“مجزرة الكيماوي”.. الجرح النازف في أعماق الذاكرة .. المحامي حمزة النحاس : محاسبة المجرمين ركيزة لبناء دولة القانون
الثورة – فردوس دياب
تعد مجزرة الكيماوي من أبشع الجرائم التي هزّت المجتمع السوري والعالمي، لما انطوت عليه من قتل جماعي لمئات الضحايا من المدنيين الابرياء باستخدام أسلحة محرمة دولياً، لذلك تعد محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة خطوة جوهرية في سبيل إحقاق الحق، وإنصاف الضحايا وذويهم، وبناء مسار عدالة يرسّخ الثقة بين المجتمع والدولة، ويمهّد لمصالحة وطنية حقيقية قائمة على الاعتراف والمساءلة.
حول ضرورة محاسبة المجرمين الذين ارتكبوا هذه المجزرة، التقت صحيفة الثورة المحامي حمزة النحاس الذي أكد، أن تحقيق العدالة الانتقالية هو عملية حيوية ومهمة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن الحروب والأزمات، حيث تعد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية التي وقعت في ٢١أب ٢٠١٣ ،نموذجًا صارخًا لحاجة المجتمعات لتحقيق العدالة الانتقالية، لاسيما وأن تلك الجريمة ستبقى أحد أبرز الأمثلة التي يتوجب فيها محاسبة الفاعلين من أجل تحقيق العدالة وإرساء التعايش والسلم الأهلي.
وقال النحاس إن تلك المجزرة التي أسفرت عن استشهاد أكثر من ١٤٠٠ مدني معظمهم من الأطفال والنساء، تشكل نقطة فارقة في تاريخ الانتهاكات الإنسانية، كما أن محاسبة القتلة يمثل من جهة، خطوة على طريق إنصاف الضحايا وعائلاتهم وهم الذين عانوا من الألم والفقدان، ويمثل من جهة أخرى خطوة ضمن مسار عدم الإفلات من العقاب، وبناء الثقة بين المجتمع والدولة وتعزيز الاستقرار في مرحلة ما بعد الثورة والتحرير.
وأشار النحاس إلى أن عملية المحاسبة تواجه تحديات كبيرة، منها التجاذبات السياسية والتعقيدات الدولية التي تؤثر سلباً على إمكانية اتخاذ إجراءات فعالة، لكن رغم ذلك تبقى جهود الدولة السورية مستمرة لمحاسبة المسؤولين عن تلك المجازر عبر المحاكم الدولية واللجان المحلية لتعزيز مبادئ العدالة، مبينا أنه يجب أن يكون هناك التزام حقيقي بمحاسبة كل من كان له علاقة بتلك الجريمة، و لضمان فعالية هذه الجهود يمكن الاستفادة من تقنيات التوثيق الحديثة، مثل التحقيقات الرقمية، وشهادات الناجين لجمع الأدلة الضرورية،بالإضافة إلى التوثيق الشامل لتأكيد الحقائق ولتقديم الجناة إلى العدالة.
وذكر النحاس أنه لتحقيق العدالة الانتقالية، لابد من تكثيف الجهود المحلية والمؤسساتية لتطوير بيئة آمنة لمصالحة حقيقية بين أطياف الشعب السوري، لأن بناء مستقبل يسوده السلام والتسامح يتطلب اعترافاً جماعياً بالألم والمآسي، وبدء رحلات الشفاء الفردي والجماعي، لأن العدالة تعد أكثر من مجرد محاكمات ، فهي تحتاج أيضاً إلى تعويض الضحايا ومشاركة المجتمع في عملية إعادة البناء.
وختم النحاس حديثه بالقول: إن مجزرة الكيماوي في الغوطة ستبقى رمزاً للألم والمعاناة وجرحا مفتوحا في الذاكرة السورية ، لا يمكن تجاوزه إلا من خلال محاسبة المسؤولين عنها وكشف الحقيقة كاملة، وأن تحقيق العدالة الانتقالية في هذا السياق لايسهم فقط في إنصاف الضحايا وذويهم، بل يشكل أيضا ركيزة أساسية لبناء دولة القانون وتعزيز قيم العدالة والكرامة الإنسانية لبناء مجتمع أكثر عدلاً وأمناً للجميع.