الثورة – نيفين أحمد
في مشهد يختلط فيه الرمز الديني بالدلالة السياسية، شهد مسجد جمكران في مدينة قم الإيرانية مؤخراً رفع العلم الأحمر المكتوب عليه “يا لثارات الحسين” فوق قبته الفيروزية، ما أثار الجدل داخل إيران وخارجها، لما يحمله هذا الفعل من إشارات ثقيلة المعنى في الوجدان الشيعي والسياسة الإيرانية المعاصرة.
“يا لثارات الحسين” شعار الثأر من كربلاء إلى الحاضر
عبارة “يا لثارات الحسين” ترجع بجذورها إلى معركة كربلاء، عندما قتل الإمام الحسين بن علي عام 680م. هذه الكلمات أصبحت شعاراً للثأر ، وظلت حاضرة في الوجدان الشيعي كنداء للمقاومة والانتقام.
إيران، التي تعتمد على البعد الديني الشيعي في تشكيل خطابها السياسي، توظف هذا الشعار في لحظات مفصلية، خصوصاً عندما تتعرض شخصيات قيادية مقربة من الحكام أو حلفائه في المنطقة
واختيار مسجد جمكران لم يكن عشوائياً. فالمسجد هو رمز للخلاص والعدل الإلهي بالنسبة لهم. بالتالي، رفع العلم على قبته يحمل رسالة ضمنية “أن الثأر المنتظر ليس فقط دنيوياً، بل يحمل بعداً مهدوياً وإلهياً”.
بحسب تقارير إعلامية نشرتها النهار 2024 فإن هذا العلم لا يُرفع إلا في حالات خاصة جداً، وغالباً ما يُرافقه خطاب تعبوي ورسائل سياسية تتعدى الحدود الإيرانية.
في يناير 2020، وبعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني بضربة أمريكية في بغداد، رُفع ذات العلم فوق مئذنة مسجد جمكران. بقي هناك كرمز لنية “الثأر”، إلى أن أُعلنت لاحقاً ضربات صاروخية إيرانية ضد قواعد أمريكية في العراق، قالت طهران إنها جاءت رداً على تلك الحادثة.
ومؤخراً، أعادت إيران هذا المشهد بعد اغتيال 3 من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في غزة (يوليو 2024). هذه الخطوة فُسرت بأنها إشارة جديدة بأن الرد قادم، وربما ليس بالضرورة من إيران مباشرة، بل من محور حلفائها في المنطقة.
ماذا يعني رفع العلم الأحمر؟
وفقاً لمصادر إعلامية “الشرق الأوسط، فرانس برس” يُرفع العلم في أوقات الحداد الثوري أو بعد اغتيالات تمس رموزاً عقائدية أو عسكرية.
ويُستخدم كأداة تعبئة دينية وسياسية في الداخل الإيراني. ويحمل رسائل ردعية للخصوم في الخارج، خصوصاً الولايات المتحدة وإسرائيل.
لا يُنزل العلم عادةً إلا بعد إعلان ما تعتبره إيران “رداً مناسباً” أو “الثأر المستحق”.
وبالنسبة للرمزية والدلالة يعتبر اللون الأحمر الدم والثأر والانتقام
عبارة “يا لثارات الحسين” ربط الحاضر بالمظلومية التاريخية لكربلاء
مسجد جمكران بعد مهدوي- عقائدي يعزز من مشروعية “الثأر”
رفع العلم الأحمر فوق مسجد جمكران هو أكثر من مجرد فعل ديني؛ إنه بيان سياسي مشفّر بلغة العقيدة، تعلن فيه إيران أن زمن الرد قد حان، وأن مشروعية هذا الرد تستمد جذورها من كربلاء الحسين.والثأر ليس مجرد خيار، بل واجب عقائدي.