“ديلي ميل”: سجن صيدنايا رمز للانتهاكات ضد الإنسانية
الثورة – ترجمة رشا غانم:
أصبح سجن صيدنايا، الواقع شمال العاصمة السورية دمشق رمزاً للانتهاكات ضد الإنسانية لحاشية الأسد، خاصة منذ اندلاع الثورة عام 2011.
كان مجمع السجون موقعاً لعمليات إعدام وتعذيب واختفاء قسري خارج نطاق القضاء ، مما يجسد الفظائع التي ارتكبها الرئيس المخلوع بشار الأسد.
مع دخول الثوار السوريين إلى دمشق أوائل الشهر الماضي بعد تقدم خاطف أطاح بحكومة الأسد، أعلنوا أنهم استولوا على صيدنايا وأطلقوا سراح وأطلقوا سراح أكثر من 4000 سجين، وفقًا لرابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا (ADMSP).
تم تداول صور لسجناء هزيلين، بعضهم بالكاد يستطيع المشي بمفرده نتيجة سنوات طويلة من سوء ووحشية المعاملة داخل المعتقل.
وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا زارا المنشأة يوم الجمعة برفقة مجموعة من الدفاع المدني السوري المعروفة باسم الخوذ البيضاء، حيث تم توثيق آثار الفظائع التي ارتُكبت داخل السجن.
تاريخ سجن صيدنايا
تم بناء السجن في الثمانينيات خلال حكم حافظ الأسد، والد الرئيس المخلوع، وكان مخصصاً في البداية للسجناء السياسيين بما في ذلك أعضاء الجماعات الإسلامية والمسلحين الأكراد.
تحول السجن إلى مركز قمع
مع مرور الوقت، تحول السجن إلى رمز للقمع، حيث أخضع المعتقلون فيه لممارسات غير إنسانية موثقة من قبل منظمات حقوقية دولية.
انتهاكات حقوق الإنسان في صيدنايا

في تقريرها الصادر عام 2016، وجدت لجنة تابعة للأمم المتحدة أن النظام السوري السابق ارتكب جرائم ضد الإنسانية شملت القتل، الاغتصاب، التعذيب، السجن، والاختفاء القسري، لا سيما في سجن صيدنايا.
وفي عام 2017، وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير بعنوان “المسلخ البشري“ آلاف عمليات الإعدام داخل المعتقل، واصفة إياها بأنها سياسة إبادة جماعية منظمة.في وقت لاحق، كشفت الولايات المتحدة عن وجود محرقة جثث داخل السجن ، يُعتقد أن رفات الآلاف من المعتقلين تم حرقها هناك للتخلص منها دون ترك أدلة.
أرقام صادمة
كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أرقام مفزعة من داخل هذا السجن ، أحد أكثر السجون شهرة في سوريا.
فبحسب التقرير، تم اعتقال نحو 30 ألف شخص داخل هذا السجن، وتعرّض عدد كبير منهم لتعذيب قاسٍ وغير إنساني. المأساة لا تقف هنا، إذ لم يُفرج سوى عن 6 آلاف منهم فقط.
أما الأكثر فداحة، فهو ما تشير إليه التقديرات من أن أكثر من 30 ألف سجين قضوا نحبهم بين عامي 2011 و2018، إما بالإعدام، أو تحت وطأة التعذيب، أو بسبب الإهمال الطبي ونقص الغذاء.
كما أشار المرصد إلى أن النظام المخلوع في سورية أقام غرف ملح (غرف مبطنة بالملح) لاستخدامها كمشارح مؤقتة لتعويض نقص التخزين البارد.
تقارير المنظمات الحقوقية
في تقرير نُشر عام 2022، كشفت “رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا” عن واحدة من أبشع الممارسات التي شهدها السجن.
حيث تم استخدام ما يُعرف بـ “غرف الملح” كمشارح مؤقتة، وُضعت فيها جثث المعتقلين في محاولة لتعويض غياب التخزين البارد.
هذه الطريقة بدأت منذ عام 2013، الذي يُعتبر من أكثر الأعوام دموية خلال سنوات الثورة السورية، في دلالة جديدة على حجم الكارثة الإنسانية التي وقعت خلف جدران السجن.
المعتقلون غير السوريين
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الأردنية أن سجون النظام السوري لم تقتصر على احتجاز السوريين فقط، بل ضمت أيضا معتقلين من جنسيات عربية أخرى من بين هؤلاء، أسامة بشير حسن البطاينة، مواطن أردني قضى 38 عاما خلف القضبان، قبل أن يعثر عليه فاقداً للوعي ويعاني من فقدان الذاكرة.

وبحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن، فإن 236 مواطناً أردنياً -على الأقل- احتجزوا في السجون السورية، وكان الغالبية العظمى منهم في سجن صيدنايا، المعروف بظروفه القاسية.
أما على الجانب اللبناني، فقد عاد المواطن سهيل حماوي إلى بلده بعد أن أمضى 33 عاماً من عمره في أحد السجون السورية، ليكون واحد من القلائل من غير السوريين الذين كتب لهم النجاة والحرية بعد عقود من الاعتقال…
مصير سجن صيدنايا بعد سقوط النظام
عقب سيطرة الثوار على السجن توافد الآلاف من ذوي المفقودين إلى المكان، يحملون بصيص أمل في العثور على أحبّائهم الذين فُقدت أخبارهم منذ سنوات طويلة. كانت اللحظة مشحونة بالمشاعر، بين الرجاء والخوف، لكن سرعان ما خيّم الحزن من جديد.
فقد أعلنت فرق الإنقاذ التابعة للخوذ البيضاء عن انتهاء عمليات البحث داخل السجن، دون العثور على أي معتقلين أحياء.
الخاتمة:
لا يزال هذا السجن ، حتى بعد انتهاء دوره الفعلي، يحمل رمزية ثقيلة لانتهاكات جسيمة ارتُكبت بحق الإنسانية على يد النظام المجرم.
وقد تحوّل إلى شاهد صامت على فصول من القمع والتعذيب والإخفاء القسري.
كما لا تزال جهود التوثيق مستمرة، وسط تصاعد المطالبات من قبل هيئات حقوقية ودولية بالكشف عن مصير المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت داخل أسواره.
فبالنسبة لكثيرين، لم يُغلق ملف صيدنايا بعد – بل هو جرح مفتوح في ذاكرة سوريا المعاصرة.
المصدر – ديلي ميل