الثورة أون لاين- فاتن أحمد دعبول:
لايختلف اثنان على أن اللغات هي أبواب ثقافات الأمم، والترجمة هي مفاتيح تلك الأبواب، ومنذ القدم تنبهت الشعوب لأهمية الترجمة في بناء نهضتها الحضارية، فترجمت الكثير من العلوم والمعارف والآداب، ولم يكن العرب بمنأى عن هذا الإنجاز الكبير، ونذكر على سبيل المثال ماقام به خالد بن يزيد بن معاوية عندما جمع عددا من فلاسفة اليونان في مصر وجعلهم ينقلون الكتب من اليونانية والقبطية إلى العربية.
وكذا فعل من جاء بعده، وتفوق في الترجمة عدد كبير من المترجمين الذين استطاعوا نقل أهم كتب الأمم الأخرى عن لغات كثيرة”اليونانية، الفارسية، الهندية، القبطية، السريانية ..”لتصبح كتب أفلاطون وأبقراط وإقليدس، وغيرهم من العلماء تقرأ بالعربية.
وفي” نوافذ” المشروع الثقافي الذي يسلط الضوء على واقع الثقافة السورية ويديره إدريس مراد، أطلت نافذته الثانية في مجمع دمر الثقافي على” الترجمة .. واقع وآفاق”، يقول: نسعى من خلال هذه النوافذ إلى تسليط الضوء على الجهود التي تبذل من أجل النهوض بالواقع الثقافي بأشكاله كافة: الدراما، التشكيل، المسرح والآداب .. ووضعها تحت الضوء، مالها وماعليها، باستضافة أهل الاختصاص، ومحاولة الوقوف عند أهم التوصيات لنواكب حضارات العصر.
دعم مشاريع الترجمة
ويبين د. ثائر زين الدين مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب، أنه رغم الصورة المشرقة لحال الترجمة في حضارتنا العربية، نفاجأ بالصورة الحالية للترجمة وخصوصا في إشارة تقرير التنمية البشرية لعام 2003 إلى حالة الركود في الترجمة إلى العربية، ويؤكد أنه لم يتجاوز عدد العناوين في مشارف القرن الحالي 330 عنوانا وهو رقم لايتعدى ماتترجمه دولة صغيرة كاليونان.
ورغم أن الهيئة أطلقت المشروع الوطني للترجمة وشكلت لجانا مختصة لذلك ووضعت خطة طموحة لتكون حجر الأساس في نهضة قادمة، لكن الكثير من الجهات ودور النشر لم تقدم تعاونا يذكر، ومانفتقده حقا هو الإحصاءات الدقيقة التي تبين أعداد الكتب المترجمة إلى العربية، أو ماترجم من العربية إلى اللغات الأخرى، وخصوصا أن اليونيسكو ترصد الترجمات وتوثقها “اسم الكتاب، اسم الكاتب، لغته والبلد الذي صدر عنه واسم المترجم وسنة الإصدار ..”
اتحاد للمترجمين
ويرى حسام خضور مدير الترجمة أن الترجمة في بلدنا تعمل على مجموعة من الأعمال” الترجمة التحريرية، الفورية، الهيكلية التنظيمية والموارد المالية”.. ويقول:
في السوق الداخلية يوجد تباين بين مؤسسة وأخرى حتى في القطاع العام، فلا يوجد قانون ينظم شؤون هذه المهنة الإبداعية التي يعمل بها المئات وتسهم في الدخل الوطني من خلال مساهمتها في صناعة النشر التي تعتمد في جانب منها على الترجمة، وإن اتساع الترجمة سيدفع باتجاه نشوء مهنة جديدة في الكتابة هي مهنة التحرير.
ويضيف: إن توسع الترجمة وتزايد أهميتها يفترضان تأسيس مركز وطني للترجمة يحررها من التنازع في المصالح بينها وبين التأليف، وفي الآفاق المرئية يمكن تأسيس اتحاد خاص للمترجمين يرعى المهنة ويرعى حقوق العاملين فيها، وهو وسيلة لتوحيد ترجمة المصطلح على الأقل وطنيا، حيث توكل إلى لجنة خاصة في الاتحاد، العمل على هذه المسألة التي تؤرق المهتمين باللغة العربية.