ماذا تريد الصين من إدارة بايدن؟

الثورة أون لاين- د. ذو الفقار علي عبود:  

ربما من المفاجئ أن نعلم أن القيادة الصينية كانت تفضل إعادة انتخاب ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركيّة العام الماضي، ولكن هذا لا يعني أنها كانت ترى في السياسة الخارجية للرئيس السابق قيمة إستراتيجية.
فلقد تعاملت الصين مع الحرب التجارية لإدارة ترامب على أنها سياسة عدوانية، وراقبت بحذر سعيه للفصل الاقتصادي بين البلدين، ولكنها نظرت بواقعية إلى إعلانه الرسمي بأن الصين “منافس استراتيجي”.
لكن معظم العاملين في مؤسسة السياسة الخارجية الصينية يرون أن التحول الأخير في المشاعر الأميركية تجاه الصين هو نتيجة حتمية لتغير ميزان القوى بين البلدين، ففي الواقع، شعر عدد منهم بالارتياح لأن المنافسة الإستراتيجية المفتوحة حلت محل التظاهر بالتعاون الثنائي.
واليوم يمكن للصين التحرك بسرعة أكبر وبشكل علني نحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية، مع الأخذ بعين الاعتبار مواجهة العدوانية الأميركية.
ربما تكون أعظم هدية قدمها ترامب لبكين هي الخراب المطلق الذي أطلقته إدارته داخل الولايات المتحدة، وبينها وبين وحلفائها، وقد كانت الصين قادرة على استثمار الصراعات التي نشأت بين القوى الليبرالية أثناء محاولتها التغلب على نزعة ترامب الحمائية، وإنكار واقع تغير المناخ، والقومية، وازدراء جميع أشكال التعددية.
فخلال سنوات رئاسة ترامب، سعت الصين لتحويل سياساته لمصلحتها، وكانت النتيجة أن الصين حققت انتصارات عديدة مثل صفقة التجارة الحرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والمعروفة باسم الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، والاتفاقية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي والصين بشأن الاستثمار، والتي ستشرك الاقتصادات الصينية والأوروبية بدرجة أكبر بكثير من واشنطن. واليوم تنظر الصين بحذر إلى قدرة إدارة بايدن على مساعدة الولايات المتحدة على التعافي من تلك الجروح التي أصابتها بنفسها، ولقد شهدت بكين سابقاً عودة واشنطن إلى التعافي من الكوارث السياسية والاقتصادية والأمنية.
ومع ذلك، لا تزال الصين واثقة من أن الطبيعة الانقسامية المتأصلة للسياسة الأميركية، في الوقت الذي ينوي فيه بايدن إثبات خطأ بكين في تقييمها بأن الولايات المتحدة الآن في حالة تدهور لا رجوع فيه، وسيسعى إلى استخدام خبرته الواسعة في الكابيتول هيل لصياغة إستراتيجية اقتصادية محلية لإعادة بناء أسس القوة الأميركية في عالم ما بعد الوباء. ومن المرجح أيضاً أن يستمر في تعزيز قدرات الجيش الأميركي والقيام بما يلزم لدعم القيادة التكنولوجية الأميركية العالمية.
لقد قام الرئيس بايدن بحشد فريق من مستشاري الاقتصاد والسياسة الخارجية والأمن القومي الذين يتمتعون بالخبرة المهنية وذوي الخبرة الجيدة في شؤون الصين، وذلك بعكس أسلافهم في إدارة ترامب الذين مع بعض الاستثناءات، لم يكن لديهم فهم عميق للصين، ولا دراية كافية بكيفية جعل واشنطن تعمل تجاه ما يعده الأميركيون تهديداً صينياً، ويدرك مستشارو بايدن أيضاً أنه من أجل استعادة القوة الأميركية في الخارج، يجب عليهم إعادة بناء الاقتصاد الأميركي في الداخل بطرق من شأنها أن تقلل من عدم المساواة في البلاد، وتزيد من الفرص الاقتصادية لجميع الأميركيين، وسيؤدي القيام بذلك إلى مساعدة بايدن في الحفاظ على النفوذ السياسي الذي سيحتاجه لصياغة إستراتيجية براغماتية دائمة تجاه الصين وبدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ولإضفاء مصداقية على إستراتيجيته، سيعمل بايدن على تعزيز قوة الجيش الأميركي ليصبح متقدماً على مجموعة القدرات العسكرية المتطورة للصين، وستكون هذه المهمة أكثر صعوبة بسبب قيود الميزانية الشديدة، وكذلك الضغط من بعض التيارات داخل الحزب الديمقراطي لتقليل الإنفاق العسكري من أجل تعزيز برامج الرعاية الاجتماعية.
التحفظات الصينية تجاه إدارة بايدن..
لكي يُنظر إلى إستراتيجية بايدن على أنها ذات مصداقية في بكين، ستحتاج إدارته إلى الحفاظ على الميزانية الإجمالية للدفاع وتغطية النفقات المتزايدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ عن طريق إعادة توجيه الموارد العسكرية بعيداً عن المناطق الأقل إلحاحاً، مثل أوروبا.
وعندما تصبح الصين أكثر ثراءً وأقوى، فإن أكبر وأقرب حلفاء الولايات المتحدة سيصبحون أكثر أهمية من أي وقت مضى لواشنطن. ولأول مرة منذ عقود، ستطلب الولايات المتحدة قريباً من حلفائها استخدام ثقلهم بشكل جماعي للحفاظ على توازن شامل للقوى في مواجهة القوة الصينية.
وستستمر الصين في محاولة استقطاب الدول لإبعادها عن الولايات المتحدة – مثل أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة – باستخدام مزيج من سياسة العصا والجزرة الاقتصادية، وبالطبع ستحاول إدارة بايدن منع الصين من النجاح في ذلك، ولذلك ستقوم بفتح الاقتصاد الأميركي بالكامل لشركائها أمام الاستراتيجيين الرئيسيين.
فالولايات المتحدة تجادل بامتلاكها لواحد من أكثر الاقتصادات انفتاحاً في العالم, ولكن حتى قبل تحول ترامب إلى الحمائية، لم يكن الأمر كذلك، فلطالما أرهقت واشنطن حتى أقرب حلفائها بالحواجز الجمركية وغير الجمركية على التجارة والاستثمار ورأس المال والتكنولوجيا والابتكار.
وإذا كانت الولايات المتحدة ترغب في أن تظل مركز ما تسميه “العالم الحر” ، فعليها أن تنشئ اقتصاداً سلساً عبر الحدود الوطنية لشركائها وحلفائها الآسيويين والأوروبيين وأميركا الشمالية.
وللقيام بذلك، يجب على إدارة الرئيس بايدن التغلب على دوافع الحمائية التي استغلها ترامب، وتقديم الدعم لاتفاقيات التجارة الجديدة الراسخة في الأسواق المفتوحة. ولتهدئة مخاوف الناخبين المتشككين، سيحتاج إلى أن يُظهر للأميركيين أن مثل هذه الاتفاقيات ستؤدي في النهاية إلى انخفاض الأسعار، وتحسين الأجور، والمزيد من الفرص للصناعة الأميركية، وحماية أقوى للبيئة، ويؤكد لهم أن المكاسب التي تحققت من تحرير التجارة يمكن أن تساعد في تحسين السياسات المحلية الرئيسية في التعليم ورعاية الأطفال والرعاية الصحية.
وستسعى إدارة بايدن أيضاً إلى استعادة قيادة الولايات المتحدة في المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، حيث سيرحب معظم العالم بهذا بعد أربع سنوات من مشاهدة إدارة ترامب وهي تخرب الكثير من آليات النظام الدولي بعد الحرب.
الأولويات الأميركية في العلاقات مع الصين..
إن الضرر الذي أحدثته إدارة ترامب لن يتم إصلاحه بين عشية وضحاها، فالأولويات الأميركية الأكثر إلحاحاً تتمثل في إصلاح عملية تسوية المنازعات المعطلة في منظمة التجارة العالمية، وإعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، وزيادة رسملة كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي (لتوفير بدائل ذات مصداقية لبنك الاستثمار الآسيوي في البنية التحتية الصيني وبنكه- مبادرة الحزام والطريق)، واستعادة التمويل الأميركي لوكالات الأمم المتحدة المهمة، فمثل هذه المؤسسات كانت أدوات للقوة الناعمة للولايات المتحدة منذ أن ساعدت واشنطن في إنشائها بعد الحرب العالمية الثانية؛ كما أن تنامي القوة الصينية ينظر إليها أميركياً على أنها تؤثر في القوة الأميركية في مجالات عدة مثل الانتشار النووي والحد من التسلح.
ولذلك يحذر منظرو السياسة الخارجية الأميركية من أن استمرار تقوقع الولايات المتحدة سيضع مؤسسات النظام الدولي على نحو متزايد تحت تأثير الصين، نظراً للتمويل الصيني للمنظمات الدولية، وممارسة رجال أعمال صينيون نفوذاً متزايداً في هذه المنظمات.

