الثورة اون لاين – يحيى الشهابي:
شكل تطور القطاع الصحي النوعي والكمي وانتشار المؤسسات الصحية في كافة المناطق وتنوعها قفزة إيجابية أعطت الكثير من الثمار على صعيد الأسرة والمجتمع ،حيث لم تخل منطقة من المناطق من وجود عشرات المراكز الطبية كالعيادات والمخابر المتنوعة ومراكز التصوير الشعاعي والصيدليات وليس انتهاء بمراكز الخدمات الصحية والمشافي العامة والخاصة والمنشآت التعليمية…والتي تقدم الخدمات الصحية للمواطنين وما ينتج عن هذه الخدمات من نفايات طبية متنوعة منها ما يحمل الصفة الطبية الخطرة على الإنسان والحيوان وحتى على البيئة والتربة وذلك لحملها عوامل جرثومية أو كيميائية أو إشعاعية فيما لو تم استخدامها والتصرف بها من غير دراية واهتمام، والبعض الآخر يحمل الصفة غير الخطرة.
سوف نتطرق في تحقيقنا هذا حول طبيعة المخاطر التي يتعرض لها الإنسان لاسيما أثناء الاستخدام الخاطئ أو أثناء نبش تلك النفايات، كما سيتم التطرق إلى تأثيرها وآلية إدارتها حيث تعد تلك الادارة السليمة ضرورة لخروج المريض من المشافي والمؤسسات الصحية سليما وخاليا من الأمراض وأحيانا لتلافي الوضع غير اللائق صحيا وحضاريا/ كوجود بقع الدم أو بقايا المعالجة على الأسرة أو بجانبها …وهكذا تصبح مؤسساتنا الصحية مكانا للعلاج لا مرتعا للأمراض والجراثيم /وكما سنتطرق لعمليات التخلص من النفايات أو تدويرها والاستفادة منها لاحقا .
وزارة الصحة وبلسان الدكتورة هزار فرعون مديرة الأمراض السارية والمعدية أشارت في بداية كلامها إلى أن نفايات الرعاية الصحية لا يتم تدويرها لخطورة ووجود العوامل الممرضة والمعدية والجارحة والواخزة وغيرها، مضيفة الى أن جمع تلك النفايات يتم على عدة مراحل ابتداء من مكان تولدها /اسعاف،عيادة، جناح، قسم، غرفة عمليات، مخبر، أشعة، معالجة فيزيائية ../وتفرز بثلاث حاويات كل حاوية تضم المخصص لها حسب قانون النظافة على الشكل التالي :
النفايات الحادة والواخزة /مثل المحاقن مع رؤوس الإبر والمشارط والشفرات وكل الأدوات الواخزة والقاطعة المستخدمة والزجاج المكسر ..الخ .
أما النفايات غير الحادة الممرضة مثل /النفايات المعدية والباثولوجية والكيميائية وبقايا المستحضرات الصيدلانية /فتوضع في حاوية مخصصة لتلك الغاية.
لتأتي النفايات البلدية والمطبخية غير الملوثة بسوائل أو دم المريض مثل /الأوراق والكرتون والأوعية الزجاجية أو البلاستيكية أو الألمنيوم وبقايا الطعام والزهور فتوضع في حاوية أخرى خاصة بها.
