الثورة – خاص:
أحدثت الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع عسكرية ونووية في العمق الإيراني، فجر الجمعة، حالة من القلق الدولي العميق، وسط تصاعد التحذيرات من الانزلاق نحو صراع مفتوح قد يهدد استقرار المنطقة برمّتها.
وبينما وصفت إسرائيل العملية بـ”الاستباقية” ضد ما اعتبرته تهديداً وشيكاً، جاءت المواقف الرسمية الإقليمية والدولية متباينة، بين من دعا لضبط النفس، ومن اعتبر العملية تصعيداً خطيراً، ورصدت “الثورة” أبرز الردود الدولية والإقليمية عقب الضربات.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى “أقصى درجات ضبط النفس”، محذراً من أن أي تصعيد إضافي قد تكون له “نتائج لا تُحمد عقباها” على أمن المنطقة والعالم. وأكد بيان صادر عن المنظمة أن الغارات الجوية تشكّل انتهاكًا واضحاً لميثاق الأمم المتحدة، مطالباً جميع الأطراف بالعودة إلى طاولة الحوار.
في موقف فُسّر على أنه محاولة للنأي بالنفس عن تبعات التصعيد، أكدت واشنطن أن إسرائيل نفذت الضربات من جانب واحد دون تنسيق مباشر مع الولايات المتحدة. وقال وزير الخارجية ماركو روبيو إن بلاده “أُبلغت مسبقاً” بالعملية لكنها “لم تشارك فيها”، وبين أن “الولايات المتحدة غير معنية بأي صراع جديد في المنطقة”، مطالباً إيران بعدم الرد على القوات أو المصالح الأمريكية.
أوربياً، دعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيانات منفصلة إلى “وقف أي عمليات عسكرية فورية”، وحذّرت من تداعيات الضربة على مستقبل الملف النووي الإيراني. وطالبت الحكومات الأوروبية بضرورة استئناف المسار الدبلوماسي، محذّرة من أن التصعيد العسكري سيقوّض كل فرص الاستقرار.
في السياق العربي، أعربت قطر عن إدانتها “بأشد العبارات” للهجوم الإسرائيلي، مؤكدة أنه “يهدد أمن المنطقة ويشكل انتهاكاً صارخاً للسيادة الإيرانية”. وشددت سلطنة عمان على ضرورة اعتماد الوسائل السلمية لحل الخلافات، بينما حذرت السعودية من “النتائج الوخيمة” لأي تحركات عسكرية متبادلة، مطالبة كافة الأطراف بـ”وقف الاستفزازات والتصرفات الأحادية”.
أما موقف الصين والهند، فقد دعت الصين إلى وقف فوري للأعمال العسكرية، وحثت على تسوية النزاع بالحوار والطرق السلمية، فيما أبدت الهند “قلقها العميق” إزاء التطورات المتسارعة، مؤكدة ضرورة الحفاظ على استقرار المنطقة. أما روسيا، فوصفت الضربات الإسرائيلية بأنها “استفزاز خطير” ودعت إلى اجتماع طارئ في مجلس الأمن.
أدّت الضربة الإسرائيلية إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار النفط، وسط مخاوف من تعطّل إمدادات الطاقة من الشرق الأوسط. وتراجعت مؤشرات الأسواق المالية العالمية، خصوصاً في آسيا وأوروبا، تأثراً بالتوترات الجيوسياسية المفاجئة.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل “نجاح المرحلة الأولى من الهجوم”، يواصل العالم مراقبة رد الفعل الإيراني. وقد أعلنت طهران أن قواتها الجوية والدفاعية في حالة تأهب قصوى، متوعّدة بالرد “في الزمان والمكان المناسبين”، وهو ما يُبقي المنطقة على حافة انفجار محتمل، في ظل تشابك الحسابات وتعقّد التوازنات الدولية.
الغارات الإسرائيلية داخل إيران فتحت الباب أمام سيناريوهات شديدة التعقيد، ووضعت العالم أمام اختبار دقيق يتصل بتوازن الردع والاستقرار في الشرق الأوسط. وبينما تطالب غالبية العواصم بوقف التصعيد، يبقى الرد الإيراني هو العامل الحاسم في رسم ملامح المرحلة المقبلة، وما إذا كانت الأزمة ستتجه نحو مواجهة مباشرة، أم تُفتح نافذة دبلوماسية أخيرة لتفادي الحرب.