . ماجعل الجميع يتقاسم الزاد بكل سرور ومحبة بطقس تنافسي يجعل المرء يفكر كم لدينا من كنوز وبذور طيبة في نفوس أطفالنا وأبنائنا .؟
لكن الفعل الجميل الذي نتج كما تذكر المعلمة ريم أحمد كان في اليوم الثاني حين أخبرها الكثير من تلامذة الصف الأول من أن أمهاتهم قد زودوا أبناءهم بما يزيد عن حاجة التلميذ الواحد كي لايبقى أحد من دون طعام لأي ظرف كان .
سرت المعلمة كثيراً بهذه العادة الأسرية السليمة التي تحمل القيم النبيلة والأصيلة لعاداتنا وتقاليدنا ، ماذكَّرنا نحن و تلك المعلمة يوم كنا بأعمار تلك التلاميذ كيف كانت غالبية أمهاتنا يزودن أولادهن الصغار بأكثر من لفة طعام قائلات لهم ولهن تشاركوا ورفاقكم ورفيقاتكم في المدرسة الطعام .. كونوا كرماء مع بعضكم البعض ، أحبوا مدرستكم واحترموا معلميكم ومعلماتكم ، لاتشاغبوا حين تكون المعلمة تشرح الدرس ، حافظوا على نظافة الصف وأثاث المدرسة ، لا تقللوا أدباً في الكلام وغيرها من الوصفات التربوية والأخلاقية والتي أصبح بعضها في خبر كان عند العديد من أبناء الجيل الحالي لاعتبارات مختلفة ..
لقد باتت أبسط الأشياء تسد رمقاً ، وتفرح قلباً ، هي رسالة الآباء و الأمهات السوريات والمعلمات والمعلمين والمربيات والمربين ، وهم جميعاً يحرصون قدر المستطاع على وجوب تعزيز العادات الأصيلة وخطوات العمل السليمة والنظر إلى العائلة والأسرة السورية والمجتمع السوري كخلية النحل التي تعمل لتعطي من رحيق كل زهرة في بوادي الطبيعة السورية رشفة دواء وغذاء ومناعة ذاتية.