الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
التغلغل في المجتمعات، والتدخل في تفاصيلها الاجتماعية والقيمية، تمهيداً لمحاولة السيطرة عليها وإعادة فرزها وتشكيلها وفق خطوط وخيوط منفصلة نهاياتها مرتبطة بأيد استعمارية كانت ولا تزال الهدف الأكثر أهمية لأجندات الغرب الاستعمارية وسياساته.
من هنا أخذ الغرب عبر أفكاره “الليبرالية الحديثة” يعمل على هذا الهدف التخريبي إلى جانب مخططات أطماعه غير المتناهية، وتحقيق أجنداته بنشر الفوضى الهدامة في العالم، وتشكيل حالة من اللا وعي عند الأفراد والمجتمعات، لصنع الأزمات المجتمعية وخلق المشاكل والعوائق ليتم تحويلها لاحقاً إلى حروب مختلفة يقودها مؤسسو ودعاة الليبرالية من خلف الكواليس بوجه حضاري “جميل” من أجل إغراء شرائح الشباب على وجه التحديد.
لقد أصبحت “الليبرالية الحديثة” الوجه الآخر لعملة الغرب الإرهابية في حروبه وسياساته لهدم المجتمعات عبر محاولة إفراغها من أي أخلاق ومبادئ وأسس وقوانين، واتبع مروجوها طرقاً التوائية والتفافية عبر تقديم كل ما هو مغر وسريع ومبهر ورخيص، وهو ما يتطلبه توسيع انتشارها وتمددها وتغلغلها العميق، وشيطنة الفرد والمجتمع في فترات لاحقة بعد إغراقه بهوس التعلق بأفكارها، تمهيداً لاستعباده بعد أن يصبح سلاحاً منخرطاً ضمن ما تهدف له سياساتها العدوانية، لأن استهدافاتها وتأثيراتها ومخاطرها وآثارها السلبية تظهر بوضوح في كل التفاصيل الاجتماعية والسياسة والاقتصادية، فهي تحاول تكريس السلبية في جميع مناحي الحياة وبشكل خاص المنحى الفكري والثقافي الذي يعتبر هدفاً بارزاً للحروب الاستعمارية على مجتمعاتنا.
وحول ما يمكن أن تفعله “الليبرالية الحديثة” بالمجتمع، يعتقد “بول هيجي” في كتابه “ماذا عني” أن “النظام الليبرالي أدى لانتشار كثير من الأمراض مثل اضطراب الأكل، والاكتئاب والشعور بالوحدة، والقلق الدائم “.
لذا فإن الفهم العميق “لليبرالية الحديثة” وما تقدمه من مواد مسمومة ومصطلحات مبرمجة، يشكل لدينا فهماً كافياً وإدراكاً واعياً لكيفية فهم أبعادها وتجنب الانسياق خلف عمليات التسويق التي تنتهجها في أي اتجاه حاولت التسلل من خلفه كي نتجنب الكثير من المآسي والحروب والأزمات التي تفرض على مجتمعاتنا.