الثورة – تحقيق فؤاد العجيلي:
يبدو أن ارتياد المطاعم سيصبح حلماً بعيد المنال وخاصة لذوي الدخل المحدود في حلب، كما في غيرها من المحافظات، وبدأت العائلات بالبحث عن البديل، وخاصة في عطلة نهاية الأسبوع، فكان تجهيز الوجبات وتحضيرها في البيت هو الحل الأنجع، وفي بعض الأحيان، ونتيجة إصرار الأطفال على شراء الوجبات من المطاعم تتجه العائلة إلى شراء وجبات جاهزة أو سندويشات من المطعم، والتوجه لتناولها إما في الحدائق أو ضمن سيارة العائلة، أو على المتحلقات في أطراف المدينة.
هذه الصورة تنطبق جملة وتفصيلاً على معظم العائلات بشكل عام، وعلى ذوي الدخل المحدود بشكل خاص، حتى أنها صارت تنطبق على الولائم التي تقيمها العائلة في المناسبات والأعياد، فماذا عن حيثياتها ودوافعها والحلول المقترحة، هذا ما سيتم رصده خلال التحقيق التالي الذي أجرته صحيفة الثورة في محافظة حلب..
مطاعم عالماشي
نظراً للإضافات المالية على الفاتورة والتي تتجاوز، أحياناً، سعر الطعام الأساسي، بدأ معظم طلبة الجامعة وجيل الشباب وحتى “العرسان” الجدد بشراء وجبة الطعام أو السندويش من المطاعم من دون الحاجة إلى الجلوس، وذلك تجنباً لدفع قيم مالية إضافية.
ما سبق تحدث عنه عصام- طالب جامعي، فقال: إنه يتناول صباح كل يوم سندويشة واحدة، بطاطا أو فلافل مع علبة كولا أو “كاسة شاي”، وهذه الوجبة تكلفه 15 ألف ليرة، وعندما يتناول ثلاث وجبات في اليوم فإنه يحتاج إلى 45,000 ليرة يومياً، أي 1,350,000 ليرة في الشهر بعيداً عن مصاريفه اليومية الأخرى.
ميادة- معلمة مدرسة قالت إنها تعيش مع والدتها في بيت واحد، وتكتفي بوجبة واحدة، فيما تحتاج والدتها إلى 3 وجبات يومياً، وتبلغ تكلفة الطعام اليومية لهما نحو 60 ألف ليرة، أي ما يعادل المليون و800 ألف ليرة شهرياً، هذا عدا عن متممات المعيشة اليومية الأساسية “أمبير، وغير ذلك”، علماً أنه لا يوجد مصدر معيشة آخر سوى الراتب الذي تتقاضاه.
وجبة العائلة بمليون ليرة
بدوره “أبو عادل”، أب لطفلين، أكد أنه يصطحب عائلته كل أسبوع مرة واحدة إلى الحديقة العامة بعد أن يشتري لهم وجبة بطاطا وشاورما عائلية بمبلغ يصل إلى نحو 150 ألف ليرة تكفي لأربعة أشخاص، فيتناولونها ضمن الحديقة حتى لا يضطر إلى دفع تكاليف إضافية على فاتورة المطعم.
أما أبو سمير، متزوج ولديه ثلاثة أطفال، فقال: إنه يذهب وعائلته كل أسبوع إلى المتحلق الشمالي على طريق المطار، لأنه المكان الأنسب لذوي الدخل المحدود، مصطحبين معهم “خضراوات وحواضر”، وتكلفه تلك الرحلة نحو 200 ألف ليرة.
وخلال جولة “الثورة” على المطاعم في محلة السبيل وباب الفرج، لاحظنا أن فاتورة الشخص الواحد، إذا أراد تناول وجبة تتضمن الكباب أو اللحوم المشوية، مع المقبلات والسلطات، إلى جانب المشروبات الباردة أو الساخنة تصل إلى 200 ألف ليرة، وربما تتجاوز ذلك.. وأكد أحد أصحاب المطاعم أن فاتورة العائلة المكونة من أربعة أشخاص قد تصل إلى مليون ليرة.
ولدى سؤاله عن سبب ارتفاع الأسعار أوضح أن عدم وجود الكهرباء، والاعتماد على الأمبيرات أو الطاقة البديلة، وكذلك عدم وجود الماء وارتفاع أجور النقل، وأجور اليد العاملة ورسوم المالية والبلدية، وتضخم قيمة الليرة كلها سبب في ذلك، وهذا ما جعل المواطنين يعزفون عن دخول وارتياد المطاعم، والاكتفاء بشراء السندويش أو الوجبة وتناولها إما في البيت أو الحديقة.
ما ينطبق على مطاعم مركز المدينة والأحياء الشعبية لا ينطبق على مطاعم الأربع أو الخمس نجوم في أحياء الموكامبو والخالدية، إذ يمكن إضافة 25- 50 بالمئة على قيمة الفاتورة، وفي الكافيهات والمطاعم في الفنادق والمجمعات السياحية تتضاعف قيمة الفاتورة، وكل ذلك أدى إلى ضعف الإقبال على هذه المطاعم، وهذا ما أكده خبراء في مجال السياحة.
أوضح عبد القادر، عامل كاشير في أحد المطاعم أن غلاء أسعار لحوم “الغنم” وارتفاع أسعار وجباتها الجاهزة، جعل الكثيرين من المواطنين يتوجهون إلى لحوم الفروج، سواء النيء أم المشوي أم البروستد أم شاورما الدجاج، لافتاً إلى أن ذلك انعكس على واردات المطعم المالية، إذ انخفضت بنسبة 50 بالمئة عن السنوات الماضية.
رقابة غائبة
وأشارت أم جورج إلى أن أسعار الفروج المشوي في حي محطة بغداد والعزيزية يصل إلى 100 ألف ليرة، فيما في حي الأشرفية ينخفض إلى 60 ألف ليرة، ولهذا تضطر للذهاب إلى الأشرفية لشراء الفروج المشوي.. وتتساءل عن غياب الرقابة، في حين طالب العديد من المواطنين بضرورة تكثيف الرقابة السعرية على المطاعم بمختلف أنواعها.ويجمع من التقتهم “الثورة” على أن تحديد أسعار الوجبات الغذائية وتكثيف الرقابة هو الحل الأنجع لتمكين جميع شرائح المجتمع من شراء الوجبات الجاهزة وارتياد المطاعم، سواء الشعبية منها أم السياحية، وإعفاء المطاعم من ضرائب الرفاهية وتخفيض الضرائب المالية وتوفير الطاقة بأسعار مناسبة، كل ذلك يخلق توازناً بين المواطن المستهلك وبين أصحاب المنشآت السياحية، فهل تنظر الجهات الحكومية في هذا الموضوع أم نترك المواطن ينظر بتحسر على واجهات المطاعم “لأن حساب السوق لا ينطبق على الصندوق”.