أما جمع تلك النفايات فيتم من مكان تولد النفاية وهي مرحلة الجمع الأولي إلى مرحلة الجمع المرحلي في القسم انتهاء بالجمع النهائي من المنشأة الصحية لحاويات التجميع النهائي ضمن سور المنشأة ,وتسلم النفايات البلدية بالكيس الأسود ليتم إعادة تدويرها والاستفادة منها بينما النفايات الأخرى يتم تسليمها بشكل منفصل لسيارة خاصة بهذه المهمة لتتم معالجتها والتخلص الآمن منها ,
طرق التخلص
وحسب قانون النظافة 49 لعام 2004والنظام الوطني لإدارة نفايات الرعاية الصحية لعام 2010 الذي ينص حسب كلام الدكتورة فرعون :على أن وزارة الإدارة المحلية ممثلة بمديريات إدارة النفايات الصلبة ومديريات النظافة والدوائر التابعة لهما مسؤولة عن عمليات الجمع والنقل والمعالجة لنفايات الرعاية الصحية وفق مخطط تريفالور إذ يوجد جهازان أحدهما في دمشق والثاني في اللاذقية علما بان وزارة الصحة قد زودت بعض المشافي ذات ال200 سرير بأجهزة لتعقيم النفايات بالبخار مع الضغط والتقطيع وبالتالي تصبح خالية من العدوى بعد فرزها /مشفى القطيفة /حيث تشمل تقنيات المعالجة والتخلص الآمن والصديقة للبيئة وفق ما يلي :
المعالجة الحرارية الرطبة /التعقيم بالأوتوغليف /بالجهاز الأفقي أو الشاقولي أو المزودة بأجهزة تقطيع داخلي
المعالجة بالأمواج القصيرة المايكروويف/
التخلص بالطمر الصحي أو بالكبسلة
المعالجة بالتخميد
المعالجة بالترميد بأفران عالية الحرارة /مرمدات ذات غرفتين /
برنامج متكامل للإدارة
وتبين الدكتورة هزار بأنه يوجد برنامج متكامل لإدارة نفايات الرعاية الصحية بالاعتماد على الدليل الوطني للإدارة الآمنة لها لعام 2010 والذي تم إعداده في وزارة الصحة واعتمد من المجلس الأعلى لحماية البيئة في 3-7-2013حيث تقوم مديرية المشافي ودوائرها ولجان ضبط الجودة والنفايات الطبية وشعب الصحة البيئية في المحافظات بجولات دورية للتأكد من فرز النفايات وجمعها وتسليمها للجهات المرخص لها بالجمع والمعالجة ،حيث تتم معالجة الخلل إن وجد علما بان الإدارة الآمنة للنفايات الطبية من ضمن معايير تقييم جودة عمل المشافي في وزارة الصحة بينما تقوم مديريات النظافة في المحافظات بمراقبة أي خلل ويمكنها فرض المخالفات حسب قانون النظافة 49 لعام 2004
وأخيرا تقدر الدكتورة فرعون النفايات المتولدة حسب عدد الأسرة وإشغالها ونوع الخدمة ومستوى المنشأة بحوالي 0،75-1كغ للسرير.
في رحاب محافظة دمشق
المهندس عماد العلي مدير النظافة في محافظة دمشق، قسم النفايات الطبية إلى قسمين أساسيين فيما لو كانت تجري عملية فصل النفايات الطبية عن المطبخية بشكل جيد ضمن المنشأة الصحية:
نفايات طبية خطرة وهي التي يمكن أن تحمل خطرا خمجيا أو كيميائيا أو إشعاعيا وهذه تحتاج لإجراءات خاصة أثناء تداولها ومعالجتها والتخلص منها بشكل نهائي ،بينما غير الخطرة أي لا تحمل ماسبق والناتجة عن مطابخ المؤسسات الصحية والأقسام الإدارية فينظر لها على أنها نفايات عادية /منزلية /وهي مكونة من البقايا المطبخية الناتجة عن المشفى.
حجم النفايات وآليات نقلها
وحول الآليات المخصصة لنقل النفايات الطبية وحجم هذه النفايات بين المهندس عماد بأنه تم تخصيص ثلاث سيارات إحداها حديثة تم تزويد مديرية النظافة بها مؤخرا من صنع العام 2018 نوع أسوزو ومجهزة بصندوق مغلق حجم 10 م3 مكيفة ومبردة وذات تهوية جيدة ومزودة بشفاط بالإضافة إلى سيارة أخرى مغلقة تم تجهيزها بجهود ذاتية من قبل محافظة دمشق والأخرى سيارة قلاب مشدرة بشكل جيد يتم جمع ونقل تلك النفايات من مكان تولدها وبشكل منفصل عن بقية النفايات حيث تقدر الكمية الوسطية اليومية بخمسة أطنان من النفايات الطبية وهي ما تشكل نسبة 16% من حجم النفايات الناتجة عن مدينة دمشق.