آخر الأخبار
New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق The national interest: بعد سقوط الأسد.. إعادة نظر بالعقوبات على سوريا بلدية "ضاحية 8 آذار" تستمع لمطالب المواطنين "صحافة بلا قيود".. ندوة لإعداد صحفي المستقبل "الغارديان": بعد رحيل الديكتاتور.. السوريون المنفيون يأملون بمستقبل واعد باحث اقتصادي لـ"الثورة": إلغاء الجمرك ينشط حركة التجارة مساعدات إغاثية لأهالي دمشق من الهلال التركي.. السفير كوراوغلو: سندعم جارتنا سوريا خطوات في "العربية لصناعة الإسمنت" بحلب للعمل بكامل طاقته الإنتاجية الشرع والشيباني يستقبلان في قصر الشعب بدمشق وزير الخارجية البحريني عقاري حلب يباشر تقديم خدماته   ويشغل ١٢ صرافا آلياً في المدينة مسافرون من مطار دمشق الدولي لـ"الثورة": المعاملة جيدة والإجراءات ميسرة تحسن في الخدمات بحي الورود بدمشق.. و"النظافة" تكثف عمليات الترحيل الراضي للثورة: جاهزية فنية ولوجستية كاملة في مطار دمشق الدولي مدير أعلاف القنيطرة لـ"الثورة": دورة علفية إسعافية بمقنن مدعوم التكاتف للنهوض بالوطن.. في بيان لأبناء دير الزور بجديدة عرطوز وغرفة العمليات تثمِّن المبادرة مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا