الملحق الثقافي:وهيب عجمي :
لو كانَ عندي منجلٌ
لحصدتُ أشواكَ المنجِّم من دمي
ورميتُها في راحةِ الوقتِ المُسجّى
بين أروقةِ السِّقام
لوكان عندي خنجرٌ
لنحرتُ ذات القابع الموتورِ في أجسادنا
ولصرتُ أسكنُ في عيونكِ حالماً
طفلاً تُجاذِبهُ إلى أعشاشها
رفّاتُ أفراخِ الحمامْ
ودفاتر الأشجار تقرأُ عن لسانِ
الضَّوءِ أغنية تُطِلُّ من شفةِ
الغصونِ على قناديل
يجرحها الندى
لتنامَ في أرحامها روح الغمامْ
لوكنت فناناً أخذت جديلةً
من ليلها
غطَّستُ جرحي في شفاءِ عبيرها
وبِزَيتها الفضيِّ لوَّنتُ المعابر
والمسا..
وشنقتُ آخر موعدٍ تحت الخيامْ
قبَّلت ظلاً من ظلالكِ أولاً
وبريشةِ الوروار زيَّنت الهدايا والسَّما
وصنعتُ قوتي من عجينِ الحرفِ
نشوانَ الرؤى
وعلى صهيلِ الشِّعر عانقت المدى
وهجرتُ أضرحة الكلامْ
غنَّيتُ لحناً في هواكِ متيَّماً
ينهالُ من عينِ الكرى
عسعستُ في نارِ القرى
حرَّكتُ غربالي فنخَّلني الترابْ
وجبلتُ أجزائي بصفصافي
وأسراب الحصى
علقتْ في خيطان صدري
سارياتٍ للفدا
فمحوتُ عن أعمارنا
وهماً وكنَّستُ السرابْ
عفَّرتُ في بأسِ الفوارسِ جبهتي
وشربتُ من ثدي الخميلةِ جرعتي
سطَّرتُ ملحمتي بقبضةِ عاشقٍ
للأرضِ توّاق إلى صوّانها
مطراً تسرَّب منعشاً
روح الثَّرى
ويشعُّ دهراً في شرايين السَّحابْ
لكنَّ قلبي علبةٌ
دلفتْ إليها قطرتٌ من سحرهِ
وتجلببتْ ثوب الحرائقِ والدُّخان
قارورة للطفلِ دحرجها
على كفِّ البراءةِ
من ملاعبهِ
إلى طفلِ البراءة في الجليلْ
رشَّ الترابَ بعطرهِ اقتحم الدَّخيل
لا تطفؤوا النار التي
فازَ الصبيُّ بها
ولا تستنزفوا الطفل الجميل
كي لا يكون الغاصبون له البديل..
يا نارُ كوني بردهُ وسلامهُ
لا تحرقي قدماً من النعناعِ
إصبعها..
ولا كفاً بحجمِ البرعمِ المفطوم
أنعمُ من حريرْ
وبهِ قليلٌ من أريجِ الوردِ
حين بدا
يقاسي الشَّوك في ساعاتِ مولدهِ
وعند الصُّبحٍ
يلثمهُ لسانُ الضَّوءِ
مُنسلاً يماماتٍ إلى شبَّاك عينيه
بقايانا صدى أصواتك الحبلى
بهذا الليل
عرس مخاضنا الآتي
من التاريخ للتَّاريخ
من عمقِ الحضاراتِ
أيا طفلاً بحجمِ الأرض قبضتُهُ
بحجمِ سلاحه الذاتي
همُ ماتوا…
وأمّا أنت باقٍ
في ضميرِ الأرض معجزةً
يتوِّجها الفداءْ
كدنا نخالكَ في الأنام نبيَّنا
يوحى إليكَ من السَّماءْ
لكنَّه الرَّحمن جلَّ جلالُهُ
بمحمدٍ ختم اختيار الأنبياءْ
شاعر لبناني
التاريخ: الثلاثاء9-2-2021
رقم العدد :1032