وعن الخصائص المختلفة لهذه السيارات أوضح العلي بأنه بالطبع هناك فرق في الخصائص والمواصفات ولا يجوز للآلية العاملة أن تكون آلية ضاغطة وإنما يجب أن تكون مغلقة بشكل جيد وآمنة ومعزولة حراريا ولا تؤدي إلى تسريب النفايات منها أو وصول الناس إليها ويفضل أن تكون مبردة.
لا حرق للنفايات
وحول مصير تلك النفايات هل هو الحرق أو معالجتها بتقنيات جديدة، أكد العلي بأن الحرق قد تم التوقف عن العمل بالمحرقة الخاصة بالنفايات الطبية منذ ما يزيد عن 15عاما وتم استبدالها بجهاز الأوتوغليف العامل حاليا.
آليات الجمع
ويشرح المهندس عماد آلية نقل تلك النفايات بالقول: إنه بعد جمعها من المنشآت الصحية يتم نقلها إلى موقع معمل النفايات في الجارونية حيث تتم معالجتها بالتطعيم والتعقيم بالبخار الساخن عبر جهاز الأوتوغليف وبذلك تتحول إلى نفايات لها ذات مواصفات النفايات المنزلية ومن ثم يتم طمرها طمرا صحيا ،ولا يسمح بتدوير تلك النفايات وفق قانون النظافة وهذا الأمر معمول فيه في معظم الدول المتقدمة.
عقوبات رادعة
ويشدد العلي على أهمية عدم التعامل غير السليم مع هذه النفايات سواء من حيث المنشآت التي تقوم بتوليدها أو الجهات الناقلة لها أو من تقوم بمعالجتها، ذلك الاستخدام غير السليم سيؤدي إلى تلوث بيئي خطير لما تحتويه من فيروسات وجراثيم وأمراض يمكن أن تنتقل بالمس كما أن عدم فصلها عن المطبخية يؤدي إلى طمر هذه النفايات مع النفايات العضوية أو مع تحولها إلى سماد يؤدي إلى تلوث في المياه الجوفية والتربة وبالتالي المنتجات الزراعية كما أن نابشي القمامة سيتعرضون لخطر كبير على حياتهم الصحية والتي تتسبب في نقل أي مرض معد من خلال هذه القمامة وقد تضع حدا لحياتهم.. من هنا كانت إجراءات المحافظة في حال عدم التزام المنشأة الطبية بفصل هذه النفايات عن غيرها أو عدم تأمين مكان للتجميع النهائي سواء حاويات طبية أو غرفا خاصة فانه ستطبق بحقهم الإجراءات وفق قانون النظافة رقم 49 لعام 2004 وتعليماته التنفيذية حيث تقدر قيمة المخالفة ب 50000 ليرة سورية و لعدم قيام البعض بنبش القمامة فإنه ووفق القانون يحظر مكان التجميع النهائي للنفايات الطبية لغير العاملين في هذا المجال وهذا يقع على مسؤولية المنشأة الطبية.
من كل ما سبق الحديث عنه فإن موضوع النفايات الطبية وخطورتها لاسيما في وقت انتشرت به الأوبئة يضعنا كل في مكانه أمام مسؤوليات جسام بدءا من الوقاية الشخصية والمنزلية ولاسيما لمن يعانون من أمراض مزمنة وليس آخرها في منشآتنا الصحية على اختلاف نوعيتها وسعتها حيث لا يمكن القبول بوجود مخلفات علاج أو بقع دماء على الأسرة أو الممرات أو مناطق أخرى تحت أي عذر كان علما بأننا وخلال عدة زيارات لتلك المنشآت وجدنا معظم الكادر الطبي يقوم بواجبه على أكمل وجه وأحيانا بقدرات وجهود ترفع لها القبعات وخاصة في مشافينا العامة حيث الكم الكبير من المراجعين بيد أننا نطمح إلى الأفضل.